مد فترة تسجيل الطلاب الوافدين بجامعة الأزهر حتى مساء الأربعاء    محافظ الإسماعيلية يوافق على تشغيل خدمة إصدار شهادات القيد الإلكتروني    حماس ترفض زيارة الصليب الأحمر للأسرى في غزة    وسائل إعلام أمريكية تكشف تفاصيل الاتفاق بين واشنطن وتل أبيب على اجتياح لبنان    ناصر منسي: هدفي في السوبر الإفريقي أفضل من قاضية أفشة مع الأهلي    ضبط نسناس الشيخ زايد وتسليمه لحديقة الحيوان    انخفاض الحرارة واضطراب الملاحة.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الثلاثاء    أحمد عزمي يكشف السر وراء مناشدته الشركة المتحدة    صحة دمياط: بدء تشغيل جهاز رسم القلب بالمجهود بالمستشفى العام    للمرة الأولى.. مجلس عائلات عاصمة محافظة كفر الشيخ يجتمع مع المحافظ    "مستقبل وطن" يستعرض ملامح مشروع قانون الإجراءات الجنائية    فعاليات الاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس أندية السكان بالعريش    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    بعد 19 عامًا من عرض «عيال حبيبة».. غادة عادل تعود مع حمادة هلال في «المداح 5» (خاص)    «إيران رفعت الغطاء».. أستاذ دراسات سياسية يكشف سر توقيت اغتيال حسن نصر الله    كيفية التحقق من صحة القلب    موعد مباراة الهلال والشرطة العراقي والقنوات الناقلة في دوري أبطال آسيا للنخبة    الأربعاء.. مجلس الشيوخ يفتتح دور انعقاده الخامس من الفصل التشريعي الأول    للمرة الخامسة.. جامعة سوهاج تستعد للمشاركة في تصنيف «جرين ميتركس» الدولي    ضبط نصف طن سكر ناقص الوزن ومياه غازية منتهية الصلاحية بالإسماعيلية    مؤمن زكريا يتهم أصحاب واقعة السحر المفبرك بالتشهير ونشر أخبار كاذبة لابتزازه    تفاصيل اتهام شاب ل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه.. شاهد    الرئيس السيسي: دراسة علوم الحاسبات والتكنولوجيا توفر وظائف أكثر ربحا للشباب    الأمن القومي ركيزة الحوار الوطني في مواجهة التحديات الإقليمية    القاهرة الإخبارية: 4 شهداء في قصف للاحتلال على شقة سكنية شرق غزة    أمين الفتوى يوضح حكم التجسس على الزوج الخائن    قبول طلاب الثانوية الأزهرية في جامعة العريش    كيف استعدت سيدات الزمالك لمواجهة الأهلي في الدوري؟ (صور وفيديو)    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية بقرية كفر الحلواصى فى أشمون    مؤشرات انفراجة جديدة في أزمة الأدوية في السوق المحلي .. «هيئة الدواء» توضح    حدث في 8ساعات| الرئيس السيسى يلتقى طلاب الأكاديمية العسكرية.. وحقيقة إجراء تعديلات جديدة في هيكلة الثانوية    "طعنونا بالسنج وموتوا بنتي".. أسرة الطفلة "هنا" تكشف مقتلها في بولاق الدكرور (فيديو وصور)    رمضان عبدالمعز ينتقد شراء محمول جديد كل سنة: دى مش أخلاق أمة محمد    التحقيق مع خفير تحرش بطالبة جامعية في الشروق    "رفضت تبيع أرضها".. مدمن شابو يهشم رأس والدته المسنة بفأس في قنا -القصة الكاملة    تأسيس وتجديد 160 ملعبًا بمراكز الشباب    إنريكى يوجه رسالة قاسية إلى ديمبيلى قبل قمة أرسنال ضد باريس سان جيرمان    هازارد: صلاح أفضل مني.. وشعرنا بالدهشة في تشيلسي عندما لعبنا ضده    وكيل تعليم الفيوم تستقبل رئيس الإدارة المركزية للمعلمين بالوزارة    5 نصائح بسيطة للوقاية من الشخير    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    تم إدراجهم بالثالثة.. أندية بالدرجة الرابعة تقاضي اتحاد الكرة لحسم موقفهم    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    فرنسا: مارين لوبان تؤكد عدم ارتكاب أي مخالفة مع بدء محاكمتها بتهمة الاختلاس    أفلام السينما تحقق 833 ألف جنيه أخر ليلة عرض فى السينمات    5 ملفات.. تفاصيل اجتماع نائب وزير الصحة مع نقابة "العلوم الصحية"    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاطف حلمي: الانتخابات البرلمانية وحسبة برما
نشر في البديل يوم 20 - 09 - 2011

دخلنا جميعاً في نفق مظلم أسمه الانتخابات البرلمانية، وعلى طريقة “البيضة أم الدجاجة” لم يعد هناك من يريد أن يصمت قليلاً ويسمع صوت العقل، فالكل يضع العقدة في المنشار، المجلس العسكري يستند إلى آراء الفقهاء الدستوريين، والغالبية العظمى تستند إلى المصلحة العامة، فلم يخلق الناس من أجل الدستور بل أن الدساتير توضع في خدمة الشعوب من خلال إقرار العدل والمساواة عبر نظام ديمقراطي الكلمة الأولى والأخيرة فيه للشعب، فالدستور أولاً وأخير عقد اجتماعي وليس خنجراً في قلب الديمقراطية.
المسألة ببساطة أن دستور 1971 والذي أدخل عليه السادات بعض التعديلات ثم جاء المغلوع ليجعله دستوراً مهلهلاً، كان سنداً للطعن على نظام القوائم الذي أجريت به انتخابات 1984 وحل المجلس عام 1987، والتي أعادت الحياة إلى حد ما إلى التجربة الحزبية بعد طول غياب عن الساحة السياسية االجماهيرية، وأستند الطعن على نظام القوائم إلى أنه حرم المستقلين من الترشيح في ظل ندرة ما لم تكن استحالة تشكيل احزاب جديدة حتى أن بعض الاحزاب التي تم التقدم بها إلى لجنة شؤون الأحزاب في ذاك الوقت ظلت قرابة الربع قرن تكافح وتناضل في أروقة القضاء من دون جدوى.
وبالغاء نظام القوائم استطاع المخلوع إعادة مارد الأحزاب إلى القمقم ومن ثم قام بتقليم أظافرها وحولها إلى أحزاب كرتونية هامشية أدمنت العيش على الفتات السياسي ورضعت وشبت وشاخت وماتت اكلينيكا في عهد النظام البائد، بل أن معظم قيادات هذه الأحزاب فقدت شرعيتها وغرقت في مستنقع الانشقاقات التي دبرها النظام البائد بعدما استطاع اختراق تلك الاحزاب الطفيلية من القمة إلى القاع.
والغريب أن المسؤولين عن تنظيم العملية الانتخابية ادخلونا في متاهات لا أول لها من اخر، فإذا كانت حجتهم في تبني ذلك النموذج الهجين بين نظامي القائمة والفردي هو حكم المحكمة الدستورية الذي على أساسه تم حل مجلس الشعب في عام 1987 والذي تم انتخابة بالقائمة النسبية عام 1984 ، فهذا حق يراد به باطل ومردود عليه بأكثر من حجة.
اولاً عندما تم الطعن على نظام القوائم لم يكن هناك أي اشارة في الدستور للاحزاب من قريب أو بعيد فلقد خرجت الأحزاب من رحم الاتحاد الاشتراكي الذي تحول إلى نظام المنابر الذي اخترعه السادات والتي تحولت فيما إلى الأحزاب، وكل هذا تم بعد صدور دستور 1971 ولم يتواكب معها تعديلات دستورية ترسخ شرعية الحياة الحزبية وتضمن حرية تشكيلها.
وهنا نأتي لمعضلة ” البيضة والدجاجة”، فالدستور الذي يتذرع به الفقهاء الدستوريين يفترض بعد ثورة 25 يناير المجيدة أنه أصبح في خبر كان، وعليه أما أن يكون هناك إعلانا دستوريا يتضمن النص صراحة على ترسيخ الحياة الحزبية ويعلي من شأنها، بحيث تكون المنافسات البرلمانية على أساس القوائم الحزبية وهو أمر معمول به في العديد من الدول، أو أن يتم إصدار الدستور الدائم أولاً وبذلك يكون هو الفيصل والحكم، وساعتها لن يتذرع الفقهاء الدستوريين بدستور 1971، الذي أصبح خارج سياق الزمن.
ثانياً : إذا كان دستور 1971 لايزال قائماً فلماذا قام المجلس العسكري باصدار الإعلان الدستوري والاستفتاء عليه ولماذا كانت كل هذه الجلبة والمتاهة التي ادخلونا فيها وتركونا نضرب اخماساً في اسداس، وهنا لماذا لاينص الإعلان الدستوري على دور الأحزاب وينهي حالة الجدل العقيم والمفاوضات والمساومات خاصة أن هناك شبه اجماع على نظام القائمة، ورفض النظام الفردي الذي سيفتح أبواب جحيم سياسي وفوضى بدخول الفلول ورأس المال والعصبية العائلية والقبلية خاصة أن النظام الهجين والمشوه المقترح يعطي المستقلين 50 في المائة من مقاعد مجلس الشعب.
وما يثير الكثير من التساؤلات هو عدم الانصات لغالبية القوى السياسية الرافضة والمتحفظة على النظام الانتخابي المزمع تطبيقه، حتى أننا دخلنا في متاهة المناقشة من دون أي استجابة بينما الزمن يداهم القوى الثورية الشابة ومعظم الاحزاب الجديدة التي ستجد نفسها وجهاً لوجه أمام استحقاق انتخابي وهم لاحول لهم ولا قوة أمامه إلا إذا كان هناك من يريد العودة بنا إلى نموذج مستنسخ من النظم السابق بحيث نجد قوة واحة مهيمنة تدور في فلكها أحزاب هامشية أدمنت التقاط الفتتات المتساقط من المؤائد السياسة.
ثالثاً : أين هي الشرعية الثورية وأين هي ثمار الثورةوالتي تأتي في مقدمتها العدالة بكل صنوفها، لقد استطاع البعض العودة بكل القوى السياسية ووضعها في ركن الحلبة والسيرك الذي أقامه النظام البائد، تاركاً الأغلبية الصامتة والشباب على هامش الحياة سياسيا واجتماعياً وأقتصادياً.
رابعاً : جاء حكم المحكمة الدستورية بناء على أن نظام القائمة يحرم المستقلين من الترشح وكان هذا الأمر منطقيا وقتها نظرا لصعوبة تشكيل الأحزاب في ذاك الوقت أما الآن فحرية تشكيل الأحزاب بلا حدود، ومن ثم فأن التذرع بعدم تكافؤ الفرص أصبح مبررا ضعيفا، بل يمكن للمستقلين الذين لاينتمون لأي أحزاب أن يشكلوا قوائم مفتوحة لهم، بمعنى أن كل مجموعة منهم تلتقي حول عدد من المبادىء والرؤىء السياسية يحق لهم تشكيل قائمة بذاتها وهذا أمر يمكن تطبيقه بسهولة، كما أنه يصون النظام الحزبي والانتخابي من البلطجة وسيطرة رأسمال رجال الأعمال وشراء الأصوات الذي كان يتم جهاراً نهاراً وكلنا شاهدنا كيف كان هؤلاء يشترون الصوت بخمسين أو مائة جنيه حيث يحصل الناخب على نصف ورقة العملة قبل التصويت والنصف الآخر بعد التصويت وما تبع ذلك من استخدام كاميرات المحمول في التأكد من بيع الناخب لصوته.
أننا نريد منافسات حزبية حقيقية عبر برامج وأفكار سياسية ومن ثم يكون التصويت للبرامج والأحزاب والقناعات وليس من خلال الأشخاص والمال السياسي، والعصبية القبلية والعائلية، وشراء الأصوات بعلبة سمن أو كرتونة مواد غذائية، لقد آن الآوان لقيام دولة ديمقرطية حقيقية بعدما سئمنا من مسرحية الانتخابات الفردية والتزوير وتلك الترهات التي ضاعت فيها القيم السياسية، وأصبحنا نرى تحت قبة البرلمان النائب الصايع ونواب النقوط والقروض والهبش والتهليب ونهب ثروات الوطن، فلتنزل الأحزاب السياسية الساحة والبقاء سيكون للأفضل من حيث البرامج والآداء السياسي الحقيقي تشريعياً ورقابياً.
وإذا كان القائمون على مقاليد الأمور في البلاد الآن سواء المجلس العسكري أو حكومة شرف التي اثبتت الفشل الذريع، أقول إذا كانوا يؤكدون أن لجنة إعداد الدستور سوف تكون من خارج أعضاء مجلس الشعب القادم، فلماذا لا يتم أصدار الدستور أولاً وبذلك نستفيد من كل الطاقات والتيارات ومنظمات المجتمع، وفي نفس الوقت تجرى الانتخابات على أساس هذا الدستور، بدلاً من هذه المتاهة التي يبدو أنها لن تنتهي، وإذا انتهت وفقا للمؤشرات الحالية فلن تكون مرضية لمعظم القوى السياسية وسوف ندخل في متاهات أخرى بعد أصدار الدستور عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية كما هو مقدر الآن، وساعتها نحتاج إلى إقرار قانون واضح للانتخابات والممارسة السياسية، خاصة أنه بعد الاستفتاء على الدستور يصبح مجلسي الشعب والشورى في حكم المنحلين ولابد من إجراء انتخابات برلمانية جديدة.
ما يحدث الآن سوف يدخلنا في “حسبة برما” سياسية مصر في غنى عنها فالأفضل اصدار دستور دائم وترتيب البيت السياسي تماما من الداخل وساعتها سيكون هذا الدستور هو الفيصل بدلاً من الحوارات المطولة حول القائمة وتقسيم الدوائر، وإذا كان هناك من يقول إن إصدار دستور جديد سوف يستهلك الكثير من الوقت ويؤخر انتقال السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، أليس ما نحن فيه الآن تتضييع للوقت والجهد لقد مرت شهور طويلة ولانزال محلك سر ما لم نكن تراجعنا كثيراً للخلف، كذلك فأن الحياة الديمقراطية السليمة تستوجب وضع دستور أولاً نحتكم إليه جميعاً بدلاً من هذه الفوضى التي لم تسفر حتى الآن سوى عن مزيد من تشرذم القوى السياسية والدخول في دوامة استنزفت كل الجهود وتكاد تعرقل تماما حركة التحول الديمقراطي السليم، وعندما ستصاب القوى السياسية باليأس سوف نجدها تدخل في العاب التنازلات من أجل مكاسب ضيقة وساعتها سيكون الخاسر الأكبر هو الوطن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.