أعادت الهيئة العامة لقصور الثقافة، طباعة كتاب «رسالة الحياة» للراحل الدكتور إبراهيم ناجي، شاعر الأطلال، بتقديم محمد ناجي، رئيس الجمعية الثقافية لقاعة صاحب الكتاب، ليكون من أحدث إصداراتها خارج السلاسل خلال نوفمبر الجاري، بغلاف الدكتور خالد سرور. وتناول «إبراهيم ناجي» في هذا الكتاب أبوابًا من المعرفة، كل منها يمت للحياة بصلة وثيقة، ويجمع من شملها ما تفرق من أدب رائع وعلم نافع، تزخر بهما هذه الحياة العامرة، ونرى أن المؤلف في كتابه واسع الخيال، واضح الأسلوب، ناصع التعبير، يحط على كل غصن في شجرة هذه الحياة. وجاء كتاب «ناجي» بتقديم الشاعر الراحل أحمد رامي، ليحكي لنا في بدايتها كيف تعرفا على بعضهما البعض، فيقول: «كنت أقرأ له- ولم أكن أعرفه- على صفحات الجرائد قصائد تمس نفسي وتلهب حسي، ويصل ما بين روحه وروحي من العاطفة ما يمزج روحين غريبين في سماء الوحشة إذا التقتا على نغم حزين، أحببته لنفسه وشعره دون أن أعرف الصلة بين هذين الاثنين». وعن «رسالة الحياة»، يقول: «كتاب تناول فيه أبوابًا من المعرفة كل منها يمت إلى الحياة بصلة وثيقة، وقسمه إلى رسائل كل منها في باب من أبواب المعرفة، فبدأ برسالة الأدب، وهو هواه قبل كل شئ، فتكلم عن الجمال والواقع والخيال، وتناول الشعور والإحساس، فقال إن العاطفة هي الوقود وهي الإشراق المنبعث من الفن، وتكلم عن التعبير وهو جوهر الأدب وآيته تأدية رسالة الجمال، وخلص في بحثه إلى أن العمل الفني مدين للوعي والشعور، وأن ما يصنع الأديب هو محاولة الخروج عما هو شخصي إلى ما هو إنساني». كما قدم ناجي رسالتله عن البلاغة، فقال إنها استعمال روح اللفظ لا ذاته، وسمى ذلك الموسيقى الباطنية أو الهمس الداخلي، وهو في رأيه سر الرمزية، وهي المدرسة التي يتنبأ لها بالبقاء. وتناول رسالة الحضارة، فقال إنها مبنية على تحرير النفس من العبودية والأنانية، وتحرر الفكر من عبودية الجمود، وتكلم في رسالة علم النفس عن الشخصية، فقال إن الإنسان لم يصبح إنسانًا إلا حين أخذ يعرف أن هناك علاقة بينه وبين غيره، قائلًا عن هذه العلاقة أنها فجر الشخصية. وناقش بعد ذلك مواجهة النفس ومواجهة الحياة، مؤكدًا أن العثور على العمل والصديق يصرف النفس عن التفكير في الهموم. وفي رسالة العقل فتحدث عن تطور العقل البشري، وأنه وحدة تتكون من 3 عناصر (الشعور، الذكاء، الإرادة)، وخلص من كل هذا إلى أن الذكاء الآدمي مكون من عناصر الاختبار والمقارنة وإدراك الفروق واستخلاص النتائج والتحليل ثم الابتكار أو الخلق. ولم يغفل في رسائله الشباب، فتكلم عن التعليم والعقاب والثواب والوعظ، كما تكلم عن لطفل، معارضًا فكرة الطاعة العمياء، ثم وصفها أنها نوع من العبودية. كذلك سرد أخطاء الشباب، فقال إنها الأنانية وحب الصراع والاستهتار والتحدي والاندفاع العاطفي "الخيالي". وفي رسالة النقد تكلم عن النقد الأدبي، وقرر أن الناقد يجب أن تكون له ذهنية الفيلسوف والفنان معًا، واقتبس عن "تشيكوف" إذ يقول لأحد أصدقائه النقاد البعيدين عن الجمهور: «تعال، اختلط، استغرق في الزحام، تنفس أدبًا لكي تعرف كيف تنقد أدبًا». وتناول في رسالة الأخلاق علاقتها بالدين وعلم النفس، وذكر رأي "داروين" في بقاء الأصلح، ثم فرق بين الأصلح في عرف "داروين" وفي غرفه هو. وعرض في رسالة الأدب الروسي إلى ثورته على الاتجاهات الأدبية، وتكلم عن الأدب في ظل العاطفة والعقل. وفي ختام تقديم "رامي" ل«رسالة الحياة»، أكد أن هذا الكتاب زاخر بالنور في شتى الآفاق من الفكر البشري بعثها مؤلفها إلى القراء، وخاطبهم فيها بلغة الشاعر المبين. وقال: كنا نعرف ناجيًا شاعرًا في طليعة هذا الجيل، فمن الحق الىن أن نسجل أنه في الطلعية كذلك من المفكرين الموهوبين، روحًا تحس وتعبرعن هذا الإحساس، في أي إطار من التعبير. وعن كتابه، قال شاعر الأطلال: «رسالة الحياة هي استمرار للحياة، وإذا نظرنا لداخل النفس وجدنا أن سكنتها وصلاحيتها تتوقفان على توازن القوى الداخلية، وفي المجموع يتضح لنا أهمية التوازن الاقتصادي، فهذا هو أساس الرخاء وأصل الأمن، ومنشأ الحضارات الزاهية، ولا سبيل إليه إلا بتكاتف الأفراد معًا على الميزان».