الوساطه قضت على حلم خريجى المؤهلات العليا والمتوسطة ولجأوا للنحت والتكسير على كوبرى بنها يصطف طابور من الرجال فى انتظار من يختارهم للعمل لديه فى نحت وتكسير "كل الوظائف بالوساطة وأنا مش معايا فلوس للوساطة" كلمات رددها محمد عبد العزيز 32 سنة متزوج ولدية طفلان بمؤهل متوسط، يقول إنه تقدم بشهادته العديد من المرات دون جدوى وبعد أن طلب منه أحد الأشخاص مبلغ 10 آلاف جنيهات ليحصل على وظيفة بمديرية الأوقاف بالقليوبية لجأ الى عمل نحات وتكسير وهى مهنة غير مستقرة تأتى بالمال يوم وتنقطع أيام على حد قوله. تعد مشكلة البطالة فى مصر فى تزايد مستمر فبعد أن كانت نسبة البطالة فى مصر 10% عام 2006 أصبحت اليوم 13% لهذا العام، وتعتبر مشكلة البطالة من أهم المشكلات التى تواجه المجتمع فهى المسئولة عن معظم الجرائم من سرقة بالإكراه والقتل التى يفعلها العاطلون فى المجتمع من أجل الحصول على المال أو فى الانتحار هربًا من مواجهة الحياة، وصعوبة الحصول على وظيفة أدت الى استسلام العديد من الشباب إلى السفر للخارج بطرق غير شرعية وتتسبب فى وفاة البعض والقبض على آخرين. وترجع أسباب مشكلة البطالة في الجزء الأكبر منها إلى أسباب هيكلية تعود إلى طبيعة نمو الاقتصاد المصري كاقتصاد نام يعاني من اختلالات هيكلية داخلية وخارجية تتمثل في الاختلال في ميزان المدفوعات والاختلال في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب وجود فجوة كبيرة بين كل من الادخار والاستثمار وبالتالي الإنتاج والاستهلاك وزيادة معدل النمو السكانى وتضخم عدد الخريجين الذين يضخوا إلى سوق العمل سنويًا وعدم التزام الحكومة بتقديم التأمين ضد البطالة وذلك لعمال القطاع الخاص والتقلص المستمر لدور الحكومة والقطاع العام فى خلق فرص عمل جديدة و تحميل تلك المسئولية للقطاع الخاص والانخفاض المستمر فى الطلب على العمالة كنتيجة للتحديثات التكنولوجية وضعف القدرة على جذب الاستثمارات الأجنبية وبطء النمو الاقتصادى وانخفاض الطلب الداخلى كنتيجة للركود الاقتصادى العام وتواضع معدلات زيادة إنتاجية العمل. على كوبرى مدينة بنها ترى العديد من الرجال بداية من سن العشرين وحتى الشيخوخة من مؤهلات عالية ومتوسطة ينتظرون من يأتى ليختار أى شخص منهم ليعمل لديه" نحت وتكسير" بالأجرة اليومية، ومنهم من يعول أسرة كاملة، والمسئولون غير مكترثين بوجودهم وبمشاكلهم ومحاولة إيجاد حلول لها. وأثرت عدم استقرار الحياة السياسية فى مصر سلبًا على الحالة الاقتصادية وبالتالى على البطالة بسبب الاضطرابات التى تعانى منها الدولة من كثرة احتجاجات وأعمال عنف وإرهاب. التقت " البديل " مجموعة من الذين يعانون من البطالة فى القليوبية ولجأوا لعمل النحت والتكسير الشاق والذى لا يكفل لمواطن حياة كريمة أو معاش أو تأمين فى حالة حدوث مشاكل جسمانية ويعرضهم للمهانة أحيانًا لتستمع إلى مشكلاتهم، و يقول الحاج محمد أبو الحسن 59 سنة إنه يعمل فى مجال النحت والتكسير منذ سنتين، وذلك بعد فشله سنين طويلة فى الحصول على عمل وبعد أن أصبح رجلا فى سن الشيخوخة ولم يستطع أن يعمل عمله القديم" تباع سيارة نقل" وأصبح بلا عمل وبلا معاش وغير مؤمن لجأ إلى هذا العمل حتى يستطيع أن يعيش ويكسب قوت يومه. وبدأ مجدى على 45 سنة كلامه ب " مش عايزين حاجة من حد وكل حاجة نصيب" وقال إنه يعمل فى مجال النحت والتكسير منذ 20 سنة بعدما فشل فى الحصول على وظيفة حكومية على مدار العشرين سنة الماضية ويتمنى لو يحصل على وظيفة لتريحه من تعب هذا العمل، حتى لا يصل إلى سن الشيخوخة وهو لا معاش له ولا يستطيع كفالة أسرته. ويقول صبرى سعيد 51 سنة " قدمت فى أماكن كثيرة، لكن اليد القوية عفية" ويعمل صبرى فى النحت والتكسير منذ 15 سنة ولدية 4 أولاد ويقول إنه قدم فى كثير من الأماكن، لكن دون جدوى، فالوساطة قضت على حلم حياته فى الحصول على وظيفة دائمة يعول منها أسرته. أما محمد حجازى ليسانس حقوق يقول إنه فقد الأمل فى الحصول على وظيفة بمؤهله، ولجأ للنحت والتكسير منذ خمس سنوات، وبعد أن قدم فى العديد من الوظائف الحكومية وغير الحكومية والوساطة شرط أساسى، وجد النحت والتكسير لا وساطة فيها والرزق بيد الله. هؤلاء لديهم الحق فى العمل وراغبين فيه، لكن الوساطة قضت على أحلامهم فى عمل دائم يكفل لهم معاشا وتأمينا حتى إذا بلغ عمر الشيخوخة يجد مايستند عليه والمال الذى يوفر له استهلاكه فى الحياة.