صرح مسئول أمريكي بأن إدارة الرئيس باراك أوباما، على سبيل معاقبة الجيش المصري بعد عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي – قررت تعليق المعونة التي تقدمها بلاده إلى مصر، على أن يتم تطبيق القرار ووقف لمساعدات بالكامل رسميا خلال الأيام المقبلة. من جانبه نفى البيت الأبيض ذلك، وكشف عن عزم الولاياتالمتحدة الاستمرار في إرسال المعونات المقررة لمصر. أدى هذا التضارب إلى حالة من السخط الشعبي بسبب التلويح الدائم بقطع المعونة، كنوع من التدخل السافر في الشأن المصري وفرض شروط خارجية على الإرادة الشعبية. «البديل» أمسكت بخيط التهديدات الأمريكية بقطع المعونة، وحالة «البين بين» التي ربما يمكن القول إنها مقصودة بتسريب التلويح بقطع المعونات ثم نفي ذلك، لتظل البلبلة مستمرة والشكوك قائمة، والتقت في محاولة قراءة المشهد بعدد من السياسيين. قال الدكتور إكرام بدر الدين – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الحديث عن المعونة والمساعدات الأمريكية لا يمكن فصله عن الواقع السياسي، والنتائج المترتبة على ما بعد 30 يونيو، كما أن تضارب التصريحات في الولاياتالمتحدة ينم عن طبيعة النظام الأمريكي؛ لأن البيت الأبيض أو الكونجرس لكل منهم رأي مخالف للآخر. وما أدى إلى كثرة التلويح بورقة المعونة في هذه الفترة، محاولة مصر اتخاذ خطوة على طريق الاستقلالية، والخروج ولو بقدر عن تبعيتها الكاملة للغرب، حتى تتخلص من القيود التي تفرضها عليها بعض الدول، والمقابل هو تقديم مساعدات عسكرية أو اقتصادية، لذلك ينبغي أن تكون هناك خطوات واضحة المعالم ورؤية للتخلص من تلك القيود. وأضاف أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الدبلوماسية المصرية يجب عليها تأكيد أن المعونة ليست ورقة ضغط، وأمريكا غير قادرة على لي ذراعنا بواسطتها، لأن ما تقدمه لنا من مساعدات تأتي تشجيعا على التوجه نحو السلام، بموجب اتفاقية «كامب ديفيد» الموقعة بين مصر وإسرائيل، أي أنها تحقق فائدة مشتركة بين البلدين وليست إحسانا من جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية، لكنها «كارت» وحيد لإعاقة توجهات مصر نحو الاستقلال الوطني. من جانبه قال الدكتور مختار غباشي – نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن العلاقة بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية ثابتة منذ توقيع اتفاقية السلام بين مصر والجانب الإسرائيلي عام 1979، وبمقتضى هذه الاتفاقية تحصل مصر على مساعدات عسكرية واقتصادية، ومن ثم فهذه المعونات ليست من قبيل المن على مصر، وإنما تعد التزامًا ضمن الاتفاق الموقع آنذاك، وبالتالي فقرار قطعها ليس قرارا منفردا تستطيع أمريكا اتخاذه. وأكد «غباشي» أن مصلحة الولاياتالمتحدة تحتم عليها الاستمرار في تقديم المعونة، نظرا للعلاقة الإستراتيجية الخاصة بين الجيش المصري وما يخص تسليحه وبين أمريكا، ففي عام 2008 رفعت حجم المساعدات إلى 8 مليار و500 مليون دولار، وهو أعلى مما كان مقررا من الكونجرس، وزادت قيمة تمويل التدفق النقدي، أي أنها سمحت بأن تصرف معونات أعلى من السقف المقرر، مشيرا إلى أن التلويح بقطع المساعدات مرتبط بواقع سياسي معين يمكن أن يتغير بين ليلة وضحاها. وقال تامر هنداوي – المتحدث الإعلامي باسم حملة «امنع معونة»، إن التصريحات الأمريكية المستمرة بشأن قطع المساعدات أو تعليقها مرفوضة تماما، ولن نقبل أن يكون الشعب المصري دُمية في يد الولاياتالمتحدة، كما أن تضارب التصريحات الأخيرة يأتي في إطار الابتزاز الأمريكي والضغط المستمر على مصر، لضمان عدم استقلالية القرار الوطني، لذلك لا بد أن يكون للدبلوماسية المصرية ردها القوي بشان مسألة المعونة. وأضاف «هنداوي» أن صمت النظام المصري الحالي والحكومة لا يجب أن يستمر طويلا على هذا الابتزاز الذي لا هدف له إلا الضغط من أجل بقاء مصر داخل دائرة التبعية والهيمنة الأمريكية، ويجب أن يتم اتخاذ رد فعل قوي من الحكومة المصرية بإصدار قرار رفض المعونة الأمريكية بشقيها المدني والعسكري، وتوجيه رسالة للولايات المتحدة والعالم أجمع تؤكد أن مصر دولة مستقلة ذات سيادة وأن شعبها قادر على بناء دولته وجيشه واقتصاده بالاعتماد على موارده وعلى إرادته. وشدد على أن أول الطريق لتحقيق أهداف الثورة هو الاستقلال الوطني الذي بدونه لن نحصل على العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، ولا بد أن يكون للمواطن دور من خلال الضغط بكل السبل السلمية على النظام لمنع المعونة والخروج من التبعية الأمريكية وتحقيق الاستقلال الوطني وبناء دولة وجيش واقتصاد وطني وقوي ومستقل.