أنا مش حتكلم عن ثقافة صناعة الفرعون، الموضوع إتهرس في ستين ألف حاجة قبل كده و الحمدلله ما بقيناش بنعمل كده خالص، و مفيش تمجيد لشخص معين و كل اللي في مناصب عامة بيخضع لرقابة شعبية و لسياسة الثواب و العقاب و الناس بقت موضوعية جدا لدرجة إن في بعثات من دولة النرويج الشقيقة جت عشان تتعلم مننا، لإنهم عندهم أزمة في إن أي حد بييجي يحكمهم بيمجدوه لدرجة التقديس لو عمل حاجة واحدة كويسة، و ساعات قبل ما يعمل، و بيبرروا بعد كده أي فعل يقوم به كإنه كامل و معصوم بالخطأ و العياذ بالله، ناس غريبة النرويجيين دول، يمكن لو كان الشعب النرويجي شعب متدين بطبعه و عارفين إن ربنا لوحده هو المعصوم من الخطأ ماكانش حصل لهم الموضوع ده. أنا حنزل خطوة للدرجة اللي تحت، حيث تعامل الإنسان مع أخوه الإنسان في مصر. من قيمة 10 سنين، كان الأهالي بيلطموا لو عيالهم إتكلموا في السياسة، فيبدأ قمع الأفكار من المنزل، و لحد 2011 كنا بنقول لأهالينا إننا نازلين خمر و نساء و نروح المظاهرة و بس من 2011 بقينا بنلاقي أهالينا اللي قالوا لنا إنهم رايحين يجيبوا خضار موجودين معانا في المظاهرة (حصلت لناس بجد، من غير فقرة الخماره طبعا). و بين السنين دي كنا طبعا بناخد تدريبات إزاي نعمل ثورة و نسافر الصرب و الهرسك ناخد كورسات ثورات و كومبيوطر عشان نعرف نتكلم و نعبر عن رأينا. من 30 يونيو و حتى الآن لو كان عندك أي رأي مش متسق ميه في الميه مع الرأي العام السائد إنت بتتفرم، فلا صوت يعلو صوت الغطاء الشعبي. و الغطاء الشعبي هنا تحول لأداة ضغط قمعية أقوى بكتير من أي جهاز أمني، فأصبح دلوقتي في صعوبة رهيبة بإنك تعبر عن رأيك لو لم يكن متسق بالكربون من الرأي الجمعي السائد، رغم إن وجه الخلاف ممكن يكون في تفصيلة بسيطة، لكن التفصيلة دي دلوقتي بتخسّر الناس بعضها، و بتخلّي ناس تهاجم ناس و ممكن كمان تخوّن ناس. بقى كل واحد عنده رأي مختلف جزئيا عنده عبء نفسي رهيب بإنه إما مضطر إنه يكبت الرأي ده، أو يبرره كإنه شئ معيوب، أو الأسوأ يكذب و يجاري الجماعة المنتمي إليها حتى لا يتم نبذه. الناس كوّنت محاكم تفتيش و بقى أي شخص مش على مزاجي إخواني، و بقى أي شخص مش موافقني في رأيي خاين، و بقوا الناس بتوزع إتهامات الإنتماء للإخوان زي البونبوني(إمبارح واحد لا يفقه شئ طلع لي على قناة التحرير و إدعى إن آسر مطر، و هو كاتب و بالصدفة أخويا، هو ينتمي للإخوان و حلقة الوصل بين المركز الثقافي السويدي و قطر في سيناريو خزعبلي النزعه، نفسي أعرف بيجيبوهم منين) و للأسف مع الوقت، اللي كنا بنهاجمه في سلوك الإخوان بقينا شوية بشوية بنعمله، حتى في مهاجمة الإخوان و تكسيرهم للعربيات اللي فيها بنت بشعرها ولا واحد معلّق صليب. فمثلا إمبارح تجمهر المصريين في جو إحتفالي بهيج عشان 6 أكتوبر، و بغض النظر عن الموضوع ماكانش إحتفال ب6 أكتوبر أد ماهو كان إحتفال بالفريق عبد الفتاح السيسي (فعلا كادت صورة السيسي ان تكون أكتر من أعلام مصر الموجودة)، للأسف الإحتفالات دي تخللها مقتل ناس في إشتباكات، و للأسف ده كان شئ متوقع، و للأسف إتقتل ظباط و جنود برضه، و للأسف أكتر ده بقى عادي (كلمة أنا مش مجرد رقم دي بقت في مصاف الأساطير)، و في خضم الإحتفالات الشعبية عدّيت بمظاهرة مؤيدة للسيسي، شبه قافله الشارع، و أي عربية بتعدي بيشاورولها بعلامة النصر و بينتظروا رد الفعل من سائق العربية، أنا إبتسمتلهم، فكان الرد من بنت في المظاهرة "إيه؟ فين إيدك؟" و لوهلة حسيت إن كل المظاهرة توقفت و بصوا في ترقب مستنيين إيدي بتعمل علامة النصر، و هنا قلت أنا قدامي حل من إتنين، يا أشاور بعلامة النصر و أعدّي، يا أنزل أفهمهم إن برغم نزولي يوم 30/6 الإتحادية (و ده شئ مهم وضعه في بداية الكلام كتأكيد على وطنيتك و إلا فأنت و اليعاذ بالله إخواني، مفيش حلول وسط) لكن ليس بالضرورة إني أشاور لهم بعلامة النصر، ممكن أكون عايز أبتسم، أو أزمر، أو ممكن أكون مكتئب و متقوقع جوه ذاتي و أهراماتي و مش قادر أواجه أجواء إحتفالية، ممكن أصلا يكون ميت لي ميت، ده لا يقلل من وطنيتي في شئ... قعدت بقى أتخيل بعد ما أقول لهم الكلام ده كلنا بنحضن بعض زي ما مرسي كان بيقول، و بعدين فُقت على صوت واحد بيخبط عالعربية... المهم أخوكم شاور بعلامة النصر و إبتسم إبتسامة حزينة و مشيت. بعد كده لما حد يقول لك جمل خزعبلية على غرار عقارب الساعة لن ترجع للوراء، قول له العقارب ما بترجعش، بس في دول كتير أوي بترجع للوراء، لو مالحقوش نفسهم.