جاء اختيار الدكتور جمال التلاوي، رئيسًا للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر أدباء مصر لعام 2013 ، والمقرر عقدها في نهاية شهر نوفمبر القادم، صادما للكثير من المثقفين وخاصة أن "التلاوي" قد فضل الكرسي الإخواني على مصير الثقافة والهوية المصرية، التي كادت أن تقضي عليها جماعة الإخوان المسلمين، حيث وافق أن يأتي رئيسًا لهيئة الكتاب، على جثث المثقفين – بتعبير البعض منهم- بل انحاز للوزير السابق علاء عبدالعزيز، ولم يذهب يومًا للتضامن مع المثقفين، الذين ظلوا معتصمين بوزارة الثقافة وكانوا بمثابة شرارة ثورة 30 يونيه، التي أطاحت بالنظام الإخواني. كان "التلاوي"، الوحيد الذي يستقبل علاء عبدالعزيز في مكتبه، بعدما منعه المثقفون من دخول مكتبه بالوزارة، ووافقه على عمليات الإقصاء التي ارتكبها في حق من هم أقدر علما وثقافة منه. مواقف "التلاوي"، التي وصفت بالانتهازية ، كثيرة، وقد وضحت بقوة قبل تولي علاء عبدالعزيز وزارة الثقافة، فعندما كان نائبا لرئيس اتحاد الكتاب، كون مجموعة من الإنتهازيين الذين ظنوا أن حكم الإخوان سيدوم طويلا، وهذه الكتيبة أثرت على أداء الإتحاد وتفاعله مع سخونة الأحداث في مصر. وفي الوقت الذي عارض فيه كل المثقفين وأغلب فئات الشعب المصري الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المعزول وتسبب في احداث حاله من الغليان في الشارع المصري ، نجد هذا المثقف الذي وضح توجهه الانتهازي، ينحاز بقوة لهذا الإعلان المشئوم. بعد كل هذه المواقف للتلاوي، جاءت الصدمة الكبري التي تسببت في غضب الكثير من المثقفين، حيث وقع الإختيار عليه لرئاسة مؤتمر أدباء مصر ، الأمر الذي اعتبره الشاعر شعبان يوسف تكريسا لما قبل ثورة 30 يونيه، مستنكرا أن يكون الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم رئيسا للمؤتمر في العام الماضي في ظل حكم الإخوان، ثم يأتي "التلاوي"، الذي انحاز لسياسات الجماعة الفاشية والإقصائية في الدورة التاليه له، لكن "يوسف" الذي عبر عن غضبه من رئاسة التلاوي للمؤتمر، قد تطرق إلى نقطة أخري ربما هي الأكثر ألما، حيث قال أن مؤتمر أدباء مصر لم يعد له أهمية تذكر، متوقعًا أن ينتهي نهاية درامية علي يد "التلاوي". أما الشاعر والمترجم رفعت سلام، فرأي أنه من غير المعقول أن يسقط الكاتب والمثقف الكبير جلال أمين، الذي كان مرشحا لرئاسة المؤتمر، أمام التلاوي، وهذا ما جعله يؤكد أن الإختيار لم يقم بناء على المنجز الثقافي، بل اعتمد على الشللية والتربيطات التي يجيدها أدباء "الأقاليم" على حد تعبيره؛ كما اقترح سلّام أن يقوم التلاوي بالإنسحاب من رئاسة المؤتمر حفاظا علي ماء الوجه. لكن الفنان التشكيلي "عز الدين نجيب"، أكد أن المشكلة ليست في اختيار "التلاوي"، أو غيره، بل ترجع إلى الآلية الثقافية التي أدت على مدي عقود طويلة، إلى وجود كتيبة من أدباء الأقاليم، الذين تتفق أفكارهم مع منطلقات تيارات الإسلام السياسي" وتبتعد بشكل كبير عن أفكار المثقفين التقدمية والليبرالية. إذا كان هذا هو حال المؤتمر الذي يعبر عن أدباء مصر " تربيطات وشللية جاءت برجل انحاز للجماعة الفاشية التي كانت علي عداء مع الثقافة المصرية . فما هو الدور الحقيقي الذي من المفترض أن يقوم به المثقفون لإنقاذ مؤتمر الأدباء من الرجعية والتخلف؟.