عشية الإعلان رسميا عن استقلال جنوب السودان أعلنت الخرطوم اليوم اعترافها رسميا بدولة جنوب السودان، في حين تسير الاستعدادات على قدم وساق في جوبا، عاصمة الدولة الوليدة، حيث سيجري السبت حفل إعلان الاستقلال. وفي قرار صادر عن الرئاسة السودانية تلاه بكري حسن صالح وزير رئاسة الجمهورية أعلنت حكومة السودان اعترافها رسميا بقيام دولة الجنوب. وجاء في القرار الرئاسي “تعلن جمهورية السودان رسميا اعترافها بقيام جمهورية جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة“. وأضاف حسن صالح في كلمة نقلها التلفزيون الرسمي “تعلن جمهورية السودان اعترافها رسميا بدولة جنوب السودان دولة مستقلة ذات سيادة وفقا للحدود القائمة في الأول من يناير 1956 والحدود القائمة عند توقيع اتفاق السلام الشامل في 2005 انطلاقا من اعترافها بحق تقرير المصير واعترافها بنتيجة الاستفتاء الذي اجري في التاسع من يناير 2011 وإنفاذا لمبادئ القانون الدولي“. وأكد أن السودان يعلن “التزامه بانفاذ اتفاق السلام الشامل وحل القضايا العالقة مع الجنوب“، مضيفا أن الحكومة السودانية “تدعو حكومة جنوب السودان للاستمرار في الاعتراف بالاتفاقيات الدولية والثنائية التي وقعتها حكومة السودان“. وكان شمال السودان وجنوبه وقعا اتفاق سلام العام 2005 في العاصمة الكينية نيروبي انهى الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب، وهي الحرب الأطول في القارة الأفريقية. إلا أن الطرفين ما زالا يتفاوضان على قضايا اقتصادية عالقة وبينها اقتسام عائدات النفط الذي يأتي 73% من إنتاجه البالغ 490 ألف برميل يوميا من جنوب السودان، وكذلك اقتسام مياه النيل وكيفية حل سداد الديون الخارجية للسودان والبالغة 40 مليار دولار. وفي جوبا ساد مناخ من البهجة في العاصمة الجنوبية حيث رقصت الحشود في الشوارع في إطار الاستعدادات للحظة الأخيرة التي تسبق الحدث. كما يجري وضع اللمسات الأخيرة على المقر الرئيسي للحفل عند النصب التذكاري للزعيم المتمرد السابق جون قرنق الذي قضى بعد شهور فقط من التوقيع على اتفاق السلام في 2005 الذي أنهى عقودا من الصراع الدامي مع الخرطوم فاتحا الطريق لولادة دولة الجنوب. وأكد وزير الإعلام برنابا ماريال بنجامين أن الاستعدادت جاهزة ليوم السبت حيث سيحتفل ملايين الجنوبيين فضلا عن الضيوف الأجانب بينهم 30 زعيما أفريقيا بولادة أحدث بلد في العالم. وسيشارك في الحفل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما والرئيس السوداني عمر البشير المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بمذكرة توقيف بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة في دارفور غرب البلاد. كما يشارك أيضا وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه ونظيره البريطاني وليام هيج والسفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سوزان رايس. ومن المقرر أن تدق أجراس الكنائس عند منتصف ليل الجمعة-السبت إيذانا بميلاد “جمهورية السودان الجنوبي“. وتتخلل الحفل الرسمي عروض عسكرية وصلوات ورفع العلم الجديد وتوقيع أول رئيس لجمهورية جنوب السودان، سالفا كير، الدستور الانتقالي للبلاد. وسترى الدولة الوليدة النور بعد أكثر من خمسين عاما من الصراع بين المتمردين الجنوبيين سابقا والحكومات المتعاقبة في الخرطوم ما أدى لتدمير جنوب السودان وقتل وتشريد الملايين فضلا عن حالة عدم ثقة عميقة بين الجانبين. وانتهى الصراع أخيرا بعد التوقيع على اتفاق السلام الشامل العام 2005 وهو الاتفاق الذي وقع تحت ضغوط شديدة من جانب البلدان الأجنبية وخاصة الولاياتالمتحدة وبريطانيا والنرويج ما مهد السبيل لاستفتاء تقرير المصير في الجنوب والذي صوتت غالبيته الكاسحة، نحو 99 بالمائة، لصالح الاستقلال عن الخرطوم في يناير الماضي. ومن جهتها، شددت واشنطن على “أهمية” بقاء وجود للأمم المتحدة في ولاية جنوب كردفان السودانية بعد استقلال جنوب السودان، مؤكدة أن توزيع المساعدة الإنسانية وتطبيق وقف لإطلاق النار وحماية المدنيين هي أمور بالغة الأهمية.