سامح الله المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى جعل من الأخ صبحى صالح نجماً تنقل عنه الصحف. كان صالح «قياديا» فى الإخوان المسلمين، فأصبح عضوا فى لجنة تعديل الدستور دون مبررات معروفة، فلم يكف من وقتها عن إصدار الفتاوى، وأخرها أن جماعته «لا تعترف بمفهوم المسلم الليبرالى والمسلم العلمانى والمسلم اليسارى...» فتاوى صالح لا تعطيك وقتا للتفكير، بل تستعيد إلى الذاكرة المقول المأثور «شر البلية ما يضحك»، لا يعرف صبحى صالح أن العلمانية واليسارية ليست مذاهب فى الدين، هناك مسلم سنى ومسلم شيعى، أما مسلم علمانى فهو اختراع جدير بالأخ صالح أن يسارع بتسجيل براءاته قبل أن يسطو عليه أحد. عضو لجنة تعديل الدستور لا يعرف الفارق بين الرؤى السياسية والمذاهب الدينية. يمتد خط خلط السياسة بالدين عند الأخ صالح ليصل إلى المسلم العلمانى، وغدا يتحفنا بمذهب «ناصرى سنى»، وبعد غد لن يعود القيادى بالجماعة إياها قادرا على التمييز بين الشيعى والشيوعى. أعرف كثيرين من المسلمين اليساريين والعلمانيين يعتبرون اعتراف الأخ صالح وجماعته بهم سبة فى تاريخهم، وهو يعايرهم بأنه لن يعترف بهم. لا يعترف صبحى صالح بأحمد زويل ونجيب محفوظ وعبد المعطى حجازى وعلاء الأسوانى وسعد الدين الشاذلى والبرادعى والمشير طنطاوى (الذى أتى به إلى لجنة تعديل الدستور)، وعبد الغنى الجمسى وصلاح جاهين وطه حسين وإبراهيم عبد المجيد، وهدى شعراوى (أول من نزعت الحجاب وقادت مظاهرة نسائية فى مصر)، وزكى نجيب محمود وجمال حمدان وأحمد شوقى وحافظ إبراهيم، ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم.... قائمة الذين رفعوا اسم مصر عاليا فى كل المحافل والمجالات، دون أن يلتفتوا لاعتراف جماعتك بهم أطول من أن تتسع لها جريدة وكتاب، فهل لك أن تذكر لنا، فى سطر واحد، بعض من أنجبتهم جماعتك؟، لا يستطيع صبحى صالح وجماعته أن يذكروا لنا اسما واحدا نال شرف اعترافهم به وحقق لمصر جزءا يسيرا مما حققه الآخرون، حتى الرموز الدينية التى اجتهدت وقدمت الكثير لم تنل منكم إلا التشهير والحرب من الإمام محمد عبده حتى الشيخين الجليلين مصطفى وعلى عبد الرازق. لا يعرف صبحى صالح أن ما قدمته الجماعة ليس أكثر من «ليسوا أخوانا وليسوا ومسلمين» ثم صفقات أمن الدولة التى أدارها رجلها الأقوى خيرت الشاطر، واعترف بها المرشد السابق مهدى عاكف، وأسماها عصام العريان، على سبيل التخفيف، «تفاهامات»، مرورا بإنجاز «طز» وصولا إلى مشروع صفقة الإجهاز على الثورة مع عمر سليمان، التى كشفها القيادى الإخوانى هيثم أبو خليل. لا يعترف صبحى صالح بالهامات العلمية والأدبية والفنية والعسكرية التى رفعت اسم مصر عاليا، فغاية ما يسعى إليه الرجل هو قطع الأيدى، ثم يضحكك عندما يبدو متهجما واثقا أن هذه الأسماء يؤرقها أن إخوان البنا-بديع لا تعترف بهم. لا يتوقف صبحى صالح عن إضحاكك، هو قادر على أن يلجمك حجرا بالبرهان الساطع والقاطع على صحة شعار الإسلام هو الحل، فى حل مشاكل مصر والنهوض بها. لا يقدم صبحى صالح آليات الجماعة، فى إطار «الإسلام هو الحل» للنهوض بالتعليم، ومحاربة الفقر، وتطوير البحث العلمى، فهذا عمل العلماء الذين لا يعترف بهم، هو يقدم لنا إثباتا عمليا، فيدعونا إلى «المقارنة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية بين مصر فى زمن الدولة العثمانية ومصر فى عهد التجربة الاشتراكية، ثم عهد التبعية للسياسات الأمريكية أثناء حكمى أنور السادات وحسنى مبارك»، يعيدنا صبحى صالح إلى زمن الاحتلال العثمانى، عندما طردت مصر أبنها البار الإمام محمد عبده تنفيذا لأوامر الإنجليز، ثم أعادته بناء على رغبة اللورد كرومر، بينما «أمير المؤمنين» هناك فى الأستانة لا حول له ولا قوة إلا تنفيذ رغبات الاحتلال. لا يعرف صبحى صالح أن إلحاح سعد زغلول ونازلى فاضل، وكلاهما لم يحظ بشرف اعتراف جماعة البنا-بديع به، على اللورد كرومر، وليس على «أمير المؤمنين»، هو السبب فى استجابة المندوب السامى البريطانى للعفو عن الشيخ الإمام محمد عبده وإعادته إلى بلده. لا يعرف صبحى صالح ما الذى حدث لأحمد عرابى وسعد زغلول فى زمن «الدولة العثمانية» التى يترحم عليها. وحده صبحى صالح يتمنى عودة عقارب الساعة لتطبيق شعار «الإسلام هو الحل»، زمن «أمير المؤمنين» فى الأستانة والمندوب السامى فى القاهرة، وأبناء مصر يخضعون لسلطة الاحتلال، هو الأنسب والأفضل لدى جماعة البنا-بديع. «طز فى مصر» الدولة الوطنية المستقلة ذات السيادة، وعاشت مصر ولاية عثمانية تحت الاحتلال الإنجليزى. لا أريد أن أرهق ذاكرة الأخ صبحى بأكثر مما تحتمل، الفرنسيون أيضا احتلوا مصر أيام سلطة «أمير المؤمنين» العثمانية. يتفقه صبحى صالح فى ذكر عناوين «المقارنة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية...» دون أن يكون قادرا على الربط بين التطور الاقتصادى والاجتماعى وقطع الأيدى والأرجل التى تمثل غاية طموح الرجل وجماعته. أنا شخصيا مدين للأخ صبحى صالح بأنه لا يكف عن إضحاكنا فى زمن مجلس الجنرالات، ولا أكف عن الدعاء «سامح الله المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى جعل من الأخ صبحى صالح نجماً تنقل عنه الصحف».