جاءها بالكحل فأعماها، هذا على وجه الدقة ما فعله الأخ صبحي صالح القيادي في جماعة الإخوان، حاول أن يدافع عن إيمان الجماعه بفرض الحدود، فكشف عن ديكتاتورية الدولة الدينية الثيوقراطية المتأصلة فى إخوان البنا-بديع، قيادات الإخوان ينطقون باسم الذات الإلهية «واللى عنده حساسية من القرآن أو دينه يعلن هذا صراحة دون التمسح فى الإخوان»، فاشية الدولة الثيوقراطية تتجلى كما لم يحدث من قبل، من يختلف مع الإخوان يضع نفسه بالضرورة فى موضع الاختلاف مع القرآن. المنطق الدينى عند الأخ صالح «اللى خايف من قطع يده يبطل سرقة»، يصلح ركيزة ومستندا لأعرق الديكتاتوريات الفاشية «اللى خايف من الموت بلاش يسرق الغسيل»، فكل الديكتاتوريات تلتقى عن نقطة قمع الأخر، وإن اختلفت الأشكال من العرق الآرى الأنقى إلى تلقى التكليف الربانى. لن يسحبنا صبحى صالح وإخوانه إلى مناقشة الدين، الدين أسمى وأقدس من أن يكون موضوعا للجدل رغم أنف إخوان حسن البنا. أربعة عشر قرنا من الزمان مرت على المصريين، دون أن يفكر أحدهم أن يضع الدين على مائدة الجدل، اختلفوا واتفقوا، توترت العلاقات أحيانا، واستقرت فى أحيان أخرى، لكن لم يحدث أبدا أن حاول أحد أن يشهر كتاب الله فى وجه المجتمع، إلى أن جاد علينا الزمان بالأخ صبحى صالح معلنا « واللى عنده حساسية من القرآن أو دينه يعلن هذا صراحة دون التمسح فى الإخوان ». أخوان حسن البنا- محمد بديع تلقوا التكليف الربانى (أعدوا)، ومن يختلف معهم يختلف بالضرورة مع التكليف الربانى، وحاشا لله أن يختلف أحد مع تكليف ربانى، فليس أمامنا إلا أن نحنى سمعا وطاعة لصبحى صالح وإخوانه، وندعو لهم أن يعنيهم الله على ما كلفهم به. وضع صبحى صالح كل المختلفين مع التكليف الربانى لحس البنا وتلاميذه فى سلة واحدة، المسلمون منهم وغير المسلمين « واللى عنده حساسية من القرآن... »، «واللى عنده حساسية من دينه» كلاهما يجب أن يكف عن التمسح فى الإخوان، فما الجماعة إلا وكيل الله على الأرض، تتحمل مسئولية تنفيذ التكليف الربانى. حديث صبحى صالح عن الدولة المدنية لا يخفى عورات الديكتاتورية الثيوقراطية التى يحلم بها إخوان البنا-بديع، طالما احتكروا لأنفسهم التكليف الربانى (أعدوا)، وطالما نعتوا كل من يختلف معه بأنه يتمسح بالإخوان وعليه أن يواجه القرآن مباشرة. وفق تقديرات المفكر محمد سليم العوا لن يحصل الإخوان فى الانتخابات القادمة على أكثر من 25% من أصوات المصريين، وسوف أرفع من جانبى هذه النسبة إلى 48%، ليبقى أكثر من نصف المصريين يرفضون إخوان البنا-بديع، فهل يعنى ذلك بمنطق صبحى صالح أن أغلبية المصريين يرفضون التكليف الربانى للجماعة (أعدوا)؟ وهل معنى ذلك أن أغلبية المصريين لا يجب أن يتمسحوا بالجماعة وعليهم أن يعلنوا صراحة أنهم يرفضون القرآن، أو يتحسسون من دينهم؟ لا يفهم إخوان البنا-بديع من التكليف (أعدوا) إلا معارك طواحين الهواء، من ولاية المرأة والمسيحى إلى قطع الأيدى، رغم أن طلب العلم ولو فى الصين مفروض شرعا أيضا، يشيعون وهم أن آفة نظام مبارك كانت فى عدم قطع الأيدي، ولو كان هذا حدث لكانت مصر أصبحت فى مصاف أكثر الدول تقدما. قطع الأيدى عند إخوان البنا- بديع هو العلاج الناجع لانهيار التعليم والصحة وانتشار البطالة وتفشى الفساد، واندثار البحث العلمى. من يتطوع ويبلغ الأخ صبحى صالح بضرورة طلب العلم ولو فى الصين؟ الشرع الذى يتستر وراءه صبحى صالح وإخوانه يقضى بأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، لكن الإخوان خضعوا ( لمنفعة) الحصانة واستجابوا لما أسماه ثنائى ( العريان-البلتاجى ) ضغوط الناخبين فى الدوائر الانتخابية، وساهموا فى جلب ( مفسدة ) انتخابات برلمان التوريث عام 2010. إبراهيم الزعفرانى يؤكد أن الجماعة لا تقبل النقد ولا تحتمله، وتعتبره انتقاصا منها، ويعرف صبحى صالح أن النبى تقبل النقد والعتاب ليس فقط من الله ، لكن حتى من الصحابة، وأن عمر بن الخطاب قال «أخطأ عمر وأصابت امرأة»، لكن صبحى صالح لا يقول لنا أين شرع الله فى أن تضع الجماعة نفسها فوق مستوى النقد. وضع إخوان صبحى صالح التكليف الربانى (أعدوا) جانبا وأبرموا صفقات مع أمن الدولة، أى والله أمن الدولة، فى الانتخابات البرلمانية منذ عام 2000 وحتى عام 2010، اعترف بها مهدى عاكف وشارك فى صياغتها خيرت الشاطر، وحاول عصام العريان تخفيف وقع ما أفشاه المرشد العام فأسماها (تفاهم). ثم التقوا عمر سليمان سرا، بينما الثوار مازالوا فى ميدان التحرير، لعقد صفقة أخرى تصفية الثورة مقابل حزب علنى، وما زال صبحى صالح يردد « واللى عنده حساسية من القرآن أو دينه يعلن هذا صراحة دون التمسح فى الإخوان ». يكشف إبراهيم الزعفرانى أن الجماعة تفتقد لكل آليات المراقبة والمحاسبة والعدل والشورى، لكن الأخ صبحى صالح لا يشعر بحمرة الخجل وهو يقول إن المهم فى الحدود هو سلامة التطبيق وعدالته، رغم أنه لا يعرف كيف يمكن مراقبة السلامة والحساب على العدالة، ولا حتى كيف يمكن قياس وتحديد العدل، فهو لم يتعلم ذلك فى الجماعة، رغم أن شرع الله يقضى به. يشهر صبحى صالح فى وجوهنا كلمات العدل والمحاسبة، والأولى به أن يشهرها أولا داخل جماعته. الملف متخم، ومعظم أوراقه أصبحت معلنة ومكشوفة بلسان الإخوان أنفسهم، لكن الازدواجية بين المظهر والجوهر تدفعهم دائما إلى رهانات خاسرة تعتمد، ربما، على اعتقاد بضعف ذاكرة الشعب. فليتوقف الإخوان عن اللعب بالنار، لأنها أصابعهم سوف تحترق أولا.