بعد التضحية التي قدّمها الجميع من أجل نجاح ثورة 25 يناير 2011، والحلم الذي راود المصريين بأنه آن لهم الأوان برفع المظالم عن كاهلهم الذي أثقله 30 عاما من حكم المخلوع رأى فيهم الشعب كل ألوان العذاب البدني والمادي والنفسي والاجتماعي، وأن القانون سينصف الشعب ويعيد له اعتباره، ولكن سرعان ما تبددت تلك الأحلام وتلاشت الآمال وسط براءات متوالية يحصل عليها أذناب النظام ولا يزال الشعب مظلوما مقهورا يبحث عن حقوقه الأساسية. ولكن الأمر الأكثر إثارة للدهشة أن سوء الحالة التي وصلت إليها مصر والمصريون في فترة تولي الإخوان للحكم جعلت الشعب يتمنى عودة "مبارك" ونظامه للحكم مرة أخرى للخلاص من "مرسي"، وبالفعل عزل مرسي، وسرعان ما عادت فلول نظام مبارك في العودة للظهور في الصورة والتواجد على الساحة السياسية والمشاركة في الأحداث التي يشهدها الشارع المصري. "البديل" استطلعت رأي عددا من القوى الثورية والحزبية في عودة الفلول للساحة السياسية وأسبابها وكيفية مواجهتهم في الفترة المقبلة، حتى تخرج مصر من الدوامة التي بدأ البعض يتصور أنها لن تنتهي. يقول "عبد الغفار شكر" رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، أن أنصار النظام القديم متكونين من شبكة مصالح ولهم تواجد في المجتمع , وعندما بدأت المعركة ضد الرئيس المعزول وجماعته, شاركوا فيها واعتبروا أنفسهم طرف سياسي في موجة 30 يونيو. وشدّد شكر على ضرورة وجود مادة في الدستور الجديد للعزل السياسي لكل من أجرم في حق الشعب المصري, مؤكداً أن مواجهتهم في الشارع لابد أن تكون عن طريق شخصيات لها شعبية وثقل سياسي, وعلى جبهة الإنقاذ خوض الانتخابات المقبلة على قائمة واحدة لقطع الطريق أمام النظم السابقة في العودة للمشهد من جديد. ومن جانبه قال "أحمد بهاء الدين شعبان" القيادي بجبهة الإنقاذ, ووكيل مؤسسي الحزب الاشتراكي المصري, أن عودة رموز النظام القديم لصدارة المشهد أصبحت ملحوظة, ويستطيع كل من مارس السياسة ملاحظة ذلك, مؤكداً أن من ساعدهم على ذلك هي الجريمة التي ارتكبتها جماعة الإخوان بالسيطرة على السلطة والسعي لأخونة مؤسسات الدولة, وفتح مجال المقارنة بين النظامين, رغم أن نظام "مبارك" هو من مهّد الأرضية للإخوان عن طريق تجريف الحياة السياسية في البلاد. وأشار شعبان إلى أن النظام القديم بدأ يظهر متصوراً أن ثورة 25 يناير انتهت وأن 30 يونيو هي الثورة الحقيقية, ولكنه لا يدرك أن الموجة الأولى كانت ضد نظام ظالم والموجة الثانية أطاحت بنظام ظالم آخر, ولا يجب التهاون في محاولات نظام مبارك للعودة من جديد. وناشد شعبان القوى الثورية على ضرورة أن تعي أنها في مواجهة نظامين, أولهما نظام "مبارك" المسئول مباشرة عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب المصري, ونظام الإخوان الذي جاء وسار على نفس درب النظام القديم. ورأى "محمود نوار" القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين أن وجوه النظام القديم عادت لأن الدعاية الرئيسية لبعض التيارات السياسية المحسوبة علي الثورة لثورة 30 يونيه كانت تنادي بوحدة الصف مع الفلول بدلا من وحدة الصف الثوري فوجدنا "عمرو موسي وشفيق" من الثوريين, مشيراً إلى أنه بعد سقوط مرسي وتخلي الكثير عن موقف القصاص والعزل السياسي للفلول أعطى ثقة للفلول في العودة للمشهد. وأكد نوار على أن القوى الثورية عليها الآن فضح التحالف الواضح جداً ما بين طبقة الحاكمة القديمة وممثليها في الحكم اليوم, ومحاربتهم وإعلان استكمال مهام الثورة وتحقيق مطالبها والسعي لذلك بكل قوة, عبر حملات للضغط وسط الناس في الشارع.