علقت تركيا بعض الاتفاقيات المشتركة بينها وبين مصر، ووصفت ذلك بالعقوبة الأولى لمصر بعد الإطاحة بنظام مرسي. في إطار هذا الموقف التركي المريب، تتساءل "البديل": هل من المصلحة العليا لتركيا وقف التعاون مع دولة بحجم مصر؟ يقول الدكتور عبد الله الأشعل - أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي: القضية ليست كذلك، وإنما القضية أن تركيا ترى ما حدث في مصر انقلابا عسكريا وبناء على تلك الرؤية فإنها تنتهج المتبع دوليا في هذه الأحوال، بعدم الاعتراف بالانقلابات العسكرية. وأضاف أن تركيا تضغط على مصر لإزاحة "الحكم العسكري" وفقا لوجهة نظرها، وحتى تعود مصر إلى المؤسسات الديمقراطية. وطالب "الأشعل" تركيا بعدم التسرع في قراراتها، وإن كان موقفها معاداة للنظام الحالي في مصر وليس لمصر، لكن المتضرر هنا الدولة المصرية، لذا يجب على تركيا أن تواصل التعاون مع مصر، ومن الممكن أن تبطئ من هذا التعاون دون أن تلغيه أو تعلقه، وعليها أيضا ألا تناصب مصر العداء، لأنها ستضطر إلى تغيير موقفها مع مصر أكثر من مرة مستقبلا، وهذا يعني أنها تتعامل مع نظم معينة ولا تتعامل مع نظم أخرى، وعليها أن تراجع نفسها وتفكر ثانية، لأن الأصل في التعاون الدولي أنه بين دول لا بين أنظمة، فالنظم دومًا إلى زوال، أما الدول والمصالح المشتركة بينها إستراتيجيا وسياسيا هي الأبقى. وتقول الدكتورة نورهان الشيخ - أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، ما يهم في الموقف التركي تجاه مصر هو الإجابة عن تساؤل: هل تتضرر مصر من هذا الموقف أم لا ؟ والإجابة اليقينية أن مصر لن تتضرر كثيرًا من إجراءات الضغط التركية، لاسيما وأن دول الخليج، وفي مقدمتها الإمارات والسعودية تدعم مصر. وأشارت "الشيخ" إلى أن موقف تركيا من الناحية السياسية يؤكد أنها تستهدف مصر والشعب المصري، وأنها ليست دولة صديقة، وأن سياسات مبارك الحذرة تجاهها كانت صائبة، وعلينا في المرحلة المقبلة إعادة النظر بشكل جذري في هذه العلاقة لأن تركيا لم تكن ولن تكون دولة صديقة. وأكدت أنه في حال تغير السلطة في تركيا ووصول الحزب الاشتراكي إلى السلطة، حينها ستفتح مصر وتركيا مرحلة جديدة، ولكن في ظل وجود شخصية ك "رجب أردوغان" التي لا تنظر إلا لمصلحة جماعة الإخوان، يستحيل أن تكون العلاقات بين مصر وتركيا جيدة. وأضافت إن تركيا بقراراتها هذه خسرت صورتها التي كانت تروج لها أمام العالم، بأنها نموذج مثالي تطرحه للعالم العربي، وربما العالم الإسلامي، ولكن صورة تركيا الحقيقية انكشفت، فهي ليست نموذجا للدولة الديمقراطية الحديثة، ولم ينكشف ذلك بموقفها تجاه مصر فقط، وتجاهلها لملايين المصريين الذين نزلوا يوم 30 يونيو، ولكن سلوكها وتعسف السلطات التركية تجاه المعارضة واستخدام القوة والقتلى والضحايا الذين سقطوا في تركيا نتيجة سياسات أردوغان، بالإضافة إلى موقفها السابق من سوريا وغيره من المواقف وهذا ما أثبت أن فكرة النموذج التركي أكذوبة كبيرة عاشت فيها تركيا. في سياق متصل، أكد الدكتور محمد سعيد إدريس - رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن تركيا هي الخاسرة فيما اتخذته تجاه مصر بتعليق بعض الاتفاقيات المشتركة ، وهذا الإجراء يكشف ويعري طحالب السياسة الخارجية في تركيا، ومن ناحية أخرى يؤكد مدى التحالف بين جماعة الإخوان وبين تركيا، وأن تركيا لم تكن تتعامل مع الشعب المصري ولم تتعامل مع الشعب المصري، وإنما تتعامل مع تنظيم هي تابعة له وهذا ما يثبت أن تركيا عضو في التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين . وأكد "إدريس" أن مصر ستخرج من كبوتها الحالية أفضل وأقوى، لتؤكد لتركيا أنها الخاسرة عندما ترى أن العالم أجمع يبحث علاقات مع مصر وحينها ستكتشف تركيا والشعب التركي مدى الخسائر التي ترتبت على هذه السياسة الرعناء وتبعيتهم لجماعة الإخوان, وأكد أيضا أن ما فعله أردوغان، مثال حي على أن الجماعة تقدم مصلحتها على مصلحة الأوطان، كما فعلت حماس أيضا عندما أعطت الأولوية للعلاقة التنظيمية لجماعة الإخوان على حساب المصلحة الوطنية الفلسطينية . الأشعل: على تركيا أن تراجع موقفها مع مصر.. فالأنظمة زائلة والمصالح الاستراتيجية والسياسية باقية نورهان الشيخ: مبارك كان محقًّا في سياساته "الحذرة" تجاه تركيا محمد سعيد إدريس: موقف تركيا يعري سياستها الخارجية