نشرت مجلة العلاقات الخارجية «فورين أفيرس» مقالا اليوم لزميل الجيل الثاني في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إريك تراجر، يقول فيه إن جماعة الإخوان المسلمين في مصر لا يبدو أنها على استعداد للرحيل بهدوء حتى بعد عزل الرئيس محمد مرسي من منصبه واعتقال كبار قادة الجماعة. وأضاف الكاتب الأمريكي أن جماعة الإخوان دعت لانتفاضة وتعهدت مرارا بتصعيد الاحتجاجات لحين إعادة مرسي لمنصبه، بعد سنة واحدة فقط في السلطة وسلوكها الاستبدادي الصارخ لعزل الملايين من المصريين وأعادها إلى نقطة الصفر من حيث بدأت في صفوف المعارضة. واعتبر تراجر، أن عزم جماعة الإخوان على مواصلة القتال، هو نتاج نظرتها إلى الأحداث، على الرغم من أنها – تاريخيا - كانت على استعداد لتقديم تنازلات، ولو مؤقتا، عندما تواجه خصما لا يمكنها التغلب عليه. وقال عبد الجليل الشرنوبي، العضو السابق في جماعة الإخوان، إن "الجماعة كان دائما لديها سقف لا تتخطاه"، موضحا أن سقف الجماعة قبل ثورة يناير 2011 كان الرئيس حسني مبارك، وبعد الإطاحة بمبارك وتوليهم السلطة أصبح السقف هو واشنطن، وهذا هو السبب في أن الإخوان لم ينقضوا أبدا معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، على الرغم من معارضتهم المعلنة سابقا للاتفاقية ولوجود إسرائيل. وأشار الكاتب إلى أنه بالنظر إلى هذه الخلفية، يمكن للمرء أن يتوقع أن يكون سقف جماعة الإخوان الآن هو الجيش، فالجيش هو أقوى مؤسسة في مصر وتفوق قوته على الإخوان. لكن الآن بشكل ملحوظ، وعلى الرغم من وجود فرصة ضئيلة للنجاح ضد الجيش، يبدو أن جماعة الإخوان على استعداد لمواصلة تحدى المؤسسة العسكرية لسببين: السبب الأول هو أن جماعة الإخوان تتوهم إمكانية حدوث انشقاقات ضمن صفوف الجيش إذا قام الجنرالات بتصعيد مزيد من العنف ضدهم، فإذا كان هناك العديد من المتعاطفين مع الإخوان المسلمين داخل الجيش – على الرغم من استحالة معرفة ذلك - فالقادة العسكريين في مصر سيواجهون دائما خطر أن الجنود قد يرفضون إطلاق النار على مواطنيهم. السبب الثاني هو أن جماعة الإخوان تعتمد على أن حشود أعضاءها سيواصلون المخاطرة بحياتهم احتجاجا على الإطاحة بمرسي، فقبل كل شيء، أيديولوجية جماعة الإخوان تتفاخر وتعظم مبدأ الاستشهاد في السعي لتحقيق أجندتها الإسلامية. ومع ذلك، يرى الباحث البارز، في مقاله الذي نشرته المجلة الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية الأمريكية، أن نية جماعة الإخوان في مواصلة القتال لإعادة مرسي بالكاد ستنجح، مشيرا إلى أنه كلما حاولت الجماعة مقاومة تدخل الجيش، كلما زادت احتمالية تدمير رموزها. حتى الآن، تم إلقاء القبض على شخصيات إخوانية رفيعة المستوى، من بينها خيرت الشاطر وسعد الكتاتني، ولا يزال هناك مذكرات اعتقال أخرى تشير إلى حبس شامل ينتظر شخصيات أخرى في المستقبل القريب. وأوضح إريك تراجر أنه بالنظر إلى تركيز واعتماد الجماعة على التسلسل الهرمي المحكم، من الممكن أن عملية إزالة قياداتها يجعلها تتصرف بطريقة أكثر عشوائية وربما أكثر عنفا، والتي من شأنها فقط أن تعطي أوراق اعتماد وتأييد لشن حملة عسكرية ضدها. وبالنسبة للجيش، فقيادة المؤسسة العسكرية المصرية من غير المرجح تماما أن تعود في قرارها لأنه سيكون بمثابة انتحار بالنسبة للجنرالات القيام بإعادة الرئيس مرسي لمنصبه مرة أخرى. لذلك فجماعة الإخوان والمؤسسة العسكرية لديهما مصالح متعارضة هم على استعداد للقتال من أجلها لأجل غير مسمى، ولن ينتهي الصراع إلا عندما تتصدع أحدى الجهتين – ما لم تنهار مصر أولا.