قال وزير إعلام هتلر جوزيف جوبلز: "أعطني إعلامًا بلا ضمير، أُعطِك شعبًا بلا وعي"، فى دلالة واضحة على خطورة دور الإعلام إذا ما استخدم لتضليل الشعوب. ولكن فى الحقيقة هذا منطق الدول الفاشية التى لا تصلح فى عصرنا، خصوصًا مع شعب قام بثورة عظيمة، ولكن هجوم الرئيس مرسى أول أمس على الإعلام فى خطابه ومحاولة إلقاء اللوم عليه فى إثارة الفتن والأزمات يجعلنا نتساءل: هل يريد الرئيس مرسى أن يحقق مقولة "جوبلز" ويريد إعلامًا بلا ضمير لا يعكس تلك الحقائق التى تغضبه وتثير جماعته بأنهم عجزوا عن إدارة البلاد وحل مشكلاتها؟ "البديل" رصدت ردود الفعل حول هجوم مرسى على الإعلام من الخبراء والصحفيين؛ للإجابة عن أسئلة من نوعية: لماذا يترصد أى نظام سياسى الإعلام؟ وما هو المطلوب من الإعلام، سواء كان خاصًّا أو ملكًا الدولة ليصبح إعلامًا مهنيًّا موضوعيًّا؟ يقول عمرو عبد الراضي عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين إن هجوم الرئيس محمد مرسي على الصحافة والإعلام ليس الأول من نوعه، ففي معظم خطاباته السابقة هاجم وانتقد الصحافة والإعلام, موضحًا أن هجوم الرئيس على الصحافة بمثابة الضوء الأخضر لمؤيديه للانتقام من الصحافة والإعلام. وأضاف عبد الراضي أن المؤسسات الصحفية عانت خلال العام الماضي من تدخلات سافرة وضغوط على هيئات تحريرها من قِبَل مجلس الشورى فى محاولة بائسة لأخونتها وفرض الرقابة عليها كما حدث مع صحيفة روز اليوسف بعد وقف مخصصاتها المالية؛ لرفض رئاسة التحرير بالمؤسسة الانصياع لرغبات الإخوان المسلمين. بينما ترى الدكتورة منى الحديدى أستاذ الإعلام بجامعة MSA أن خطاب الرئيس بأكمله وليس فيما يتعلق بالهجوم على الإعلام كان مخيبًا للآمال، سواء على مستوى الشارع المصرى أو على مستوى السياسيين والساحة الدولية أيضًا التى كانت ترى كيف يتعامل الرئيس فى ظل هذه الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد. وأضافت أن الرئيس انتهج فى خطابه أسلوب البكاء والعويل وإلقاء اللوم على الإعلام والمعارضة بأنهما السبب وراء الإخفاقات أو الأزمات التى تمر بها البلاد، ولم يصب الرئيس عندما تناول أسماء بعينها لأصحاب قنوات فضائية واتهمهم بإشعال الفتن ونشر الشائعات، فكان الأهم أن يستعرض الرئيس فى خطابه كيفية التصدى لهذه المشكلات، وما هى الآليات لملاحقة الفساد، سواء الاقتصادى أو الإعلامى أو الأخلاقى. وأشارت إلى أنه كان يجب على الرئيس أن يستعرض فى خطابه أساليب مواجهة المشكلات والأزمات وليس تصديرها على فصيل، وكان عليه أن يضع أساليب المواجهة. وأضافت "رغم أن الإعلام الخاص لم يقم بدوره وواجبه الوطنى على أكمل وجه، وكان يعتمد فى معالجاته الإعلامية على الإثارة والتركيز على الجوانب السلبية والبكاء على الماضى، ولم يحاول تقديم حلول أو رؤية لكيفية الخروج من المأزق للبلاد والأزمات الخطيرة التى تمر بها، إلا أننا لا يمكن أن نعفى الإعلام الرسمى أو إعلام ماسبيرو من المسئولية أيضًا، فهو إعلام أيضًا لم يتطور بعد الثورة، والنظام الحالى لم يقم بتطوير إعلام الدولة ليصبح إعلامًا مهنيًّا يعبر عن كل الأصوات، لم يكن إعلامًا مهنيًّا لنصفه بإعلام الشعب". ووضعت الحديدى روشتة يجب أن يلتزم بها الإعلام الخاص والرسمى، منها الالتزام بالمهنية ومراعاة الصالح العام، وتحرى الدقة والموضوعية، والالتزام بالضمير والمسئولية الاجتماعية، والابتعاد عن إثارة الفتن وإشعال الاحتراب الأهلى بين المواطنين، وعدم نشر الشائعات، وطرح وجهتى النظر بموضوعية. فيما علق الكاتب الصحفي حسين عبد الرازق رئيس مجلس إدارة جريدة الأهالي التابعة لحزب التجمع وعضو المكتب السياسي بالحزب على خطاب الدكتور محمد مرسي قائلاً "الاتهامات التي وجهها الرئيس محمد مرسي إلى الصحافة والإعلام والقنوات الفضائية توضح ضعف الرئيس وجماعته"، مشيراً إلى أن القنوات الفضائية تكشف الحقائق وتقدم حوارات ناجحة، وهذا دليل على نجاحها، معتبرًا أنها رأس حربة الشعب في كشف الحقائق. وأضاف عبد الرازق أن القوانين القائمة تمكن الرئيس من قمع الصحفيين والكتاب ومقدمي البرامج، مشيراً إلى أن الحرية التي تتمتع بها الصحافة ما هي إلا حرية عرقية، مؤكداً أن كل القوانين تتضمن مواد تفرد العقوبات على كل نقد ينشر في الصحف والإعلام. وتوقع عبد الرازق أن الرأي العام والحشود التي ستخرج يوم 30 يونيو ستلزم مرسي بعدم قمع أجهزة الإعلام والصحافة، مشددًا "وإذا تجرأ على هذا، فهو يعجل بنهايته، إن القوات المسلحة لن تقبل أن تكون أداة قمع فى يد مرسي، ولا يمكن أن تقدم المدنيين من الشعب أو الصحفيين لمحاكمات عسكرية". وترى الدكتورة إيناس أبو يوسف أستاذ الإعلام جامعة القاهرة أن "اتخاذ مثل هذه الإجراءات لا تصلح أن تحدث بعد ثورة مجيدة ضحى من أجلها الشباب بدمائهم، فالثورة من أولى شعارتها كانت الحرية والعيش والعدالة الاجتماعية، وليس تكميم الأفواه، وهذه مشكلة الأنظمة الديكتارتورية التى لا تؤمن بالحريات وتقبل الآراء الأخرى". وأضافت "يذكرنى حتى الحديث عن ملاحقات قضائية للإعلاميين بتلك الهجمة التى قام بها الرئيس السادات فى أكتوبر 1981 وإصداره أوامر اعتقال للصحفيين والسياسيين وقيادات المعارضة"، مستنكرة هذه الإجراءات التى تتغلف تحت غطاء القانون، وترى تهديدات الرئيس بالأسماء فى خطاب رسمى لأصحاب القنوات الفضائية الخاصة كان يجب ألا يقوم بها. وأكدت أبو يوسف أن "هجوم الرئيس على الإعلام هو من عادة حكام الدول الديكتارية،فالإعلام يمثل لكل حاكم هاجسًا خطيرًا؛ لانه دائمًا يحمل الصوت المعارض، الصوت المختلف، ويكشف الحقائق والفساد". عمرو عبد الراضى: هجوم الرئيس على الصحافة ضوء أخضر لمؤيديه للانتقام من الإعلام منى الحديدى: لم يكن إعلام الدولة والقطاع الخاص على مستوى المسئولية الوطنية إيناس أبو يوسف: الهجوم على الإعلام من طبيعة الدول الديكتاتورية حسين عبد الرازق: القنوات الفضائية تكشف الحقائق وهذا يزعج أى نظام