كل شيء كان معداً مسبقاً ،قتل الضباط والجنود على حاجز للجيش ،مئات المسلحين متعددي الجنسيات الذين انتشروا على الفور في مدينة صيدا ويا للمفاجأة المعبرة فالعميل الإسرائيلي أبو عريضة كان يقود مجموعات من أنصار الحريرية في شوارع صيدا و يطلق النار على الجيش اللبناني، كما انتشرت المجموعات المسلحة على طريق الساحل وفي إقليم الخروب وظهر خليط كبير لبناني فلسطيني وسوري مع التجمعات العسكرية من ميليشيات المستقبل والجماعة الإسلامية وجند الشام وعصابة الجيش السوري الحر وتشكيلات جبهة النصرة وكل هؤلاء كانوا خلف عصابة الأسير من عكار وطرابلس إلى صيدا مرورا بعرسال وعنجر. أولاً: إن أخطر الأكاذيب المفبركة عن معركة عبرا هي محاولة تصويرها حدثاً عفوياً ناتجاً عن احتكاك بين مسلحي عصابة الأسير الإرهابية وعناصر من الجيش اللبناني على أحد الحواجز،ويمكن لأي عاقل بإعادة تركيب المشهد واسترجاع شريط الأحداث أن يدرك وجود خطة للسيطرة على صيدا الكبرى بالسلاح وطرد الجيش منها بل وإطلاق عملية تمرد طائفية داخل المؤسسة العسكرية لم ينجح نواب المستقبل في تحريكها خلال معارك سابقة جرت في عكار وطرابلس خلال العامين الماضيين وحاول الأسير وشركاه القيام بها مجدداً. خطة السيطرة على صيدا رسمت في الخارج والأرجح في الدوحة كما قال الوزير وليد المعلم وهي الحلقة التي أريد بها تفجير الفتنة المذهبية في لبنان ونقل العدوى إلى سوريا لتجاوز عقدة مستعصية انهكت عصابات التكفير وحكومات العدوان الساعية جميعا لإشعال اقتتال طائفي بين السوريين بأي ثمن ومن غير جدوى. ثانياً: الانتشار في محيط مواقع الجيش كان تنفيذاً للخطة والهدف كان الإطباق على المراكز والحواجز والاستيلاء على الأسلحة والسيطرة العسكرية على مدينة صيدا وتنفيذ عمليات تصفية ضد كوادر سرايا المقاومة وضباط الجيش في المدينة ومحيطها وسرعان ما كان سيجري شن الهجمات وتنظيم المذابح في إقليم الخروب وعلى خط الساحل بعد انتقال قوات من الميليشيات الإرهابية متعددة الجنسيات عن طريق البحر إلى مرفأ الإمارة التي حلم الأسير بإعلانها في صيدا بينما سيكون الجيش مستنزفا في احتواء الضربات المتلاحقة وحالات الانشقاق التي راهن عليها المخططون. بنيت الخطة على قياس تصرفات المسئولين طيلة العامين الماضيين حيث اعتمدوا سلوكاً مسايراً وضعيفاً وتعايشوا مع بؤر التمرد العسكري التي غطاها الحريريون لتكوين منصة العدوان على سوريا وحيث استسلمت السلطة السياسية لسلوكيات منحرفة أضعفت هيبة الدولة وسمحت باستفراد الجيش اللبناني. ثالثا: المفاجأة التي أفشلت الخطة كانت قرار قيادة الجيش بسحق وكر التآمر التكفيري هذه المرة بدلاً من الاكتفاء بنعي الشهداء وتقبل التعازي كما حصل في عرسال وطرابلس سابقاً،وكانت القيادة في مناخ قرارالمقاومة وخطتها لمنع قطع طريق الجنوب بأي ثمن وبالتدخل مباشرة، إذا لم تقم المؤسسة العسكرية بواجبها وقد تبلغت القيادة بذلك قبل أيام من جريمة عصابة الأسير التي كانت تنفذ خطة دولية إقليمية تلقت مالاً وسلاحاً لإتمامها. إقدام العماد قهوجي وأركان القيادة على اتخاذ قرار الحسم بعد مذبحة عبرا كان تلبية لمناخ غاضب وحازم داخل المؤسسة ينادي بمنع تكرار الجرائم المشينة ضد الضباط والجنود وقد استمدت التغطية والمشروعية في القرار كما قال العماد ميشال عون من دماء شهداء الجيش ومن مبدأ الواجب المطلق في الدفاع عن شرف المؤسسة وعن حياة أفرادها وعن أمن الوطن ووحدة شعبه وأراضيه وقبل أي حسابات أخرى ومن غير انتظار إذن أو أمر من اي جهة كانت مع احترامنا لجميع الروايات اللاحقة عن التغطيات والمباركات التي لم يلمس أحد منها شيئا في لحظات السخونة الدموية والمصيرية عندما صاح العماد جان قهوجي باسم رفاق السلاح: الأمر لي وهو الأمر الذي يحتاج لبنان لدوامه واستمراره رغم دوام التراخي السياسي، فلا شيء يدل على أن أصحاب الخطة الفاشلة ارتدعوا بل هم يحاولون الانتقال بها إلى مناطق أخرى.