ذكرت صحيفة "سلات" الفرنسية أن التاريخ يعيد نفسه من جديد، فميدان تقسيم التركي أصبح بمثابة ميدان التحرير المصري، مشيرة إلى أننا أمام ربيع تركي بدأ بشكل عفوي وبمطلب غير سياسي، ولكنه تحول أمام تعسف رجال الأمن وتراكم الإحباط لدى المواطنين الأتراك إلى ثورة شعبية ربما لم تنتشر حتى الآن في جميع المدن التركية لكنها تلقى دعما من أغلبية المعارضة السياسية لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. ولفتت الصحيفة الفرنسية إلى أنه منذ ليلة الجمعة الماضية، استطاعت هذه التظاهرات أن تحشد عبر مواقع التواصل الاجتماعي آلاف من الشباب؛ فالغضب الشعبي ينتشر بسرعة كبيرة في اسطنبول وبعض المدن التركية. كما توضح القناة الفرنسية " تي في سانك " على موقعها الإخباري أن هذه الغضب الشعبي ليس وليد أمس، بل هو شعور تراكم عبر السنوات الماضية نتيجة استبداد السلطة الحاكمة بقيادة رجب طيب أردوغان. وتشير " تي في سانك " إلى أنه على الرغم من أن اسطنبول التي تندلع فيها هذه التظاهرات ليست تركيا كلها، إلا أنها تمثل كل طوائف الشعب التركي من أكراد ووطنيين وعلمانيين وعلويين..الخ. كما أوضحت القناة أيضا أن عدوى هذه التظاهرات قد انتقلت إلى المدن الكبرى كإزمير وأنقرة وانطاليه ومدن أخرى، حيث نجد المواطنين يحتشدون ويشتبكون مع قوات الأمن. وتلتفت " تي في سانك " إلى ميدان تقسيم، الذي لا يخلوا من الحركة ليلا ونهارا وسط اسطنبول، والذي يتفرع حوله أكبر أحياء المدينة، إلا أن هذا الميدان يعتبر رمزا مهما في التاريخ الاجتماعي والنقابي بل والسياسي في تركيا. وشهد هذا الميدان الكثير من الدماء: دماء اليساريين، دماء الشباب، دماء المعارضين للحكم الاستبدادي على مر التاريخ الحديث، وعلم أردوغان جيدا قيمة هذا الميدان لدى كل الأتراك وليس الاسطنبوليين فقط؛ فهذا الميدان تحول بسرعة شديدة إلى رمز المقاومة ضد أردوغان. وتوضح " تي في سانك " أن التظاهرات التركية مثل غيرها من التمردات الشعبية التي لم تنتج في الغالب عن مطلب سياسي، ولكن بالأحرى عن تراكم من الكبت اليومي، فلم يكن الاحتشاد للاعتراض على قرار تحويل الحديقة إلى مجمع هو السبب لهذه التظاهرات، لكنها أثارت جميع الكبت داخل نفوس الأتراك وأيقظت المعاناة التي عاشوها على مر العشر سنوات خلال حكم أردوغان. فمنذ تولى أردوغان رئاسة الحكومة، وهو يتبع سياسة استبدادية يعاني منها جزء كبير من الشعب، ويذكر الصحفي التركي ماين كيريكانات أن " كل يوم تحرم الحكومة شيئا؛ فأردوغان وحزبه أصبح يسيطر على كل شيء، فهو من ضغط على البلدية كي تحول هذه الحديقة إلى مجمع". وترى " تي في سانك " أن قرار تحديد استهلاك الكحوليات بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، فلم تعد الكحوليات تباع في منافذ البيع، كما أصبح شربها محظورا في الشوارع، ونتيجة لأن أكثر من نصف الشعب التركي علماني وجمهوري، فإنهم رأوا ذلك بمثابة التعدي على الحريات الشخصية. وتختتم الصحيفة بأننا بالفعل أمام ربيع تركي، وربما تخرج الأمور عن مسارها السلمي في ليلة وضحها، وتتحول إلى حرب شعبية خاصة وأن 17 مليون مدني تركي يملكون السلاح، وهذا ما ينذر بسوء.