جاءت بداية صناعة السينما في إفريقيا وخصوصا في دول الجنوب ضمن خطة الاستعمار في التأثير علي السكان الأصليين للقارة، واستغلال هذه القوة الناعمة لتبييض صورة المستعمر، ورفع الروح المعنوية للجنود الأوربيين، حتى أصبح تاريخ تحرر هذه القارة من الاستعمار نقطة فاصلة بين المحتوى السينمائي الذي كان يقدم في زمن الاستعمار وبعده، فقبل حركات التحرر كانت الافلام التي تقدم في الجنوب الإفريقي يصنعها مخرجون أوربيون، وكانوا يختارون موضوعات ترسخ لفكرة الاستعمار وتزيد من حدة العنصرية وتعكس صورة سلبية متدنية للسكان الأصليين الذين صورتهم على أنهم شعوب متخلفة بدائية، بينما تلمع في المقابل صورة الإنسان الأوربي المتحضر، وفي البداية كانت السينما الفرنسية هي الأكثر انتشارًا، ثم بدأت الحكومات تدرك مدى أهمية وتأثير هذه الأفلام اجتماعيًّا، حيث كانت تصور الحياة الأوربية بكل جمالياتها وثرائها وتقدمها، وفي المقابل كان الاستعمار يحجب النمو الاقتصادي عن شعوب جنوب القارة، . ولكن الصورة تغيرت تمامًا بعد أن الاستقلال، فبدأ مجموعة من المثقفيين وعلى رأسهم المخرج السنغالي الكبير عثمان سيمبين في محو الصورة المشوهة التي رسخها الاستعمار، وبدأ في تقديم عدد كبير من الأفلام التي تؤكد على الهوية الوطنية والتراث الثقافي الذي تتمسك به هذه الشعوب، وتصوير الحياة اليومية البسيطة، ورصد الاختلاف الحضاري بين ثقافتهم وما خلفته ثقافة الاحتلال، والأهم أنه قدم هذه الأفلام باللغات المحلية، فقدم فيلمه التسجيلي القصير الأول "سائق الكارو" عام 1963، وهو نموذج للسينما الواقعية، يجسد من خلال رحلة سائق عربة كارو تفاصيل الحياة بمستوياتها المتعددة في السنغال بعد الاستقلال، ويلخص سيمبين في هذا الفيلم ببراعة وبساطة انتقال السلطة والثروة من يد الاستعمار إلى يد الرأسماليين. وتبع سيمبين عدد كبير من المخرجين الأفارقة، الذين دشنوا تاريخًا جديدًا ومختلفًا للسينما، منهم من قدم أفلام من قلب القارة السمراء، ومنهم من قدمها من الخارج من دول المهجر، وكانت موضوعاتها تدور عن إفريقيا أو الأفارقة المهاجرين، حتى استطاعت السينما الإفريقية أن تضع أقدامها بقوة في كبرى المهرجانات السينمائية في العالم، ليكون لها تمثيل ثابت سنويًّا في تلك المهرجانات بعد انتهاء الاستعمار الأوربي وحصول تلك الدول على حريتها، ومن أشهر المخرجين المخرج المالي سليمان سيسيه، وهو أحد رموز السينما الواقعية في القرن العشرين وكان أول إفريقي يحصل على جائزة النقاد في مهرجان كان عن فيلمه سطوع عام 1987. ومن إثيوبيا يعد المخرج الكبير هايلي جريما من أشهر مخرجين الموجة الأولى، وتقترن الملامح الجمالية لأفلام هايلى جريما مع محاولاته الشخصية لتصحيح الصورة النمطية التى رسخها الاستعمار حول الشعوب الإفريقية في جميع أنحاء العالم، من أشهر أفلامه "رحلة غير مكتملة" و"سانكوفا وتيزا"، وحصل جريما على العديد من الجوائز طوال مشواره الفنى كان من أهمها الجائزة الكبرى لمهرجان لوكارنو عن فيلم 3000 عام وذلك سنة 1976، وقد حصل نفس الفيلم على جائزة الأعمال الكلاسيكية من مهرجان كان، كما حصل على جائزة الحصان الذهبى من مهرجان فيسباكو عام 2009 . بينما اختلفت رؤى مخرجي الموجة الثانية لمخرجي السينما في إفريقيا،لم تعد العودة إلى الماضي واسترجاع زمن الاستعمار هي التيمة المستخدمة في مواضيع أفلامهم، وغلبت على معظم أفلام الموجة الجديدة النظرة المستقبلية لحياة القارة والإنسان الإفريقي، وإمكانية التعايش مع الماضي وربطه بالحاضر للمضي إلى مستقبل جديد. من أشهر مخرجي الموجه الجديدة المخرج المخرج التشادي محمد صالح هارون، الذي سيشارك في الدورة القادمة من مهرجان كان بفيلمه الجديد "السحر"، قام هارون بإخراج أول أفلامه "باي باي أفريقيا"، وشارك في فاعليات مهرجان كان عام 2001، وحصل على جائزة لجنة التحكيم لمهرجان فينسيا عن فيلمه "موسم جاف" عام 2006، قبل أن يشارك عام 2010 في مهرجان كان مرة أخرى بفيلم "رجل يصرخ" الذي حصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة نفسها. ومن مالي جاء المخرج شيخ عمر سيسوكو، الذي قدم عام 1993 فيلمه الروائي "الطاغية"، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة بمهرجان "لوكارنو" السينمائي الدولي، وبجائزة "فحل يننجا" من مهرجان "فيسباكو" مهرجان عموم إفريقيا للتليفزيون والسينما في واجادوجو.