هل كانت الشرطة المصرية فعلا تحافظ علي الأمن قبل 25 يناير ؟ هل فعلا الشرطة تريد العودة إلي العمل والحفاظ علي حياة المواطنين وتفرض الأمان ؟ أسئلة كثيرة دارت برأسي بعد استخدام فزاعة الفراغ والانفلات الأمني بعد فزاعة الجوع ووقف الحال ومن قبل فزاعة الاخوان والإرهاب ، الفزاعة التي من اجلها تم إقرار قانون يعاقب بالإعدام علي أعمال البلطجة إذا أدت إلي الوفاة . وأدت الفزاعة إلي شعارات من نوعية الشعب والشرطة ايد واحده ، وإضراب الضباط عن العمل بسبب حبس زملائهم المتهمين بقتل شهداء الثورة ، كما أسفرت الفزاعة عن تبجح الضباط وطلبوا أن نستسمحهم حتى يعودوا إلي العمل ، كما ادعي بعض الكتاب والسياسيين إلي ضرورة التصويت بنعم علي التعديلات الدستورية حتى يعود ضباط الشرطة البواسل إلي العمل وفرض الأمن . حكاية سأرويها لنتذكر كيف كانت تعمل الشرطة... زميلة صحفية تسكن في منطقة راقية بالمقطم جيرانها مهندسون وأطباء وأساتذة في الجامعة في نفس الشارع الذي تسكن فيه معهد خاص يدرس فيه الطلاب علوم الإدارة والحاسب الآلي ، معركة ضارية دارت بين الطلاب بالأسلحة البيضاء والحجارة طالت بعض السيارات الواقفة أمام المنازل، زميلتنا اتصلت بالنجدة أكثر من مرة حتى ردوا عليها أخبرتهم وقالوا سنأتي فورا انتظرت ساعة إلا إن أحدا لم يأت وتطورت المعركة بين الطلاب ، واستدعي كل طرف أنصاره من المناطق المجاورة ، وتصدي حراس العمارات للطلاب ومنعوهم من الاقتراب من السيارات والاختباء بالمنازل ، اتصلت زميلتنا مرة أخري بالنجدة قالوا لها اتصلنا بقسم الشرطة الذي لا يبعد سوي خمسة دقائق من مكان المعركة وهم في الطريق ، اضطرت زميلتي أن تتصل هي بقسم الشرطة وكانت مفاجأة لها أن قال لها احد الضباط إن بلاغ النجدة وصل إليهم ، قالت لماذا لا تأتوا هناك طلاب مصابين والفزع يحيط بالسكان ، اخبرها الضابط المحترم حاضر هنيجي بس لما الأمور تهدأ ، صرخت في وجهه الناس بتموت ، أغلق التليفون في وجهها ، ومرت الساعات وانتهي كل شيء ورأت طلاب محمولين علي الأعناق إلي المستشفي ، وبعد ذلك جاءت الشرطة لتسأل حراس العمارات عما حدث . انتهت الحكاية والمعروف أن الشرطة لا تغيث احد وتترك البلطجية في أي معركة حتى ينهوا علي بعضهم ولا تتحرك إلا بعد الانتهاء منها وسكون الأوضاع ، والأمر يتكرر وبشكل أكثر عنفا في المناطق العشوائية والشعبية حيث يستخدم البلطجية الأسلحة النارية محلية الصنع في المعارك بينهم ولأسباب تافهة ، الشرطة أيضا لا تحقق في الجرائم ولكن تستخدم السلطات الممنوحة للضباط وتقوم بعملية تجريده أمنية وتشحن المواطنين بلا ذب وتعذب كل الأطراف حتى يعترف احدهم سواء كان مرتكبها أو حتى للخلاص من العذاب ، وفي أكثر من قضية معروفة لم تحقق بمهنية ولكن بأدوات التعذيب ، الشرطة لم تكن أبدا تفرض الأمن وتغيث المواطنين من بطش البلطجية ، بل كانت الشرطة تتفق مع البلطجية ليرشدوا علي مجرمين آخرين مقابل أن تترك المرشد الخارج علي القانون يعيث فسادا ، كنت اسمع حكايات عن تجار مخدرات يبيعون الحشيش والأدوية المخدرة بأمر من الشرطة وتحت أعينهم ، لم يكن هناك أمان قبل 25 يناير ، ونظرة سريعة علي صفحات الحوادث بأرشيف الصحف تؤكد ذلك ، الشرطة رغم سلطاتها وصلاحيات الضباط وقانون الطوارئ لم تمنع الفتن الطائفية ولا انتشار المخدرات ولا الإرهاب ولا البلطجية ، وقصص عزت حنفي خط الصعيد ومعارك الصيادين علي بحيرة المنزلة شاهدة علي عصر بلطجة لم تنفع معه شرطة ، والشرطة رغم الأموال التي تنفق علي كل ما يخص الجهاز الذي يحافظ علي حياة المواطنين لم تمنع حوادث الطريق التي كان يذهب ضحيتها 30 مواطن يوميا ومئات المصابين ، الشرطة قبل 25 يناير تفرغت لجمع الإتاوات والتعذيب القهر و الإهانة واتفقت مع البلطجية في الانتخابات ومساعدة رجال الأعمال في الاستيلاء علي الأراضي وإرهاب خصومهم . ضباط الشرطة عادوا إلي العمل مع تغيير وزير الداخلية ورفع مرتباتهم بنسبة 100% ولكنهم لا يعرفون طريقة سوي القتل وإطلاق النار وفرض الهيبة بالسلاح الميري ، فقد قتل ضابط المعادي سائق أجرة وأخر قتل مواطن في العمرانية ، هكذا تعلموا وهكذا يفلتون من العقاب علي استخدام القوة ، لا أنكر إن هناك ضباط شرفاء يقدرون عمل الشرطة ولكنهم أيضا لا يعرفون طريقة أخري ، أقسام الشرطة كانت سلخانات لتعذيب المواطنين يخاف أن يقترب منها المواطنين ، كنت أرى المواطنين يرتعشون بجواري في السيارات لمجرد أن لجنة أمنية في الطريق ، يتركون أفراد الشرطة يتفحصون هوياتهم ويخافون من الاحتجاز مثل آخرين محتجزون في سيارة الشرطة إمامهم ، وإذا افترضنا مجرد افتراض إن الشرطة لا تستطيع الآن فرض الأمن بسبب المواطنين الذين يمنعوهم من أداء عملهم ، وأن ضباط الشرطة لديهم نية حسنة للعودة والعمل بالقانون وخدمة الشعب الذي ينفق عليهم ، لماذا لا يتم إلقاء القبض علي كل الخارجين علي القانون ونحن جميعا نعلم أن رؤساء المباحث والمعاونين يعرفون البلطجية أكثر من أبنائهم كما يقولون ، ويعرفون نشاطهم وتجارتهم وسكنهم وكل شيء ، لماذا لا يرشدون القوات المسلحة علي الأقل بأماكن هؤلاء بعد كل حادث ليتم القبض عليهم ، وإذا فرضنا إن الشرطة تريد فعلا فرض الأمن والسيطرة علي الانفلات الأمني المزعوم لماذا لم يراقب جهاز أمن الدولة الذي كان يسجل ما يحدث في غرف النوم البلطجية والخارجين علي القانون ويرشد الجيش عن أماكنهم وما يفعلون حتى يتم القبض عليهم ، غير أن جزء من الحقيقة إن الشرطة تحرض علي الجريمة وترتكبها قبل وبعد الثورة وتعبث بقذارة في ملف الفتن الطائفية انتقاما من الشعب ، الجريمة موجودة دائما في كل الأنظمة والدول ومحارتها واجب ولكنها لم ولن تنتهي ، والقضية في كيفية محارتها وسيظل بعض المواطنين حتى في أحلك الظروف وأفضلها لا يشعرون بالأمان ولكن هناك ثمن لابد أن ندفعه حتى لو كان من أمننا حتى يكتمل نجاح الثورة ، لابد أن تعود الشرطة نعم ولكن بشروط الشعب الذي ينفق علي جهاز الشرطة وليس بشروط الضباط المجرمين ، لابد أولا من محاسبتهم سريعا فيما ارتكبوه من جرائم في حق الشعب حتى لو خرجوا جميعا من واجب حمايتنا بفلوسنا وقررنا أن نضع مكانهم آخرين وهم كثير ، فزاعة الأمن التي يستخدمها كتاب وسياسيون هي نفس فزاعة الاخوان والإرهاب في عصر مبارك هي نفس فزاعة الجوع ووقف الحال أيام الثورة ، ارحمونا يا سادة واحترموا عقولنا وكفاية فزاعات .