الوعي الإسلامى أهم ما يميز الزعماء فبدون وعى تساق كما يساق البهائم، تصبح متبوعا لكل ناعق ولما كان الزعيم عمر مكرم يملك وعيا إسلاميا متقدما ظهرت معالمه فى حواره مع عمر بك مستشار الوالي العثماني آن ذاك خورشيد باشا ودار بينهم هذا الحوار الذى يدل على فهم عميق للدي. فكان مما قاله عمر بك: كيف تنزلون من ولاه السلطان عليكم؟ وقد قال الله تعالى (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) فأجابه السيد مكرم: أولو الأمر هم العلماء وحملة الشريعة والسلطان العادل، وهذا رجل ظالم حتى السلطان والخليفة إذا سار في الناس بالجور فإنهم يعزلونه و يخلعونه. فقال عمر بك: وكيف تحصروننا وتمنعون عنا الماء والأكل وتقاتلوننا؟ أنحن كفره حتى تفعلوا معنا ذلك؟ فقال السيد مكرم: قد أفني العلماء والقاضي بجواز قتالكم ومحاربتكم؛ لأنكم عصاة وفى ذكرى ثورة الزعيم السيد عمر مكرم كان للبديل هذا الحوار مع حفيد الزعيم " عصام محمد عمر مكرم " يروى فيها قصة سيد من السادات وزعيم من زعماء الأمة. من هو الزعيم عمر مكرم؟ هو زعيم مصرى مخلص لوطنه ولشعبه جاهد وحارب من اجل نصرته جدى المرحوم عمر مكرم نقيب الأشراف في مصر قبل مجيء الحملة الفرنسية سنة 1798، كان شجاعًا مقدامًا، رفيع الكلمة واسع النفوذ يكره الظلم ويدافع عن حقوق الشعب، ويرفض الخضوع، عالى النفس كريمًا، ولذا اعتبره الشعب المصري في ذلك الوقت زعيمه الأول. ما هى البيئة التى نشأ فيها الزعيم؟ نشأ الزعيم فى الصعيد المصرى بمحافظة أسيوط فى أسرة متدينة، وكان يحفظ القرآن من صغره وهو من سلالة الحسن بن على بن أبي طالب كرم الله وجهه، أى من نسل رسول الله صل الله عليه وسلم -- واكمل تعليمه بالقاهرة بالأزهر الشريف. كيف جاهد الزعيم الاحتلال الفرنسى؟ عند اقتراب الفرنسيين من القاهرة قام بتعبئة الجماهير للمشاركة في القتال إلى جانب جيش المماليك، وعندما سقطت القاهرة بأيدي الفرنسيين، عرض عليه الفرنسيون عضوية الديوان الأول، إلا أنه رفض ذلك، بل فضل الهروب من مصر كلها حتى لا يظل تحت رحمة الفرنسيين، ثم عاد إلى القاهرة يعد العدة مع عدد من علماء الأزهر وزعماء الشعب لثورة كبري ضد الاحتلال الفرنسي، فيما يعرف بثورة القاهرة الثانية، وكان مكرم من زعماء تلك الثورة، فلما خمدت الثورة اضطر إلى الهروب مرة أخري خارج مصر، حتى لا يقع في قبضة الفرنسيين الذين عرفوا أنه أحد زعماء الثورة، وقاموا بمصادرة أملاكه بعد أن أفلت هو من أيديهم، وظل خارج مصر حتى رحيل الحملة الفرنسية. لم يكن نضاله ضد الاحتلال فقط بل كان ضد الظلم أيضا فكيف كان ذلك؟ بعد خروج الفرنسيين عاد مرة أخري إلى مصر حيث ثار ضد الوالي خورشيد باشا ودار بينه وبين مستشاره عمر بك حوار حول أن الوالى المفروض ان يطاع، فهو ولى الأمر، ولكن الزعيم كان على وعى تام بدينه فرد عليه قائلا: "علينا طاعته مادام يطيع الله وعلينا خلعه إذا كان ظالما وجائرا"، وفشلت المفاوضات بين الوالى والثوار فاجتمع العلماء بالأزهر وأضربوا عن إلقاء الدروس وتم إقفال الدكاكين واحتشدت الجماهير فى الشوارع وقام مكرم وعدد من زعماء الشعب برفع الأمر إلى المحكمة الكبرى، وسلم الزعماء صورة من مظالمهم على المحكمة، وهي: ألا تفرض ضريبة على المدينة إلا إذا أقرها العلماء والأعيان، وأن يجلو الجند عن القاهرة، وألا يسمح بدخول أي جندي إلى المدينة حاملا سلاحه. وفي يوم 13 مايو قرر الزعماء في دار الحكمة عزل خورشيد باشا وتعيين محمد علي بدلا منه، بعد أن أخذوا عليه المواثيق أن يسير معهم بالعدل؛ وفي يوم 16 مايو 1805 صدرت فتاوى شرعية من المحكمة على صورة سؤال وجوابه بشرعية عزل الوالي خورشيد باشا، وانتهي الأمر بعزل الوالي خورشيد باشا، ونجاح الثورة الشعبية. أقرت الثورة بمحمد علي حاكمًا على مصر من خلال معاهدة وشروط بينه وبين زعماء الشعب، مبدأ الشورى، وعدم اتخاذ قرار بدون الرجوع لممثلي الشعب، وهم العلماء والأعيان، ولو سارت الأمور في مسارها الصحيح بعد ذلك لكان إيذانًا بروح من الحرية والشورى واحترام إرادة الشعب وخياراته يسود مصر، ولكن محمد علي التف على هذا الأمر وأفرغه من مضمونه فيما بعد ما دور الزعيم فى إجلاء حملة فريزر؟ عندما جاءت حملة فريزر الإنجليزية إلى مصر قام مكرم بتنظيم المقاومة الشعبية ونجح في هزيمة الإنجليز في رشيد، وخروجهم من مصر رغم غياب والي مصر في ذلك الوقت محمد علي لانشغاله بمحاربة المماليك في الصعيد وعندما تمكن محمد علي من السيطرة على الحكم في مصر قام بالتخلص من زعماء الشعب وعلى رأسهم السيد عمر مكرم، فحدد إقامته بمدينة دمياط سنة 1809، ثم مدينة طنطا سنة 1822 حيث توفي بها هل ترى ان الزعيم عمر مكرم اخذ حقه من التكريم؟ لم يحدث، فهذا الزعيم الذى كرس حياته للدفاع عن وطنه وبلده وتمت مصادرة أملاكه وتنازل عن ثروته من اجل وطنه مع ذلك لم يتم تكريمه التكريم اللائق به، إن أملاك جدنا الزعيم المرحوم تقدر بمليارات المليارات ففي ميدان التحرير والعباسية ووسط القاهرة جزء صغير من أملاكه بالإضافة إلى أكثر من 900 فدان بأسيوط وكثير فى القاهرة أيضا ميدان العتبه وما يقرب من 500 فدان وسط القاهرة بخلاف العقارات وكله بمستندات بخط اليد وموثقة وبالرغم من حصولنا على حكم قضائى مستأنف من دار القضاء العالي الشامخ. وفى نهاية الحوار نجد أن السيد عمر مكرم قاد المقاومة الشعبية ضد الفرنسيين وظلم الولاة والإنجليز، ودعا الناس إلى حمل السلاح والثورة على الاحتلال والظلم. عمر مكرم لم يكن رجل علم ودين فقط بل كان رجل جهاد وقتال وسياسة وان الازهر كان له دور عظيم فى الدفاع عن مصر ضد الاحتلال والطغاه فى كل عصر.