شهدت احتفالات الإسماعلية بشم النسيم هذا العام عودة أحد الطقوس الهامة والتى شكلت أحد أهم مظاهر التى تميز احتفال مدن القناة بعيد شم النسيم، وهو حرق "اللمبى"، والذى يعد من خصوصيات الإسماعيلاوية، ويعبر عن هويتهم وثقافتهم. وحرق اللمبى نشأ فى مواجهة الاحتلال البريطاني كوسيلة يعبر بها المواطنون عن غضبهم ورفضهم للظلم والطغيان. ومع الأحداث السياسية التى تشهدها البلاد وشعور المواطنين بالغضب والاستياء من أوضاع مجتمعنا يعود اللمبى ليظهر من جديد ولكن فى شكل مختلف، فقد اختار النشطاء والقوى السياسية وأبناء الإسماعيلية الرئيس مرسى ليكون هو لمبى هذا العصر، معبرين بذلك عن رفضهم لأإسلوب إدارته للبلاد وعدم تنفيذ وعوده الانتخابية للمواطنين. وعن نشأة ذلك الطقس قال المؤرخ والكاتب البورسعيدى قاسم مسعد عليوة "إن البداية كانت مع الجالية الأرثوذكسية ببورسعيد والتى كانت تقوم بحرق دمية اسمها "الجودث" فى عيد القيامة؛ حيث إنه كان يتم تعليق الدمية ببرج كنيسة سان جون بحى الأفرنج. وقد أثارت تلك العادة غضب الجالية البهودبة ببورسعيد فى ذلك الوقت، فقاموا بتقديم شكوى لحاكم المدبنة وقتها، وهو إبراهيم توفيق، والذى أمر بإرسال الشرطة بقيادة ضابط إيطالى اعتدى على المواطنين، وكان ذلك فى العام 1883 أى بعد الاحتلال الإنجليزى لمصر بعام واحد". وأشار إلى أن ذلك مذكور بكتاب يحمل عنوان "حقائق وذكريات عن مدينة بورسعيد" للمؤلف اليونانى ديمتريوس هالدوبيس، وأوضح أن لقب اللمبى يعود إلى المندوب السامى البريطانى أيام ثورة 1919 وكان شخصًا متكبرًا ومتجبرًا وظالمًا، فضلاً عن دوره فى نفى سعد زغلول؛ مما جعل منه عدو الشعب الأول؛ لذلك قاموا بصنع دمية اللمبى. والأصل أن الدمية اسمها اللنبى، ولكن تم تعديله، وكان كل بيت فى المدينة يقوم بصنع دمية ويعلقونها جميعًا بالشارع، ويعملون بعد ذلك زفة تطوف بالدمية فى المحافظة، ثم يحرقونها في منتصف ليلة شم النسيم. وأوضح قاسم أن "الدمية كانت تتغير وفقًا للأحداث والظروف التى تمر بالبلاد؛ فأيام العدوان الثلاثى كانوا يصنعون 3 دميات لكل من "أنطونى إيدن رئيس وزراء بريطانيا و"مولييه" رئيس وزراء فرنسا و"بن جوريون" رئيس وزراء إسرائيل، والسنة الماضية كانت على أشكال مبارك وزوجته وأبنائه ورموز نظامه، كما يمكن أن تأخذ أدوارًا اجتماعية بأن تكون حكم مباراة كرة قدم على سبيل المثال". وأكد عليوة أن الدمية تطورت على مدار السنين، فبعد أن كانت تصنع غير محددة الملامح، أصبحت ذات ملامح واضحة، وذلك على يد فنان يدعى "مسعد خضير"، إلا أنه فى السنوات الأخيرة شهد هذا الطقس تراجعًا ملحوظًا، وذلك بعد دخول الغاز الطبيعى للمدينة والتحذير من الأخطار البيئية، إلا أنها لا تزال جزءًا هامًّا من الموروث الشعبى لأبناء مدن القناة. ونجد أن شعب الإسماعيلية هذا العام قرر إحياء تلك العادة؛ لكونها تعتبر من الوسائل السلمية للتعبير عن اّرائهم ورفضهم لأى محاولة لتقييد حربتهم". وأشارت منى يوسف أمينة الإعلام بحزب الدستور إلى أن "الدمية هى رمز لعدو الشعب وأن حرقها يشابه ما قام به أهالى الإسماعيلية من تحدى قرار الحظر الذى كان مرسى قد أقره مطلع هذا العام؛ ليضرب مثلاً فى التمرد والمقاومة من خلال عاداته وتقاليده والتى لا يمكن لأى جماعة أو أيدولوجية معينة أن تغيرها". وذكر مصطفى سنجر أحد شباب الثورة بالإسماعيلية أن "عادة زفة اللمبى شىء اعتاد عليه أهالى القناة لمقاومة الظلم والفساد الدينى للمحتل الإنجليزى، والآن بعد غياب 12 عامًا قرر أبناء الإسماعيلية إعادتها مرة أخرى لحرق رمز الظلم من وجهة نظرهم وهو مرسى". وأوضح أن "الدمية التى تم حرقها مساء أمس الاثنين يبلغ طولها (6 X 4) أمتار، واستغرق صنعها أربعة أيام، وتلوينها يومين، وأن ذلك تم لكي تصل رسالة للعالم بأن الشعب أصبح رافضًا لمرسى، ويرى أنه فقد شرعيته".