ذكرت صحيفة "أفريك أسي" الفرنسية أن الغرب يقوم في الوقت الحالي بعملية غزو للقارة الإفريقية للحد من المد الصيني الذي بدأ يدرك قيمة هذه القارة. وتشير إلى أن الدول الغربية تحاول حاليا غزو القارة الإفريقية عسكريا لوقف الانتشار الاقتصادي للصين والاقتصاديات الأخرى الناشئة بحجة محاربة الإرهاب سواء تحت مسمى قتال الجماعات الإسلامية المتطرفة. وتؤكد "أفريك أسي" أن الحرب الغربية في إفريقيا تصاعدت خلال الأعوام الأخيرة، ففي 2008، أنشأت الولاياتالمتحدة مركز "أفريكوم" وهو مركز قيادي موحد يقدم توصيات للولايات المتحدة بشن العمليات العسكرية في مناطق محددة داخل إفريقيا، فكان هناك عمليات عسكرية في ساحل العاج وليبيا ومالي والصومال والكنغو بالإضافة إلى عمليات أخرى ولكن غير موجهة بشكل مباشر إلى دولة بعينها. وفي هذا السياق، يشير الباحث بالشئون الإفريقية والشرق الأوسط محمد حسن أن الهجمات الغربية العديدة على القارة الإفريقية تحت مسمى الإرهاب هي في الواقع مقاومة الإنتشار الاقتصادي للصين في هذه الدول الإفريقية، حيث أن خلق مسمى الإرهاب في أي دولة إفريقية يبعد الصين عن الاستثمار فيها، وبالتالي لا تستطيع أي دول أخرى أن تنافس الوجود الغربي داخل إفريقيا. ويضيف مؤلف كتاب "استراتيجية الفوضى" و"العراق في مواجهة الاحتلال" أن هذه السياسة التي تنتهجها بعض الدول الغربية تجاه القارة الإفريقية يضمن دوام وضع يديها على المواد الخام والتحكم بها. ومنذ سبعينات القرن الماضي، والرأسمالية الأوربية بدأت تعاني من أزمات كبيرة، مما دفع القادة الغربيين إلى تبني سياسة فوق ليبرالية ي رافقها هجوم أيدولوجي عنيف ضد الشيويعية في إفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية أدى غلى سقوط أغلبية الأنظمة الشيوعية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي. إلا أن الصين في الوقت الحالي تفوقت على الدول الرأسمالية، بل وأصبحت ثأني أكبر إقتصاد في العالم بعد الولاياتالمتحدة، بالإضافة إلى أنها من اكبر القوى التجارية في العالم. ونتيجة للتوسع الاقتصادي الصيني، بدأت الدول الغربية تشعر بخطورة الصين خاصة في مستعمراتها القديمة في إفريقيا، واعتبرتها عدوها الإستراتيجي في الحرب الباردة الثانية.ففي 2011، أكد الرئيس الأمريكي باراك اوباما أن أسيا من الأن فصاعدا ستصبح هي القارة رقم واحد بالنسبة للسياسة الأمريكية الخارجية، وليس من قبيل المصادفة أن تكون الزيارة الأولى للرئيس أوباما بعد الانتخابات الرئاسية 2012 للخارج دولة بورما، ملف رئيس بالنسبة للسياسة الخارجية الصينية. ويلفت الباحث إلى أنه منذ 2008 وغزو إفريقيا أصبح ضرورة ملحة بالنسبة لواشنطن والدول الغربية، وهذا ما بدا واضحًا منذ قيام الولاياتالمتحدة والدول الأوربية بالتدخل في حرب ساحل العاج في 2011، ثم ليبيا ومالي. وعلى صعيد آخر، يرى محمد حسن أن التدخل العسكري المباشر للدول الأعضاء في حلف الناتو في الحروب الإفريقية بالإضافة إلى الدور الرئيس الذي يلعبه "أفريكوم" سيزداد خلال الأعوام المقبلة. فضلا عن أن "مركز أفريكوم" ارتبط باتفاقيات تعاون عسكري مع عدد يتزايد بشكل مستمر من الجيوش الدول الإفريقية، والهدف أن يكون للقوات الأمريكية قدم داخل القوات الإفريقية، مما يعني مساعدة أمريكا في أي حرب ربما تحدث مستقبلا. وهذه الخطة سبقت وأن نفذتها أمريكا في الصومال والكنغو بالإضافة إلى روندا وأوغندا وأثيوبيا، ويكفي أن نذكر أن القوات الأمريكية أستقبلت العام الماضي بعثة عسكرية من 35 دولة إفريقية. واختتم الباحث قائلًا: هذه المحاولة لإخضاع إفريقيا عسكريًّا تستهدف في الأساس مواجهة المد الاقتصادي الصيني وبعض الاقتصاديات الصاعدة بحجة محاربة الإرهاب، لتصبح هذه الدول اليد العليا على القارة الغنية بالثروات التي لم يتم إستغلالها حتى الآن.