تلعب الصادرات دورًا مهمًا وحيويًّا وتمثل إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد القومي والدعائم المهمة للتنمية الاقتصادية؛ لدورها الكبير في دفع عجلة النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاج وتوفير النقد الأجنبي، وتحسين ميزان المدفوعات وخلق مزيد من فرص العمل والتوظف، خاصة في الوقت الحالي مع انخفاض معدل النمو وارتفاع قيمة الدولار وانخفاض قيمة الجنيه المصري، بما يتطلب العمل على زيادة الاهتمام بتنمية الصادرات والتي لم تعد تقف عند حدود الأسعار المنخفضة ورفع قدرتها التنافسية في الأسواق الدولية من خلال زيادة الوعي بمتطلبات الجودة والتأكد من مطابقة المنتجات التي يتم تصديرها للمعايير البيئية المطلوبة للحفاظ على البيئة وضمان تحقيق التنمية المستدامة من ناحية وتحقيق النفاذ للأسواق ومواجهة التحديات التنافسية خاصة في ظل التطورات الاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها النظام العالمي والتي تتمثل في تحرير التجارة الدولية والعولمة وانتشار التكتلات الاقتصادية الدولية وثورة المعلومات والتكنولوجيا وتغير ملامح البيئة الاقتصادية الدولية والضغوط التنافسية المتزايدة في الأسواق. ويتضح ذلك في دراسة أعدتها الباحثة/ منى أبو العطا حليم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية للحصول على درجة الدكتوراه في الاقتصاد تحت إشراف كل من الأستاذ الدكتور/ أحمد السمان أستاذ الاقتصاد بالكلية والعميد الأسبق بكلية الاقتصاد والإدارة جامعة 6 أكتوبر والأستاذة الدكتورة/ خديجة الأعسر أستاذ الاقتصاد بالكلية وناقشها كل من الأستاذ الدكتور/ سامي السيد أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بالكلية، والأستاذ الدكتور/ حامد مرسي أستاذ الاقتصاد وعميد كلية تجارة جامعة السويس. وتناولت الدراسة أهمية الصادرات للاقتصاد القومي والتعرف على مدى توافر محددات القدرة التنافسية للصادرات المصرية وفقًا لمنهج بورتر وبصفة خاصة صادرات الصناعات الغذائية والنسيجية نظرًا لأهميتهما النسبية في الاقتصاد القومي من حيث توليد القيمة المضافة وتوظيف القوي العاملة، والتعرف على أسباب ضعف القدرة التنافسية للصادرات الغذائية وتدهور القدرة التنافسية لصادرات الصناعات النسيجية على الرغم من امتلاك المقومات الأساسية كافة. كما تناولت تقييم آثار اتفاقية الشراكة الأوروبية وبروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة "الكويز" علي الصادرات المصرية لسوقي الاتحاد الأوروبي الولاياتالمتحدةالأمريكية في ضوء المعايير والاشتراطات البيئية المطلوبة، موضحة أنه على الرغم من تمتع الصادرات خاصة الصادرات النسيجية بالنفاذ لسوقي الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة تحت مظلة اتفاقية الشراكة الأوروبية المصرية والكويز، إلَّا أن الصادرات المصرية إلي الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة لم تشهد تحسنًا ملحوظًا تحقق الاستفادة القصوى من هاتين الاتفاقيتين منذ دخولهما حيز التنفيذ وحتى الآن مقارنة بالدول الأخرى التي لا تتمتع بالمميزات نفسها في هاتين السوقين الرئيستين نتيجة لافتقارها للعديد من المزايا التنافسية التي تمكنها من التواجد في هذه الأسواق. وانتهت إلى أن العلامات البيئية وشهادات الجودة في ظل المتطلبات الجديدة للسوق العالمي أصبحت أداة ضرورية لا غنى عنها وجواز المرور لأغلب الصادرات المصرية، وأن التحسين المستمر من خلال الاهتمام بالبحث والتطوير واستخدام التكنولوجيا النظيفة يؤدي إلى الحفاظ على البيئة ويضمن صحة وسلامة الأفراد ويعمل في الوقت ذاته على دعم وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات المصرية في إطار تحقيق التنمية المستدامة خاصة في ظل المتغيرات التي حدثت في التجارة الدولية. وأنه على رغم ما قامت به الدولة في مجال التوافق مع الاشتراطات الدولية المطلوبة إلَّا أن الصناعة المصرية لا تزال تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات لتحسين جودة المنتج وزيادة الإنتاجية ورفع القدرة التنافسية في الأسواق الدولية على مواجهة التحديات والمنافسة في الأسواق العالمية مع تراجع مؤشر التمكين التجاري الذي يقيس مدى انفتاح التجارة الدولية والنفاذ للأسواق إلى 90/132 بما يتطلب التوسع في التجارة الدولية والعمل على تنمية القدرة التنافسية للصادرات المصرية لزيادة معدلات الإنتاجية والتشغيل ومستويات النمو الاقتصادي الذي نحتاج إليه في هذه الفترة التي يمر بها الاقتصاد المصري. وأوصت الدراسة بعدة توصيات منها: - دمج مبادئ التنمية المستدامة في سياسات الدولة وبرامجها ومشروعاتها من خلال مراجعة التشريعات البيئية والسياسات التجارية المتبعة والعمل على إصدار التشريعات وتبنى السياسات التي تتلاءم مع متطلبات النظام التجاري العالمي من ناحية والمحافظة على البيئة نظيفة لتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة من ناحية أخرى من خلال تعزيز تطبيق تلك التشريعات على القطاع الصناعي، وتبنى مفهوم الصناعة الخضراء والإنتاج الأنظف ودمجهم في التشريعات والسياسات الصناعية. - نشر وزيادة الوعي البيئي وخلق مناخ يشجع الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة وعمليات الإنتاج غير الضارة بالبيئة من خلال تقديم الدعم المالي والفني و تعزيز دور حوافز الامتثال والمحافظة على البيئة كالتخفيضات الضريبية أو الإعفاءات الجمركية على المواد الصديقة للبيئة ومعدات مكافحة التلوث والربط بين التسهيلات وتحقيق أهداف بيئية معينة. - تفعيل دور منظمة التجارة العالمية والتأكيد على عدم استخدام القيود والمعايير البيئية بصورة متشددة كوسيلة حمائية اقتصادية مقنعة غير تعريفية وغير مبررة على أسس بيئية كذلك لابد وأن تعكس المعايير المطلوبة الوضع البيئي والتنموي الذي تطبق عليه وتتلاءم معه، وتطبيق مبدأ المسؤوليات المشتركة ولكن المتفاوتة وفقا لطبيعة وظروف وإمكانيات كل دولة. - ضرورة مساهمة صندوق تنمية الصادرات بدور فعال في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ووضع تصنيف محدد لها وعدم الانحياز للشركات كبيرة الحجم خاصة وأنها تشكل حوالي 85% من إجمالي الشركات في الصناعات التحويلية واستحداث برامج جديدة؛ لدعم وتأهيل وتطوير هذه الشركات والنهوض بها للارتقاء بإنتاجيتها والاندماج في الأسواقالعالمية. - تفعيل دور أجهزة الرقابة على الجودة بالاستعانة بما هو متبع في الدول الأوروبية، والأخذ في الاعتبار عند وضع المواصفات المحلية المواصفات القياسية والأنظمة والمعايير العالمية وتحديد جهة واحدة لاختبار المنتجات وفحصها مع التركيز علي التأكد من الجودة حتى يتم الوثوق في المنتجات المصرية واكتساب السمعة التجارية من خلال تطوير المعامل والاختبارات المصرية وتأهيلها، واستحداث الشعارات والعلامات الجيدة التي تُميز صادرتنا في الأسوق العالمية. - تشجيع الاستثمار الأجنبي في أساليب وتقنيات الإنتاج الأنظف والمشاريع الصديقة للبيئة وإدخال البعد البيئي في السياسات التي تحكم الاستثمارات الأجنبية وسياسات تنمية الصادرات. - زيادة الاهتمام بمراكز نقل التكنولوجيا والابتكار وربطها بشبكة نقل التكنولوجيا والابتكار الأوروبية للاستفادة من التكنولوجيا الأوروبية وتفعيل دور مركز تكنولوجيا الصناعات النسيجية والغذائية بهدف تحديث الشركات المصرية العاملة في هذين القطاعين وتعميق استخدام أساليب الإنتاج والإدارة المتطورة مما يزيد من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية والارتقاء بعملية التصنيع في هذه الصناعات. - دعم دور البحث العلمي والتنمية التكنولوجية وتوفير المناخ الملائم للابتكار وتعزيز فكرة إنشاء صندوق للبحث والتطوير بمشاركة كل من الدولة والقطاع الخاص يكون مسئولًا عن تمويل إنشاء وحدات للبحث والتطوير داخل الشركات. بالإضافة إلى تضافر الجهود مع المؤسسات التعليمية والبحثية لربط البحث العلمي باحتياجات الصناعة. - الدخول في سلاسل القيمة العالمية للصناعات الغذائية من خلال بناء قدرات تنافسية للشركات المحلية وجذب الشركات الدولية إليها. - عدم الاعتماد على تصدير المادة الخام والاستفادة من الخامات ومستلزمات الإنتاج الموجودة بربط الصادرات بتعميق الصناعة والارتقاء بسلسلة القيمة المضافة وذلك كما في تجارب العديد من الدول المنافسة. - التعاون مع الشبكات العالمية للإنتاج والتسويق لربط الإنتاج داخل الصناعة بهذه الشبكات لمتابعة ومسايرة الأذواق والاتجاهات ومستويات الجودة. - تنويع هيكل الصادرات وتوسيع دائرة التوزيع الجغرافي للشركاء التجاريين خاصة في الصادرات النسيجية وعدم التركيز على توجيه صادراته لأسواق محددة وفتح أسواق واعدة جديدة..