أثارت الأزمة الأخيرة في هيئة قصور الثقافة مخاوف المثقفين من محاولة تفكيك المؤسسة الثقافية واختراقها هذه المرة بالقانون الذي استخدم لاستبعاد قيادات من مناصبها وتعيين موظفين بيروقراطيين يفتقرون للكفاءة، وينفذون الأوامر بدلاً من المبدعين. وذلك بعد أن تم استبعاد أربعة مبدعين وهم صبحي موسى، مدير إدارة النشر وعبده الزارع، مدير عام فرع ثقافة الجيزة وحمدي سليمان، مدير ثقافة الإسماعلية وناصر العزبي، مدير ثقافة دمياط . ويري بعض المثقفين أن ما حدث ممنهج ومخطط له مسبقا، مؤكدين أن الجماعة الثقافية تصدت بحزم ل"أخونة" وزارة الثقافة، ما جعل الإخوان يستخدمون القانون لتعين موظفين يدينون بالولاء لهم، في سابقة تنذر بانهيار المؤسسات الثقافية، بينما يرى آخرون أن ما حدث لا يعدو أن يكون تطبيقا للقانون ويسري في كل الوزارات. لأول مرة في تاريخ قصور الثقافة يتم تنحية أبناء الثورة لصالح الموظفين والبقية تأتي، وسيتم تنحية باقي المثقفين الذين يشغلون مناصب قيادية ويشكلون مصدر إزعاج للسلطة بالتدريج وباسم القانون, هكذا تحدث الشاعر عبده الزارع، مدير عام فرع ثقافة الجيزة والذي استبعد من منصبه. وقال زارع : فوجئنا بإعلان الهيئة عن بعض الوظائف الخالية "37 وظيفة" لدرجة مدير عام، ويشترط لنيل هذه الدرجة الأقدمية، ولأننا أتينا مع الثورة وحققنا إنجازات في قصور الثقافة ولكننا نفتقر للأقدمية تم الاطاحة في البداية بأربعة مديرين والبقية تاتي. وأكد الزارع على أن هذا الإعلان المريب كان مخططا له في السابق لإزاحة المثقفين والمبدعين لصالح موظفين منفذين للأوامر بدون فهم ووعي، مشيرا إلى أنه بعد تولي الاخوان السلطة شنوا هجوما واسعا علي مؤسسات الثقافة بدعوي إقامة فاعليات باسم الحرية والعدالة ولكن المثقفين والقيادات في قصور الثقافة تصدو لمثل هذه المحاولات، لافتا إلى منع حمدي سليمان، مدير قصر ثقافة الاسماعلية لأعضاء الحرية والعدالة من إقامة فاعليات به. "مشروع الأخونة الصريح سيقابله المثقفون بعداء واضح وحرب ضروس ولكن ما يحدث هو إحلال وتبديل" هكذا تحدث صبحي موسي، مدير إدارة النشر السابق والذي أكد أن ما يحدث ليس "أخونة" ولكنه تبديل وإحلال وتغير هاديء و تولية موظفين بدلا من الكفاءات الثقافية بحيث يكون هناك صراع بين المثقفين والموظفين والزج ببعض مثقفي الإخوان للمناصب القيادية، ثم ينتهي الصراع لصالح الإخوان باسم القانون. وتساءل موسي عن أسباب موافقة محمد صابر عرب، وزير الثقافة السريعة على قرار تعيين أكثر من 40 موظف، في الوقت الذي لم يعتمد فيه تعين6 مديرين لدار الكتب، مشيرا إلى أن سعد عبد الرحمن لم يعد لديه سوى 6 أشهر ليحال إلى التقاعد و لذلك لا يريد صراعات مع الموظفين. "السلطة تستخدم القانون لتنفيذ أهدافها و بالقانون تم تعين هؤلاء المثقفين لتسير الأعمال وبقانون آخر تم تنحيتهم" هكذا علقت الكاتبة الروائية هويدا صالح على الأحداث الأخيرة، مضيفة أنه تم تعين مجموعة من الإداريين والموظفين لتكون الوظائف الثقافية حكرا على الموظف الإداري المطيع للأوامر وليست للمثقف المتمرد، مؤكدة أنه بعد تولي الإخوان السلطة ظهرت أسماء بعض المثقفين الذين ينتمون لهم في قطاعات كثيرة من وزارة الثقافة وبدأو يتقلدوا مناصب مهمة في الجرائد الرسمية والثقافية مثل أخبار الأدب والثقافة الجديدة وغيرها. وأضافت أن هناك ما هو أخطر وهو العمل في الخفاء، مشيرة إلى أن حزب الحرية والعدالة كون جماعة ثقافية باسم "الحرية" وصاغوا بروتوكلات تعاون مع وزارة الثقافة لتنظيم ندوات وأنشطة ليستطيعوا التسرب إلى داخل الوزارة، وخطتهم في ذلك أن يكون لهم دور في توجيه الثقافة وبذلك يقضوا علي الهوية . أما عن دور وزير الثقافة في كل هذه الأحداث ذكرت صالح أن وزير صابر عرب بدرجة موظف وليست له مواقف ثورية أما أحمد زحام، نائب رئيس هيئة قصور الثقافة السابق فيري أن "أخونة" وزارة الثقافة يعد قرارا مؤجلا تمهد له الجماعة على الأرض بخلق صراعات بين جماعة المثقفين تمهيدا لتفكيك المؤسسة الثقافية عن طريق مجموعة من الموظفيين البيروقراطين الذين يقدسون السلطة ومبدأ السمع والطاعة. وأضاف زحام أن للاخوان آليات في تفكيك المؤسسسة مثلما حدث مع رئيس جامعة المنوفية الذي أصدر قرارا بمنع موسيقي مصاحبة للعروض المسرحية ومنع الرقص في المسرحيات أو الاستعانة بمسرحيات مترجمة، مما يشير إلى أنه مطيع للاخوان وينفذ الأوامر المطلوبة منه، وهذا ما سيحدث مع القيادات الثقافية في الفترة المقبلة و سوف تأتي قيادات تنفذ المطلوب، مؤكدا أن الغباء الإداري يؤدي إلي كوارث منها تدمير المؤسسات وربما في الوزراة المقبلة يأتي الاخوان بوزير مثل صلاح عبد المقصود، وزير الإعلام وبالتالي ستصبح كارثة ثقافية. ويري بعض المثقفين أن المسالة أكثر تعقيدا من "الأخونة" وهومليء الوظائف القيادية بموظفين منعدمي الكفاءة والقدرات وهذه "البيروقراطية" خلقت عقلية الموظف الذي يسعي دائما للترقي علي حساب هويته وإنسانيته، حيث يؤكد محمود حامد، مدير عام تكنولوجيا المعلومات في هيئة قصور الثقافة أن هناك صراعات داخلية في قصور الثقافة بين بعض القيادات التي ترى أن المثقفين "على رأسهم ريشة" لذلك فإن حوالي 90% من بعض قيادات الهيئة يعدوا موظفين لا يعرفون ما هو دور الثقافة، ويشعرون بالدونية تجاه المثقفين لذلك يحاولون إزاحتهم، وهو ما يحدث طوال الوقت وبشكل فردي وليس ممنهج لأنه يتم اختيار الضعفاء واستبعاد ذوي الكفاءات , حتي يتحكموا في هؤلاء الموظفين ويكونو مطعين لهم، وهذا يحدث في كل المناصب من أول رئيس الوزراء حتي الوزير والمدير أما المثقف فهو صاحب قرار ورأي وموقف لذلك يجب استبعاده حتي لا يثير المشاكل. وأضاف أن قصور الثقافة مثل التعليم انتهي دورها منذ عشرات السنوات وأصبحت أماكن للاحتفالات الدعائية وليس لنشر ثقافة حقيقة مؤكدا أن الثورة المصرية أجهضت لانعدام دور الثقافة. "دا كلام خايب" هذا كان رد الشاعر سعد عبد الرحمن، رئيس هيئة قصور الثقافة على الأزمة، مؤكدا أن قانون " خمسة" طبق على المتقدمين لشغل وظيفة مدير عام وهو موجود في كل الهيئات والوزارات الحكومية، وهناك لجنة مكونة من وكلاء الوزارت لتقيم المتقدمين وقبولهم علي أساس الأقدمية ويعتمد الوزير قرار اللجنة في النهاية ، أما الذين استبعدوا فممناصبهم الإدارية كانت لتسيير الأعمال فقط، وبعد ذلك أعلن عن منصب مدير عام الذي له شروطه طبقا لقانون "خمسة"، مشيرا إلى أنه يعمل في الهيئة منذ عام 1976 ولم يحصل على منصب مدير عام سوى عام 2006 ووصف عبد الرحمن القانون بالسيء الذي يستبعد الكفاءات ولكنه الإطار الذي يعمل الجميع على أساسه علي الرغم من اعتراضه على نصوصه ولكنه في النهاية مقيد به. ونفي عبد الرحمن سماحه بسريان هذا القانون لأنه سيحال إلى التقاعد بعد فترة وجيزة، مشيرا إلى أنه يسافر كثيرا ويتنقل بين محافظات مصر لنشر الثقافة الجماهيرية في مختلف البقاع من الصعيد لسيناء لمطروح وكل ما يراعيه هو فتح افاق جديدة للثقافة الجماهيرية وليست لديه أية مصالح شخصية. وأكد عبد الرحمن على أنه يساري ناصري ويرفض أخونة وزارة الثقافة كما أنه أعطى تعليمات واضحة وصريحة بمنع أي نشاط حزبي داخل قصور الثقافة ولكن البعض يتحايل عليها ويأت تحت مظلة منظمات أهلية أو بشكل فردي ويلاقي رفضا من المثقفين عندما يكتشفون هذا التحايل. مثقفون يحذرون من خطة ل "أخونة" الوزارة وإحداث وقيعة بين المثقفين لتعيين أهل الثقة على غرار وزير الإعلام وسعد عبد الرحمن: مرغم على تطبيق القانون السيئ الذي يستبعد الكفاءات