"قتلانا فى الجنة ..وقتلاهم فى النار" قالها المسلمين للكفار بعد معركة أحد، ولكنها أبداً لم تقل حين الفتنة بين مؤيدى الإمام على وبين معاوية ورجاله (مثلا).. المصيبة أنها قيلت فى زمننا هذا شعاراً من على منصة الإخوان ومناصريهم أثناء مليونية النهضة تحت شعار "الشريعة والشرعية".. وهى تكون خارجة عن الشريعة وضد الشرعية أيضاً حين توجه لمواطنيين مصريين..المصيبة أنها لم تطلق من شباب جاهل وإنما من طاعنيين فى السن يسمون أنفسهم دعاة أوعلماء.. وعادت وتكررت نفس العبارة أثناء الاشتباكات التى وقعت عند المقر المركزى للإخوان فى المقطم. "وااا..اسلاماه" نموذج آخر من الشعارات التى أطلقت من ميكروفونات مصاحبة لحملة الإخوان وأنصارهم التى تورطت فى الطرد والضرب والنهب والجرح والتعذيب للمعتصمين عند قصر الاتحادية.. وشاهدنا على الشاشات الفضائية شابا يحمل سيفا (نعم سيفا) وحوله إخوانه من تياره ويصرخ: "حى على الجهاد .. حى على الجهاد" .. وحكى لى منذ شهور شاب من الثوار من معتصمى التحرير كيف هاجم شباب الإخوان المسلحين بالأسلحة البيضاء والشوم جانباً من المعتصمين وحين قبضوا عليه أوسعوه ضرباً بعنف شديد حتى ظن أنه على شفا الموت فرجاهم أن يتوقفوا للحظات ليسترد أنفاسه ويتلوا الشهادة، فردوا عليه وهم ينهالون عليه ضربا كيف تقول الشهادة وأنت كافر؟؟!!. كيف بهم يفعلون ويقولون كل ماسبق (وهى مجرد نماذج) وهم يدعون أنهم ملتزمين بتعاليم الإسلام وأنهم أبناء تيار دينى ألا يعلمون بالحديث الصحيح المتفق عليه بين العلماء: "من قال لأخيه يا كافر فهو كقتله ولعن المؤمن كقتله".. أم أنهم يعتبرون المخالفين لهم فى المواقف السياسية ليسوا مسلمين أصلا ؟؟!!. أما عن جرائم الدم التى تورط فيها أناس ومنهم الإخوان وجرائم الدم ليست فقط القتل وإنما الاصابة أى إصابة كانت .. ولايجب أن ينسى أحد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علمنا أن حرمة الانسان أعظم عند الله من حرمة الكعبة.. وأيضا حديث خير الأنام المتفق على صحته من مصادر كثر والذى يصر البعض على تناسيه " كل المسلم على المسلم حرام عرضه وماله ودمه ". ما تقدم الغرض منه تأكيد أن مثل هؤلاء، وهم ليسوا بقلة فى العدد ليسوا خطرا فقط على الوطن والشعب بل هم خطر على الإسلام عقيدة و شريعة وثقافة وخطر على الحضارة العربية الإسلامية.. أقول هذا ولا مجال للمزايدة على ارتباطنا حزباً و تياراً بحضارتنا العربية الإسلامية ونحن مع أغلبية شعبنا العربى نؤمن بالاسلام عقيدة للمسلمين وحضارة لغير المسلمين (فهم مرتبطين بها وثقافتهم عربية ويتحدثون لغة الإسلام وهم جزء من أمة عربية ومواطنون فى بلد مسلم يعيشون مع أخوة مسلمين).. نؤمن بأن الدين لايمكن فصله عن المجتمع ولا عن النظام العام للدولة ولا عن الحياة، ولكن يجب فصل الدين عن السياسة وهناك فرق بين فصل الدين عن الدولة وفصله عن السياسة ومناوراتها وألاعيبها ومتغيراتها وموائمتها وصراعاتها وخبائثها.. ونرفض الزج بالدين السماوى المقدس فيها. السياق العام لأغلب التيار الدينى وجماعاته وأحزابه يقدم أسواء نموذج لمن يرفع أى شعار أخلاقى فما بالك بمن يرفع شعار الإسلام ويقدم نفسه معبراً عنه بل وأنهم فوق ذلك يحاولون "حشر" إن صح التعبير تعاليم الإسلام فى الأضيق ولايسعون الى طرحه فى الأرحب.. ويحاولون أن يركبوا حصان الدين ليوصلهم الى أغراضهم ونحن لانعلم النفوس ولانحكم عليها لكن نحكم على الأقوال والأفعال.. إنهم فى كل الأحوال يخلطون المصلحى بالمبدئى والعقلى بالغيبى والدنيوى بغير الدنيوى (وهذا يختلف عن كون المعايير الأخلاقية الدينية دليلا للتعامل البشرى) ويدافعون عن جماعتهم وحزبهم على طريقة مشجعى فريق كرة القدم المتعصبين هم معه سواء كان على حق أوعلى باطل، مما يدخلهم ويدخل غيرهم فى متاهات وارتباكات والتباسات لا أول لها ولا آخر بل ويربك المجتمع كله ويبتعد بهم عن الحق والعدل وهما أسس الإسلام فى يقينى بعد عقيدة التوحيد.. الغريب أن من يقولون عبارات مثل: "قتلانا فى الجنة ..وقتلاهم فى النار" و "وااا..اسلاماه" و "حى على الجهاد" ويدمغون مخالفيهم ب"الكفر" لايقولون هذا الآن فى مواجهة صهاينة ولا غزاة حلف الناتو ولامحتلين أمريكان .. بل يتحاورون ويتواصلون ويتفاهمون مع الإدارة الأمريكية وفوق ذلك يتحالفون مع عملاء أمريكا مثل النظام القطرى.. يقولون هذه الشعارات فى وجه مصريين أغلبهم مسلمين بالعقيدة والباقيين وهم المسيحيين يعتبروا مسلمين بالثقافة وكانوا فى الستينيات وماقبلها يتمسكون بهويتهم العربية وأحسب أنه لولا أفعال جماعات العنف فى الثمانينيات والتسعينيات وأقوال قوى التطرف والتعصب فى كل وقت وحال ولولا أيضا مواقف خائبة خاسرة من نظامى السادات ومبارك ماحدثت حالة الارتباك حيال الهوية من مسيحى مصر.. الغريب أن هذه القطاعات تتعامل بالخطأ مع المسيحية على أنها وارد غربى بينما هى فى الحقيقة مهدها ومنطلقها من عندنا نزلت فى منطقتنا وخرجت منها للعالم.. وهم أيضا للأسف لم يهتدوا لهدف الجهاد ولا أسبابه ولا متى يستخدم ولا ضد من؟، وأيضا كيف يطبق فى الواقع المعاش؟.. بل هم الآن قد تخلوا عنه حتى لفظياً فى مواجة الخارج ولايطبقوه ولا يقولون به إلا فى وجه أبناء دينهم وأبناء جلدتهم.. وأصبح الجهاد مكانه سوريا فى حرب أهلية وليس فى فلسطين فى حرب تحرير ضد المحتلين الغاصبين.. لن تنتصر قيم وتعاليم الإسلام وثقافته وحضارته إلا بالعودة الى جذوره النقية التى غرسها الرسول الكريم .. لا انتصار إلا بالفهم الصحيح الواعى لمنهج الأئمة العظام الذين علموا الأجيال (الواعية) الثابت والمتغير فى الدين والفرق بين الشريعة والفقه. الأولى بكل مؤمن حقيقى بالإسلام و حضارتة أن يرفع شعارات "قتلانا فى الجنة ..وقتلاهم فى النار" و "وااا..اسلاماه" و "حى على الجهاد" فى وجه المستعمرين والمحتلين والمعتدين والغاصبين لا فى وجه أخوة الوطن مسلمين ومسيحيين هذا الإسلام الذى اعتنقه شعب مصر على مدى التاريخ وغيره ساقط بائد.