يظن البعض أنه بالدعوة والحشد والتظاهر والاعتصام والصدام يستطيع أن يفجر ثورة جديدة، العيب الرئيسى فى هذا الظن ومايترتب عليه من أفعال أن الثورة ببساطة لا تصنع .. والفعاليات والأعمال التى سبقت 25 يناير 2013 والتى بدئت منذ عام 2004 بحركة كفاية كانت من قبيل وضع البذور فى التربة لتغيير توافرت له الشروط الموضوعية وكانت فى انتظار نضج الظروف الذاتية للشعب المصرى للقيام بها ولم يتصور أحد ممن رفعوا الآذان للثورة ضد الاستبداد والافساد والتمديد لمبارك والتوريث لابنه أنهم يصنعونها، لأنه لوكان أحد صانعها لعلم موعدها ولكن حتى من دعوا واعدوا ل25 يناير وخرجوا فيه لم يتصوروا انه سيتحول لثورة.. وعليه فإن الأعمال والفعاليات التى تجرى حاليا هى محاولة تثوير وليست ثورة أسميها محاولة وليست تثويرا لأن عموم الشعب ليس متفاعلاً معها بل ربما البعض من هذه الأفعال تؤدى لتعطيل الثورة وعرقلة تحقيق أهدافها بامتهان الاعتصام والتظاهر بكثرة تكرارهما، أو بضعف الأداء وقلة المشاركين أو ابتعاد الشعارات والمطالب عن نبض الشارع أحياناً، بل يمكن لهذه الأفعال أن تكره الناس فى كلمة ثورة شاملا ثورة يناير أيضاً، ومن مخاطر مايجرى من أعمال الآن الانجرار الى العنف وأيضا العناد بعدم السعى لايقافه ووئده... ولا يفوتنا أنه يجب علينا جميعا أن ندين العنف بكل أشكاله ومهما كان مصدره وندين بنفس القوة الأسباب المؤدية له كما ندين تماما استخدام الحل الأمنى من النظام الحاكم لمواجهة مشاكل المجتمع والشباب الثورى وفى مواجهة الاحتجاج واستبعاد الحل السياسى ويجب أن يفهم الجميع أن قوانيين الطبيعة أثبتت أن لكل فعل رد فعل. من عيوب الأفعال التى تمت فى الفترةالأخيرة استباق حركة الجماهير وعدم احترام إرادة الشعب فى أنه هو من يحدد متى يتحرك وكيف ولماذا؟.. وهو الذى سيعلن لقد امتلئ خزان الغضب والرفض أم ليس بعد ومتى يفيض الكيل؟. ولتعلم أنك إذا تقدمت عن الناس بخطوات ستكون وحيداً منعزلاً عنهم سواء كنت فردا أو مجموعة أو جماعة..وإذا تأخرت عنهم ستكون ضمن الكتلة المتفرجة.. يجب أن ندرك هذا جيدا فلانسبق حركة الناس ولا نتأخر عنها..وعلى القوى الثورية التى تسعى لتحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية أن تستعمل أدوات وآليات تتناسب مع درجة ضيق وغضب الناس فى كل قضية وأمر بحيث تكون فى تقديراتك للأمور أقرب لميزان الحرارة.. لم يعد التظاهر والاعتصام مقبولاً من المواطنيين إلا فى الظروف الاضطرارية ..أو تظاهرات سلمية حاشدة لمئات الآلاف وهذا ما أظن أنه يصعب تحقيقة فى الظروف الحالية أو فى المستقبل القريب إلا إذا وقع حادث مفجر يقلب الموقف برمته. وليس معنى رفض المواطن للتظاهر والاعتصام هو رضاهم عن نظام الحكم وأفعال الإخوان أو أنه ليس ناقماً ومتضرراً من الأوضاع المعيشية والسياسية. وفى هذا الإطار يجب إعادة تعريف تعبير كثر استخدامه وهو "الشارع" هناك اتهام بأن جبهة الانقاذ مثلا سقفها أقل من سقف الشارع أو أن الشارع يسبقها ..الشارع فى نظر من يقول هذا هو الثائرين والغاضبين والمحتجين وهو غير المعنى الذى أحسبه الأصح لكلمة الشارع والذى يعنى كل المواطنيين الموجودين فى الشارع سواء سائرون على أقدامهم أوالراكبين لكل أنواع المواصلات أو الموجودين فى كل المحلات والمقاهى والمطاعم..الخ. وهنا يجب علينا استعادة أدوات سبق استخدامها فى العمل الثورى فى مراحل سابقة مثل جمع التوقيعات بمئات الآلاف بل بالملايين ومنها رفع أعلام ورايات معينة على المبانى ..ومنها أن نقرر البقاء فى البيت فى ساعات محددة أو فى يوم معين احتجاجا على شئ أو مطالبة بشئ .. ومن أهمها توعية المواطنيين بشكل منظم فردى وجماعى من كل المعارضيين بحيث يقوم كل واحد من المعارضيين أو الثائرين بتوعية الأهل والأقارب والجيران والزملاء وكل من يتعامل معهم يقوم بتوعيتهم فى كل القضايا التى تمس حياته خاصة قضيتين أساسيتين: الأولى: جوهر ومفهوم الإسلام وأن هدفه الانسان وحقه فى الحياة الكريمة وحقيقة استغلال الدين. الثانية: العدالة الاجتماعية وخاصة الأجور والأسعار والخدمات ودور النظام الحاكم الاساسى فى توفير السلع بالأسعار المناسبة للمواطنيين فى الجمعيات الاستهلاكية والبقالات بشكل يومى وليس فى الشوادر التى تقوم بها جماعة الاخوان بشكل موسمى وأن يوفر الخدمات الطبية المجانية فى المستشفيات والوحدات الصحية بشكل دائم وليس من خلال القوافل الصحية بشكل مؤقت ولمجموعات محدودة من الاهالى التى تسيرها نفس الجماعة او حزبها السياسى. كما قلت أن العمل الثورى لايقتصر على التظاهر والاعتصام فيمكن مثلاً أن نحتج على انقطاع الكهرباء المتكرر وارتفاع سعرها فى الوقت نفسه بأن نطفئ جميعا النور لمدة 10 دقائق فى توقيت محدد فى مدينة أو محافظة ثم تنتشر الفكرة والفعل فى باقى محافظات مصر وعندما يتصاعد الأمر فى الصيف نتيجة عدم حل مشاكل هذه الخدمة الاساسية فيمكن للمواطنيين الامتناع عن سدلاد الفواتيروتنتقل هذه الحالة الى باقى الخدمات .. علينا ابداع أدوات وآليات جديدة للعمل الثورى وكما أبدع شبابنا فى الدعوة والحشد ليوم 25 يناير 2011 عن طريق الوسائل الاليكترونية. أكرر العمل الثورى ليس قاصراً على التظاهر والاعتصام .. وحذارى حذارى من: ** محاولة فرض رأى أو فعل على المواطنيين. ** افتعال الثورة أو الثورية. ** اللجوء الى أية شكل من أشكال العنف.