قال الكاتب والروائي جمال الغيطاني أنه لا يوجد ما يسمى بالرواية التاريخية، بل توجد رواية عن التاريخ، وهي التي تعيد النظر في الأحداث التاريخية وتطرح الأسئلة حولها؛ لأن أسئلة الحاضر مشتبكة إلى حد كبير مع أسئلة الماضي، وأضاف الغيطاني خلال الندوة التي أقيمت مساء أمس بالمجلس الأعلى للثقافة حول "جدل الواقع والتاريخ في الرواية وأقنعة الرواية التاريخية"، أن الكتابة الروائية عن التاريخ هي كتابة ما لم يكتبه التاريخ من خلال التخييل أو تفكيك الأحداث، أما الرواية التاريخية فهي التي تعيد إنتاج أحداث التاريخ كما هي، وهنا لا تعد عملا روائيا. تحدث الغيطاني عن روايته "الزيني بركات" قائلا: همي الوجودي بالزمن جعلني أهتم بقراءة التاريخ منذ طفولتي، وخاصة تاريخ القاهرة لأنها مدينة ذات ذاكرة خصبة وواسعة، وقبل أن أكتب الزيني بركات قرأت في التاريخ المملوكي فوجدته ما زال موجودًا حتى الآن، وقرأت بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس في مرحلة مبكرة جدا، ولفت انتباهي شخصية الزيني بركات الذي كان يعمل ميقاتيا - الشخص الذي يحدد اتجاه القبلة - حتى وصل إلى أرقى منصب في الدولة وهو منصب المحتسب، كما أن همي أيضا بموضوع القهر جعلني أكتب هذه الرواية. وعن حجم الحقيقة والمتخيل في رواية " الزيني بركات" أوضح أنه قام بتفتيت الأحداث التاريخية وإعادة صياغتها في بناء جديد، دون التلاعب بالوقائع الثابتة، مشيرًا إلى أن إعادة صياغة التفاصيل كان الغرض منها إظهار واقع قهري ليس في محدوديته بل في مطلقه. وعن روايته "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" تحدث الروائي الشاب طارق إمام قائلا: لم يكن لدي ولع بكتابة رواية تاريخية، ولكني انبهرت بشخصية كفافيس، هذه الشخصية الروائية المثلية التي من الممكن اكتشاف مدينة وراءها، وقبل كتابتي للرواية قمت بتفكيك ما جمعته من أحداث تاريخية ثم بحثت عن الشكل الروائي المناسب للحظة التاريخية، حتى لا تندرج الرواية تحت السيرة الذاتية لكفافيس. وذكر إمام أنه بنى الصرح الفني للرواية اعتمادًا على قراءته لسطر واحد في أحد الكتب عن العشيق الأخير لكفافيس، وهو ألكسندر سينجوبوليس الذي جاء في رواية إمام، مضيفا: في روايتي الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس أردت أن أفكك هذه الشخصية وخاصة جانبها الاغترابي بعيدا عن فكرة الاحتفاء المجاني بكفافيس وخاصة أنه كان يحتقر المصريين.