قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: إن قرار محكمة النقض الصادر اليوم بقبول الطعن المقدم من دفاع الرئيس المخلوع، ضد الحكم بسجنه على خلفية قتل الثوار وإعادة التحقيقات، يعد نتيجة متوقعة لمحاكمة معيبة ومخيبة للآمال. وأكدت المبادرة فى بيان لها اليوم الأحد على ضرورة أن تتفادى المحكمة الجديدة، التي ستعاد المحاكمة أمامها، تكرار ما وصفته بالأخطاء الجسيمة التي شابت المحاكمة الأولى، والتي أدت إلى إلغاء الأحكام الصادرة عنها، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي وراء الحكم، هو أن المحاكمة مرت عبر قنوات الأجهزة الأمنية والقضائية ذاتها التي صُممت لحماية نظام مبارك، ودأبت على منع محاسبته حتى بعد تنحيه، والتي لم يطلها أي تغيير سواء في الافراد أو الهيكل المؤسسي لها، أو الإطار التشريعي الذي ينظم عملها. وأصدرت المنظمة تقريرًا لها اليوم بعنوان "محاكمة مبارك الأولى: فرصة مهدرة لتحقيق العدالة" قدمت فية عرضا تحليلا قانونيا وسياسيا للمحاكمة وأوجه القصور التي شابتها منذ مرحلة التحقيقات وحتى صدور الأحكام في شهر يونيو الماضي. وأشار التقرير إلى أن التسييس وليس مقتضيات استيفاء العدالة كان المُسير لعمل الجهات القائمة على المحاكمة، سواء النيابة العامة أو هيئة المحكمة، مؤكدا أن النيابة العامة كانت محلاً للنقد الشديد في القضية، لما اتسم به عملها من قصور مهني شديد، وتباطؤ غير مبرر في فتح التحقيق، وإسراع غير مبرر أيضًا في إتمام التحقيق ، فضلا عن تجاهل التحقيق مع متهمين، تشير الدلائل إلى ضلوعهم في الجرائم محل المحاكمة، وما يدلل عليه ذلك من تقاعس في تحديد الفاعلين الأصليين. وأضاف التقرير أن المحكمة تجاهلها طلبات هيئة الدفاع عن الضحايا، بفصل اتهامات قتل المتظاهرين عن الاتهامات المتعلقة بالفساد، ورفضها طلب دفاع الضحايا إعادة الأوراق إلى النيابة العامة لإدخال الفاعلين الأصليين كخصوم جدد في الدعوى، ومنعها هيئة الدفاع عن الضحايا من توجيه أسئلة للمشير حسين طنطاوي أثناء إدلائه بشهادته. ولفت التقرير إلى تجاهل هيئة المحكمة أقوال أكثر من 1300 من الشهود، وهي الأقوال التي استندت إليها النيابة وبينتها في أمر الإحالة، لدى التدليل على قيام رجال الشرطة بقتل المتظاهرين والشروع في قتلهم، بالإضافة إلى تجاهل ما وصفه التقرير بالأدلة الدامغة في ملف القضية، علاوة على كم هائل من التقارير الطبية، والأحراز المادية التي تحوي أسلحة وذخائر، بما فيها رصاص حي، وكذلك دفاتر مخازن السلاح لقطاعات الأمن المركزي، وما قُدم للنيابة العامة من المقاطع الفيلمية المصورة التي وفرها المدعون والمواطنون، بالإضافة إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق الأولى عن أحداث ثورة 25 يناير، وجميعها تشير لتورط رجال الشرطة في قتل المتظاهرين. وأكد التقرير المحكمة تجاهلت كل هذه الأدلة، واستندت في حكمها بتبرئة مساعدي العادلي إلى "خلو أوراق الدعوى والمضبوطات من أية أدلة تطمئن إليها المحكمة، تثبت أن الفاعلين الأصليين هم ضباط وأفراد الشرطة"، وهو مؤشر دال على ظلال التسييس الكثيفة التي غلفت المحاكمة. من جانبها قالت هدى نصر الله، المحامية بوحدة العدالة الجنائية، بالمبادرة: إن المحاكمة كانت مخيبة للآمال منذ بدء التحقيقات وحتى النطق بالحكم، مشيرة إلى أنه رغم التفاؤل الشعبي بقرب تحقق العدالة بعد رؤية مبارك وكبار معاونيه خلف القضبان الحديدية في المحكمة.. وتابعت قائلة: "ما رأيناه بعد ذلك كان مجرد تحقيقات سطحية شابها الإهمال وابتعدت تماما عن السعي لتحديد الفاعلين الأصليين للجرائم، فضلا عن أن المحاكمة اقتصرت على جرائم ارتكبت في الأيام السبعة الأولى لاندلاع الثورة، وعلى الضحايا الذين استشهدوا أو أصيبوا في الميادين العامة فقط. وأضافت هدى أن الحكم الصادر في القضية مثّل الصدمة الأكبر، إذ أنه يعفي الجهاز الأمني من أي مسئولية عن مقتل المتظاهرين، وأدان الرئيس المخلوع ووزير داخليته فقط لكونهما فشلا في التدخل لوقف القتل الذي رأت المحكمة أن مرتكبيه كانوا عناصر مجهولة. يذكر أن محكمة النقض اليوم بقبول الطعن على كافة الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات في 2 يونيو 2012 والتي تضمنت معاقبة مبارك والعادلي بالسجن المؤبد فيما أسند إليهما من الاشتراك في جرائم القتل والشروع في القتل، وتبرئة باقي المتهمين من مساعدي العادلي، وانقضاء الدعوى الجنائية المقامة ضد مبارك ونجليه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم بشأن تهم استعمال النفوذ وتقديم وقبول عطايا بسبب مضي المدة المسقطة للدعوى الجنائية، وقررت محكمة النقض إعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى. Comment *