هبط الجنيه المصري إلى أدنى مستوى له في ثماني سنوات أمام الدولار الأمريكي يوم الخميس بعد ليلة من الاشتباكات الدامية حول قصر الرئاسة بالقاهرة خلفت سبعة قتلى ونحو 350 جريحًا. ونزل سعر صرف الجنيه من 6.1340 للدولار إلى 6.1170 جنيه عند إغلاق يوم الأربعاء ومسجلا أدنى مستوى منذ عام 2004 بينما هبطت البورصة نحو خمسة بالمائة بعد أن ألقت اشتباكات يوم الأربعاء بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه بظلال قاتمة على اقتصاد البلاد المنهك بالفعل. وكان الجنيه قد تحسن في وقت سابق على أمل أن يساهم قرض الصندوق النقد الدولي في إشاعة الاستقرار في الاقتصاد. وبعد ستة شهور على تولي مرسي الذي كان عضوًا في جماعة الإخوان المسلمين وفي مشاهد تعيد إلى الأذهان الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك العام الماضي اشتبك إسلاميون مؤيدون للرئيس مع محتجين معارضين وتراشق الجانبان بالحجارة وقذائف المولوتوف والأسلحة النارية. وقال وليام جاكسون الخبير الاقتصادي للأسواق الناشئة في كابيتال ماركتس: "يبدو أن الأزمة السياسية في مصر تفزع المستثمرين مجددا". وتابع: "هبوط الجنيه المصري اليوم محدود في حد ذاته لكن في ضوء تدخل البنك المركزي بشدة في سوق الصرف الأجنبي لمحاولة الحفاظ على سعر صرف مستقر فإن هذا يوحي بأن هناك نزوحًا لرأس المال من البلاد بوتيرة أسرع". وبعد أن استقر دون تغير يذكر طوال عام تقريبًا عقب الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير 2011، أخذ الجنيه مسارًا نزوليًا على مدى ثلاثة شهور منذ أوائل يونيو الماضي قبل أن يستقر في نطاق بين 6.09 و 6.10 جنيه للدولار. وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري يوم الخميس أن الاحتياطيات الأجنبية هبطت 449 مليون دولار في نوفمبر. وقال البنك: إن صافي الاحتياطيات الأجنبية بلغ 15.035 مليار دولار في نهاية نوفمبر انخفاض من 15.484 مليار دولار في نهاية أكتوبر مما يوحي بأن البنك المركزي لا يزال ينفق بشدة لدعم الجنيه. وكانت الاحتياطيات الأجنبية لدى مصر تبلغ نحو 36 مليار دولار قبل ثورة 25 يناير التي أدت إلى عزوف السياح وفرار المستثمرين وهما من المصادر الرئيسية للعملة الصعبة لمصر. وقال جاكسون: "اذا ما استمرت الأمور بهذا الشكل فلن تكون مفاجأة إذا اضطر البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة من أجل الدفاع عن العملة". وتابع قائلا: "عموما فقد وصلت الاحتياطيات الأجنبية لمصر إلى مستوى منخفض بشكل خطير. وفي كل الأحوال فإن الوقت أنسب ما يكون لحصول مصر على تمويل صندوق النقد الدولي". وكانت مصر قد توصلت إلى اتفاق مبدئي مع فريق من الصندوق للحصول على قرض حجمه 4.8 مليار دولار في نوفمبر ومن المتوقع أن يجتمع المجلس لإقرار القرض في 19 ديسمبر. قالت متحدثة باسم صندوق النقد الدولي: إن مجلس إدارة الصندوق سيشترط عدم حدوث أي تغير كبير في التوقعات الاقتصادية والإجراءات عندما يبحث الموافقة على القرض. ومن المتوقع أن يشجع الاتفاق مع صندوق النقد المستثمرين والدول الأخرى المانحة لمصر التي تضرر اقتصادها بشدة بالاضطرابات السياسية. وقال وزير المالية ممتاز السعيد يوم الخميس: إن هناك فجوة تمويلية بالموازنة العامة تقدر بنحو 14.5 مليار دولار. وذكر في بيان صحفي أن مصر تستهدف تمويل هذه الفجوة من خلال حزمة من القروض والمساعدات المالية من الدول والمنظمات الدولية المانحة تتضمن قرض صندوق النقد البالغ 4.8 مليار دولار وملياري دولار من البنك الدولي ومليارا من البنك الافريقي للتنمية. وأضاف السعيد أن مليارا آخر من التمويل المطلوب سيأتي من الاتحاد الاوروبي و1.5 مليار من قطر ونصف مليار من السعودية ومليار من تركيا والجزء الباقي من دول ومنظمات صديقة لمصر. وكان مسئول بارز بالبنك المركزي المصري قال في أكتوبر: إن البنك راض عن قيمة العملة حاليًا ولا يعتزم التدخل للتأثير على قيمة الجنيه وإن البنك لا يستهدف مستوى معينًا لسعر العملة. ولم يتراجع الجنيه المصري إلا 4.5 بالمائة فقط أمام الدولار الأمريكي منذ ثورة يناير وذلك بدعم من البنك المركزي الذي أنفق أكثر من نصف الاحتياطي الأجنبي للبلاد لحماية العملة. ويرى اقتصاديون أن خفض قيمة الجنيه من شأنه أن يشجع الصادرات ويوقف نزيف احتياطيات النقد الأجنبي. وكانت المجموعة المالية هيرميس عدلت توقعاتها للجنيه بالتراجع إلى 6.25 جنيه مقابل الدولار بنهاية 2012 بدلًا من 6.10 جنيه مقابل الدولار في وقت سابق. رويترز البديل- أخبار-اقتصاد Comment *