إلى كل مواطن فى هذه البلد، إلى العمال والفلاحين والسياسيين الكبار ورئيس الجمهورية، إلى جماعة الإخوان المسلمين، هل تعرفون من هو أبو العز الحريرى، الذى اعتدى عليه شرزمة من معدومى الدين والضمير فى الإسكندرية؟. جمعينا يعرف أن أبو العز الحريرى، مرشح سابق للرئاسة، وعضو مجلس شعب سابق، ورجل عاش حياته كلها مناضلاً من أجل حقوق العمال والفلاحين والطبقة المتوسطة فى مصر، وجميعنا يعلم مدى صلابته فى مواجهة ومعارضة النظام السابق، معارضة حقيقية وليست مستأنسة مثل بعض "الجماعات"، لكن قليلون جداً من يعرفون أبو العز الحريرى "الإنسان". إن كنت سياسياً لامعاً، أو برلمانياً معروفاً ولديك من الطموح ما يدفعك للتفكير فى أن تصبح رئيساً للجمهورية يوماً ما، هل تقبل أن تتبرع ب"كليتك" لأخيك؟، إن كنت مواطناً عادياً هل تقبل ذلك؟.. أعتقد أنه لن يفعل ذلك إلا شخصاً لديه من معانى الإنسانية ما يجعله لا يفكر فى الدنيا وما فيها ويضحى بحياته من أجل أن لا يرى أخيه يتألم من المرض أو مقبلاً على الموت.. ذلك كله تمثل فى أبو العز الحريرى، السياسى "الإنسان" الذى تبرع ب"كليته" لأخيه دون تفكير أو تردد. فى قرية صغيرة تابعة لمحافظة الدقهلية، كان يعيش عاملاً بسيطاً يعمل فى شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى.. فى تلك القرية قضاة ومستشارين ولواءات ومناصب عالية المستوى فى الدولة، من بينهم أحد رؤساء هيئة القضاء العسكرى، رحمه الله، وكان لدى هذا العامل البسيط ابناً تخرج من كلية الحقوق، أراد أن يلحقه بسلك القضاء أو القضاء العسكرى، ولم يجد فى قريته من يقبل أن يساعده على تحقيق حلمه وحلم ابنه، فذهب إلى أبو العز الحريرى، النائب الذى كان عاملاً هو الآخر فى شركة مصر، وطلب منه مساعدة ابنه، فساعده أبو العز، دون أن يعرفه، لمجرد أنه عامل، ويأمل أن يتساوى ابنه بأبناء المسؤولين الكبار فى قريته، ويشعر بالعدل فى ذلك الوطن، وهاهو الابن الآن فى سلك القضاء العسكرى. التقيت بالمناضل أبو العز الحريرى، مرات عديدة، وهو لا يعرفنى شخصياً فى الحقيقة، لكن فى مؤتمر مصر الأول الذى عقد بعد الثورة وضم كل القوى الوطنية، كان لقائى به مختلفاً، حينما مددت يدى لأصافحه قدمت نفسى له: "على البدراوى، من صحفيين البديل"، فأمسك برأسى وقبلها، وقال: "مبروك عليكم مصر.. بلدكم رجعت لكم". ما الذى يدفع رجل بهذا القدر أن يقبل رأس شاب لا يعرفه إلا لأنه يشعر بكل شباب مصر، ويعرف جيداً مدى غربتهم فى وطنهم، ويحلم بيوم يراهم فيه منتصرين على كل نظام يندفع نحو الاستبداد ويسرق الوطن ممن يعيشون فيه، ويقضى على ما تبقى من روح طيبة ومعان جميلة متأصلة فى هذا الشعب العظيم، ويبث روح الفرقه بين أفراده. أبو العز الحريرى، اعتدت عليه يد أقل ما توصف به أنها دنيئة، وضعيفة، خلال احتجاجات المتظاهرين فى الإسكندرية ضد الإعلان الدستورى الأخير، بسبب نضاله من أجل عمال وفلاحين وشباب وأطفال ورجال ونساء هذا الوطن، وبسبب نضاله من أجل إعلاء قيمة المواطنة، والدفاع عن مبادئ عاش حياته كلها يدافع عنها ويسعى إليها. كنت مشاركاً فى احتجاجات ميدان التحرير ضد الإعلان الدستورى، الجمعة، برفقة فنان الكاريكاتير الكبير، محمد عبد اللطيف، وتوجهنا سوياً لنستقل المترو، وأثناء نزولنا بالسلم الكهربائى، كان طفلان يلعبان عليه خلفنا، فقال لهم الفنان محمد عبد اللطيف: "عايزين تعدوا ياولاد".. فرد عليه أحدهم: "مش مهم احنا نعدى.. المهم مصر تعدى".. لذلك أقول للمناضل الإنسان أبو العز الحريرى، لا تحزن.. حتى أطفالنا سيثأرون لك، ولن ينجح أحد فى سرقة الوطن.. وتقبل اعتذار مصر الحقيقة. Comment *