قرأت منشوراً كان يتم توزيعه بكثافه فى صلاة عيد الأضحى منسوب لحزب النور والدعوه السلفية، يبرر لجمهورهم كيف أنهم دخلوا الانتخابات البرلمانية والحياة السياسية حماية للشريعة ودفاعاً عنهاً؟, وكيف أنهم دخلوا الجمعية التأسيسية دفاعاً عن هوية الأمة الاسلامية ودفاعاً عن تطبيق الشريعة؟, وسرد البيان محاولات العلمانيين لتعطيل الدستور وتعديل المواد التى تدعم تطبيق أحكام الشريعة, واستبدال الشريعة بالمواثيق الدولية التى صاغها الغرب لتدمير المجتمع المصري والإسلامى. وانتقد المنشور موقف الإخوان المسلمين الذين لم يناصروا الشريعة وحمايتها داخل الجمعية التأسيسية من وجهة نظر حزب النور والدعوه السلفية. وفى الأسبوع الماضى انتشرت تصريحات قيادات الإخوان المسلمين حول الدستور والمسودة، وبدأ الحديث أنه لا تنازل عن الشريعة ولا تعديل فى المادة 68 التى تحمى المجتمع المصرى من المعاهدات الدولية التى تريد تدمير الأسرة والتقاليد المصرية.. وتواترت الأنباء عن احتمالية مشاركة جماعة الإخوان المسلمين فى الجمعة القادمة التى يطلق عليها "جمعة قندهار الثانية", فيما اعتبره العديد من المحللين السياسيين بأنه مزايدة مرتدة من الإخوان على السلفيين بخصوص حماية الشريعة بهدف مغازلة الناخبين فى الانتخابات البرلمانية القادمة, لستم أكثر منا دفاعاً عن الشريعة. أما عن الماده 68 التى يدور الخلاف حولها حالياً، التى تتحدث عن مساواة الرجل بالمرأه فى المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية وسائر المجالات الأخرى دون الإخلال بأحكام الشريعة الاسلامية. وكان تبرير التيار السلفي لهذا النص وانضم لهم الإخوان فى نفس التبرير، أن هذا النص كان موجوداً بالفعل فى دستور 71 ولم يعترض عليه أحد، بالإضافه لأنه توجد بالفعل هجمة على مصر وتهديد لهويتها من بعض المنظمات الدولية، وأنه يجب الحفاظ على الهوية الإسلامية وعدم العبث فى أمور المواريث وأحكام الشريعة فى الزواج والطلاق. فكان الاقتراح الذى قدمه العديد من الأعضاء فى الاجتماعات الأخيره للتأسيسية بأن المادة الثانية تكفى لحماية الشريعة والهوية، وأنه لا أحد يريد أو يرغب فى العبث بأحكام الشريعة فى الميراث والزواج والطلاق, وإن كانت هناك أصوات تنادى بذلك فهى أصوات منفردة ليس لها صدى فى المجتمع, وإن صح بالفعل أن هناك منظمات دولية تريد العبث فى أحكام الشريعة بخصوص الزواج والميراث فإن المجتمع المصرى لن يقبل بذلك.. ولكن المادة 68 تتحدث عن المرأه المصرية بصفة عامة سواء مسلمة أو مسيحية, كما أنها تتحدث عن الحقوق السياسية والاقتصادية بشكل شامل فلا يجب إخضاعها لتفسيرات الشريعة التى قد تختلف من شيخ لأخر, ويمكن حماية أحكام الشريعة بخصوص الزواج والطلاق والميراث إن كان هناك تهديد لذلك، ما يدعى بأن يتم اضافة ماده اخرى مختصة لهذا الغرض مع حذف عبارة دون الإخلال بأحكام الشريعة من المادة 68. ولا يزال الجدل مستمراً بخصوص المادة الثانية والمادة 68 و الماده220 وفى تقديرى الشخصى وتقدير العديد من المحللين بأن هذا الجدل مرتبط بمزايدات ما قبل الانتخابات البرلمانية لكسب أصوات الشعب المصرى الذى يمثل الدين عامل رئيسى فى حياته اليومية. أما بالنسبة للمواد المتعلقة بباب نظام الحكم والنظام السياسى فقد خرجت المسودة بمواد مختلفة، لما تم الاتفاق عليه فى اجتماعات اللجنة بخصوص النظام السياسى, فالمواد 144 و129 بجانب العديد من مواد الأجهزة الرقابية تعطى رئيس الجمهورية سلطات واسعة فى حل البرلمان واختيار رئيس الوزراء الذى من المفترض أن يتم اختياره من قبل البرلمان وليس الرئيس, بجانب تدخل الرئيس فى تشكيل العديد من الأجهزه الرقابية التى ستراقب أداء السلطة التنفيذية. الأخطر من ذلك، هي المواد المتعلقه بوضع المؤسسة العسكرية ومجلس الدفاع الوطنى وامكانية تدخله فى العديد من الأمور السياسية, وعدم وضوح الرقابة على ميزانية القوات المسلحة، وعدم رقابة أى جهة بالاقتصاد السرى للقوات المسلحة الذى يدار فى مصر بشكل غامض منذ عشرات السنين. لا تزال الفجوه كبيرة داخل الجمعية التأسيسية ولا تزال الحسابات الانتخابية متحكمة فى صياغة المواد, والقوى الإسلامية تراهن على قدرتها على فرض الأمر الواقع, والقوى المدنية داخل التأسيسية تحاول الوصول لصياغات وسطية تضمن دستور توافقى، لأن المسئولية عليهم كبيرة والهجوم عليهم ضخم قد يصل الى حد التخوين من باقى القوى المدنيه والثورية. وهناك من يرفض الجمعية التأسيسية جملة وتفصيلاً، حتى وإن أتت بدستور جيد فكل ما يخرج منها مرفوض لأن التشكيل مرفوض. وهناك من يقابل تعصب التيار السلفى بتعصب مقابل قد يكون غير مقبول فى الشارع المصرى. وهناك من يراهن على المحكمة الدستورية التى ستحل الجمعية التأسيسية. وهناك من يحاول اقناع الإخوان بتبنى المنهج الوسطى وعدم الانجرار فى المزايدات الانتخابية حول الشريعة . وهناك من يطالب رئيس الجمهورية بالتدخل فى التشكيل وتعديله، وهناك من يرفض تدخل رئيس الجمهورية فى أعمال التأسيسية. ويتبقى الدستور المصرى الذى نحتاج جميعاً الى الإسراع بالانتهاء من صياغته تائهاً بين الشد والجذب بين جميع الأطراف والأيدلوجيات, ولا يعلم أحداً كيف يتم حل هذه الأزمة. Comment *