حقا كما الشاعر العربي التونسي الكبير، لابد لليل أن ينجلي ، ذلك ما أكدته اليوم أحداث ثورة الشعب العربي في تونس الخضراء ، لتبعث فينا أمل من جديد، كبقعة ضوء ، وسط الظلام الدامس الذي بات يخيم على وطننا العربي ، فما حدث اليوم من انتصار لإرادة الشعب على الظلم والقهر والاستبداد ، يعيد الأمور لنصابها الصحيح ، ويشهد العالم على أن المارد العربي قادر على إعادة صياغة تاريخه . خرج الشعب العربي التونسي مطالبا بحقه في الحياة الكريمة ، بعد أن ازداد بؤسا ،وفقرا، وبطالة ، غير عابئ بسجون النظام التي طالما فتحت أبوابها لمعارضيه ، فعمت المظاهرات أرجاء تونس ، في العاصمة ،وفي صفاقس ، وفي سيدي بو زيد ، كما في سوسة و القصرين . خرجت جماهير الشعب العربي التونسي تنادي برحيل زين الدين بن علي، الذي طالما وعد بإصلاحات اقتصادية لم تتحقق ، ففقد مصداقيته لدى أبناء شعبه . انتصرت إرادة الجماهير الحرة ،وعم الفرح ليس تونس فحسب ، وإنما جميع أرجاء الوطن العربي ، رغم حزننا على شهداء الثورة ،الذين سطروا بدمائهم الذكية سجل بطولة من أجل إعلاء قيم الحق والحرية والعدل على أرضنا العربية ، وسيظل يذكر لهم التاريخ ، أنهم قدموا أرواحهم فداءً للوطن. ما عانت منه تونس ، وكان سببا في ثورتها ، ليس غريبا عن أحوال معظم الأقطار العربية ،وربما هبت رياح التغيير من أصغر قطر في الوطن العربي ، لتكون بشارة لنا نحن الجماهير العربية ، ودرسا وعبرة لحكامه ،فارتفاع الأسعار الجنوني الذي عانت منه تونس ، وازدياد معدلات البطالة ، والظلم والقهر والاستبداد الحكومي ، وافتقاد أبسط مقومات الحياة الإنسانية ، يئن منه المواطن العربي في الجزائر ، والصومال ،ومصر والبحرين ، وفي معظم البلدان العربية،ومن ثم ربما انتقلت العدوى من تونس ، واستشرت حمى الثورة بباقي أعضاء الجسد العربي لتحل على أنظمته المستبدة رياح التغيير. وجه جماهير الشعب العربي الثائر، من تونس ، إلى الحكام العرب ،رسالة محددة المعاني ، واضحة الدلالة ، مفادها ، أن الحاكم يحكم باسم الشعب، وأنه أقسم على أن يرعى مصالح الشعب ، فإن هو فعل ذلك حفظه شعبه ، وأخلص له . لعل الدرس الذي وجهته تونس اليوم للحكام العرب، يعيد أمامي ذكرى الغائب الحاضر دائما ، الذي انحاز للجماهير الكادحة من أبناء شعبه ، وعمل على تحقيق مصالحهم ، وانخرط في صفوفهم ، فأحبه الشعب ، واختاره حتى في لحظة الهزيمة ، والنكسة ، وعندما أعلن مسؤوليته عنها ، رفض الشعب الواعي ، وخرج يهتف باسمه ، ناصر ناصر هنحارب ،وقد جاءت ثورة تونس اليوم لتبين لنا الفرق بين زعيم اختار أن يكون بين صفوف شعبه محققا لأماله وطموحاته ، فوضعه الشعب في قلبه وخلد ذكراه ، وبين حكام انحازوا لأعداء أمتهم ،لعلهم يتدبرون ! تحية للشعب العربي البطل في تونس الخضراء ، وهنيئا بالنصر . مواضيع ذات صلة 1. الشبكة العربية تعلن سعادتها برحيل ديكتاتور تونس .. وتؤكد: هروب “بينوشيه العربي” لن يحميه من الملاحقة 2. طاغية تونس الهارب يصل إلى جدة.. والسعودية ترحب باستضافته 3. أميمه الشريف: بين الإفراط والتفريط ..عن حرائق الكرمل والمسارعين بالنجدة 4. تونس تحجب موقع جريدة الأخبار اللبنانية بعد نشرها لوثائق ويكيليكس 5. الاحتفالات تعم تونس .. وصور جيفارا ترتفع بالعاصمة التونسية .. وسياسيون مصريون: عقبال عندنا