لم تكن حادثة تعرض شبان عرب من القدس الى اعتداء عنصري وحشي من قبل مجموعة من الشبان اليهود اليوم هى الأولى من نوعها، فقد ازدادت فى الفترة الأخيرة الاعتداءات على الفلسطينين المسلمين، حيث ألقت الشرطة الاسرائيلية القبض مطلع هذا الأسبوع على ثلاثة اسرائيليين بشبهة الاعتداء على الشاب المقدسي جمال جولاني. وجاء في بيان للشرطة الاسرائيلية، أنه قد حدث في ساعات ما بعد منتصف ليلة الخميس الموافق 16 من الشهر الجارى في مركز مدينة القدس (دوار هحتولوت- القطط)، وأصيب خلالها شاب عربي من سكان شرقي القدس، والقى القبض على 3 اسرائيليين (قاصرين، وفتاه واحدة) بشبهة الضلوع في هذه الواقعة. وفى مطلع الشهر الجارى أصيب شاب مقدسي بجروح، مساء السبت 4 اغسطس ، واعتقل أربعة آخرون، في مواجهات اندلعت بين المواطنين وجنود الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من ساحة باب العامود بالقدس، وقال شهود عيان إن المواجهات اندلعت عقب استفزاز جنود الاحتلال للمواطنين الذين تجمعوا في ساحة باب العامود، كما هي العادة، عقب صلاة التراويح بالمسجد الأقصى كل ليلة. وقبل ذلك بشهرين فى يونيو 2012 قتل شاب مقدسي في تل أبيب،بعد أن طعن عدة مرات من قبل شاب آخر يعمل معه، خلال مشاجرة وقعت بين الاثنين في مخبزوقالت الناطقة باسم شرطة الإسرائيلية "إن عملية الطعن وقعت في ساعات الصباح الباكرة، وإن المصاب نقل إلى المستشفى لكنه فارق الحياة، مشيرة إلى أن الشرطة لم تستطع الوصول الى هوية القاتل لأنة استطاع الفرار من المكان، والشرطة ما زالت تبحث عنه. وقبل ذلك بعام قدمت جمعية حقوق المواطن فى إسرائيل شكوى بأسم المواطن (شريف عبيد) الذى قام أفراد من حرس الحدود الإسرائيلى بإخراجه من سيارته ورميه على الأرض وضربة ضرباً مبرحاً دون اى سبب يذكر، ولكن تم الرد على الجمعية فى 9 اغسطس 2011 أنه لن يتم فتح تحقيق في الحادثة لعدم وجود ما يكفي من الأدلة التي تدل على ارتكاب جريمة من قبل المدَّعى عليه. ليست هذه هي الحالة الوحيدة لاعتداء من قبل عناصر الأمن الإسرائيليين ضد فلسطينيين إذ أشارت جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، مشروع حقوق الإنسان في القدسالشرقية،إلى أنها قدمت في الأشهر الأخيرة عدة استئنافات بشأن إغلاق ملفات شكاوى قُدِّمت ضد أفراد من الشرطة الإسرائيلية اعتدوا على مقدسيين من بينهم أطفال تعرضوا للضرب أو الاعتقال، و قدموا على إثر الاعتداء عليهم شكاوى لدى وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة الإسرائيلية ( ماحش ) والتي تعد وظيفتها الأساسية استقبال الشكاوى فيما يتعلق بتجاوزات أفراد الشرطة للقانون والصلاحيات المتاحة لهم، والتحقيق فيها. ولكن الوحدة تجاهلتها. وعقبت المحامية نسرين عليان، مديرة مشروع حقوق الإنسان في القدسالشرقية،على هذا التجاهل أنه "مع تزايد هذه الحالات التي يتم فيها تجاهل انتهاكات حقوق السكان والاعتداء عليهم، فإن ذلك يؤدي إلى فقدان السكان ثقتهم في هذه الوحدة، على الرغم من وجود ضرورة وحاجة قانونية مهمة لتقديم مثل تلك الشكاوى، ليس فقط في داخل إطار المحاكم الجنائية، وإنما كذلك للمحاكم التأديبية داخل جهاز الشرطة". أما عن اعتداءات المستوطنين اليهود على السكان العرب المحيطين بهم فقد وصلت إلى 40 اعتداءاً في شهر واحد تضمنت حرق مساجد وإلقاء زجاجات حارقة على السيارات الفلسطينية والتحرش بالأطفال الفلسطينيين وهم في طريقهم إلى مدارسهم. ففى 21 يونيو الماضى اقتحم مستوطنون متطرفون " قبر يوسف " شرقي مدينة نابلس، شمال الضفة الغربيةالمحتلة، وسط حماية من جيش الاحتلال، الاقتحام الذى يحدث بشكل متكرر لتأدية طقوس دينية توراتية بالقبر، بحجة أنه لنبي الله يوسف عليه السلام، فيما تؤكد الروايات الفلسطينية أن القبر لرجل الإصلاح يوسف دويكات من بلدة بلاطة البلد. هذا ولم تسلم الطبيعه من الإيذاء فقد تعرضت أشجار الزيتون في مدينة نابلس خلال الشهور الماضية إلى هجمات اقتلاع شرسة من قبل المستوطنين منها، بلدة تل، غرب نابلس شمال الضفة الغربيةالمحتلة. والتى شهد أهلها أن أشجار الزيتون التي تم اقتلاعها في ساعات مبكرة من الصباح تقع بالقرب من مستوطنة " جلعاد " المقامة على أراضي عراق بورين. وكذلك بلدة يتما، جنوب نابلس، فإن مستوطني مستوطنة " تفوح "، قطعوا أشجار زيتون بالبلد تعود ملكيتها للمواطنين بديع نصار ومحمود معالي. وبالرغم من أن وزارة شؤون الاستيطان في السلطة الفلسطينية رصدت وجود 474 موقعاً استيطانياً في الضفة حتى نهاية سنة 2011، منها 184 مستوطنة، و171 بؤرة استيطانية، و26 موقعاً استيطانياً آخر، و93 مبنى تم الاستيلاء عليها جزئياً أو كلياً من قبل المستوطنين في شرق القدس إلا أن الأعداد لم تقف الى هذا الحد بل هى فى تزايد مستمر. وكان قد صدر سابقاً, في بيان مشترك، لكل من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ومنظمة الأممالمتحدة للطفولة ( اليونيسف ), و( برنامج المرافقة المسكوني في فلسطين وإسرائيل ) ومنظمتا ( بتسيلم )، و( يش دين ) الإسرائيليتين ومنظمة ( حق ) الفلسطينية، أنه " في العام الماضي زاد بنسبة الثلث عدد الهجمات التي شنها مستوطنون وخلفت ضحايا فلسطينيين وأضراراً في ممتلكاتهم، فمنذ 2009عام ناهزت هذه الزيادة حوالي 150 في المئة. مع الإشارة إلى أن أكثر من 340 ألف مستوطن يعيشون في الضفة الغربيةالمحتلة وحوالي 200 ألف في أحياء استيطانية في القدسالشرقيةالمحتلة، وسط 2.6 مليون فلسطيني. وفى هذا السياق قالت مديرة بتسيلم أنه بدءاً من الجندي على الأرض ووصولاً إلى قمة الهرم في الجيش والشرطة والحكومة فإن أعمال العنف التي يرتكبها فلسطينيون تعطى أولوية أكثر بكثير من أعمال العنف المرتكبة بحقهم. ومن جهته قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وأملاكهم، التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، تتم في ظل حماية جيش الاحتلال الصهيوني ، ولا بد أن تتوقف.وأضاف، أن جيش الاحتلال لو أراد منع تلك الاعتداءات لفعل، لأنها تحصل أمام بصره ولا يحرك ساكناً، مؤكدا أن هذا دليل على السياسة العنصرية التي لا تزال تعشش في ذهنية هذا الجيش والمستوطنين. وطالب عباس الحكومة الصهيونية والإدارة الأميركية بالعمل على وقف هذه الأعمال البربرية والهمجية . وفي الصحف البريطانية كتبت هاريت شيروود المراسلة الصحفية في القدس للجارديان البريطانية تقريرا بعنوان "الولاياتالمتحدة تعتبر عنف المستوطنين في الضفة الغربية إرهابا لأول مرة". وتقول شيروود إن وضع هجمات المستوطنين على أهداف فلسطينية في التقرير الأمريكي السنوي للإرهاب يعكس القلق المتزايد في إسرائيل والمجتمع الدولي من أن العنف الذي ترتكبه أقلية من المتطرفين اليهود قد يتسبب في موجة جديدة من الصراع مما قد يلحق المزيد من الضرر بمحاولة إحياء جهود السلام في المنطقة. وتضيف إن الولاياتالمتحدة ومسؤولي الاتحاد الإوروبي في انتقادهم لأعمال العنف التي يقوم بها مستوطنون وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى رد فعل انتقامي من جانب الفلسطينيين. مؤكده إنه وفقا للأمم المتحدة فإن هجمات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومساجدهم ومزارعهم زادت بنسبة 144 في المئة بين 2009 والعام الماضي. وهنا يأتى التساؤل هل أصبح هذا العنف مبرراً؟ وأصبح صمت المجتمع الدولى مقصود؟ وتجاهل التحقيق فى القضايا التى تبحث فى حقوق الواطن الفلسطينى شائع لمجرد انهم عرب؟ أم أنه سيأتى يوم ويعود الأمن للمواطنين العاديين الذين ليس لهم اى علاقة بالتغيرات على الساحة السياسية؟. Comment *