أمام إصرار العسكري على وأد الثورة وأمام انتهاكاته المتتالية لشباب الثورة واعتداءاته المتتالية عليهم وعلى الثورة وأهالي الشهداء ووقوفه بكل قوة أمام تحقيق أهدافها .. كان لابد من نقل معركة الثورة من ساحة التحرير للمواجهة المباشرة مع من يحاولون سرقتها وكان القرار أن تكون المواجهة يوم 23 يوليو تعالت الدعوات لاستكمال أهداف الثورة والتصدي لمحاولات العسكري إجهاضها وأيضا رفضا لإجراءاته الاستثنائية بحق الثوار والمواطنين وفي مقدمتها المحاكمات العسكرية.. كانت الدعوة البداية وكانت محاولات الوأد التي انتهت بأحداث العباسية الأولى في 23 يوليو 2011 والملقبة بموقعة الجمل 2 . وكان ثمن المعركة شهيد شاب هو الطالب محمد محسن ومئات المواطنين وكانت موقعة العباسية هي البروفة الأولى لماسبيرو والمناورة الأولى التي حاول فيها الجيش الايقاع بين الثوار والأهالي لكنها لم تكن الأخيرة فقد تلتها ماسبيرو . بدأت الأحداث بدعوى من عدد من النشطاء والقوى السياسية للتوجه إلى وزارة الدفاع فى ذكرى ثورة يوليو للمطالبة بمحاكمة رموز النظام السابق ومحاكمة الضباط من قتلة الثوار وتسليم السلطة للمدنيين. وكانت مطالب الثوار هى نقل مبارك إلي سجن طره، وإلغاء المحاكمات العسكرية للمدنيين، وتطبيق قانون الغدر علي رموز النظام السابق، وعلانية المحاكمات التي تجري لقتلة الشهداء و رموز النظام السابق، وإقالة وزير الداخلية و إعادة هيكلة جهاز الشرطة، ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين بشكل نهائي، وتعزيز صلاحيات رئيس الوزراء في إقالة عدد كبير من وزراء النظام السابق وإطلاق سلطاته في تطهير كافة مؤسسات الدولة. واستبق المجلس الاعلى للقوات المسلحة الدعوات للمسيرة المتجهة لوزارة الدفاع بإصدار بيانه رقم 69 الذى اتهم فيه حركة شباب 6 ابريل بالسعى للوقيعة بين الجيش والشعب تحقيقا لمصالح الحركة الخاصة، وهو ما ردت عليه الحركة برفض "محاولة تخوين الحركة والتحريض ضدها في الوقت الذي كانت تنتظر فيه الحركة أن يستجيب المجلس العسكري لمطالب الثورة وتحقيقها بشكل عاجل، بدلا من محاولات الالتفاف عليها". تلا ذلك تصريحات اللواء حمدي بدين، رئيس الشرطة العسكرية والتي هاجم فيها 6 إبريل واتهمهم بأنهم أصحاب أجندات واعترف وقتها بأنه كان وراء ترويج الشائعات بالميدان ولكنه قبل نهاية كان قد أطلق أكبر شائعة لتفجير الأحداث. أسفرت حالة التحريض التي استبق المجلس العسكرى بها المسيرة عن حالة من الاحتقان والعنف غير المبرر ضد المتظاهرين، بعد تبنى قطاع من المواطنين لرؤية العسكري فى تخوين 6 ابريل والقوى السياسية المختلفة. منعت الشرطة العسكرية المتظاهرين من الوصول لمقر وزارة الدفاع لتقديم مطالبهم ، وأقامت حواجز عسكرية باستخدام الأسلاك الشائكة والمدرعات، ثم أطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق آلاف المتظاهرين المشاركين في المسيرة التى تحركت من ميدان التحرير إلى وزارة الدفاع. أثناء مرور المسيرة بشارع رمسيس و حين وصولها إلي حي العباسية كانت المسيرة تهتف " يا أهالي العباسية المسيرة دي سلميه "وكان بعض الأهالي يصفقون لهم بالأيادي و يلقون إليهم بزجاجات المياه من البلكونات و الشبابيك و يحيونهم . ومع وصول المسيرة للعباسية فوجئ المتظاهرون بعناصر تعتلى أسطح عدد من البنايات وتقذف المتظاهرين بالحجارة تطورت إلى القذف بالمولوتوف قبل أن تقوم عناصر مجهولة بالتعدى على المتظاهرين بالأسلحة البيضاء، وهو ما أدى لسقوط مئات المصابين وشهيد، نتيجة لحصار المتظاهرين بين قوات الجيش من جانب والبلطجية من جانب أخر. وأكد النشطاء المشاركون فى المسيرة أن الاعتداءات وقعت تحت سمع وبصر قوات من الشرطة العسكرية، وتطور الهجوم على المتظاهرين إلى استخدام القنابل المسيلة للدموع وإطلاق الرصاص فى الهواء. وقال الشيخ حسنين النجار، الإمام بوزارة الأوقاف أحد المشاركين فى المسيرة وشهود العيان على أحداثها فى تصريحات إعلامية حينها "طلبنا الصلاة فى مسجد النور رفع الجيش الأسلحة فى وجوهنا فقررنا الصلاة بالمتظاهرين فى الشارع ثم وجدنا البلطجية يخرجون على المتظاهرين من الشوارع الجانبية والشرطة تحميهم من الخلف والجيش لم يتحرك" مؤكدا أن المظاهرة كانت سلمية ورغم ذلك قوبلت بالقنابل المسيلة للدموع والأعيرة النارية والسيوف من البلطجية ورجال الأمن. من جانبها قالت الناشطة ليلى سويف احدى المشاركات فى الأحداث أن البلطجية ظهروا حاملين السيوف وزجاجات المولوتوف ظهروا من خلف صفوف القوات المسلحة حيث يحميهم الأمن المركزى من الخلف يلقى القنابل المسيلة للدموع، وهو ما أكده شهود عيان قالوا أن البلطجية قاموا بإشعال الطرقات حول المتظاهرين وحاصروهم من جانب والجيش فى الجانب الآخر. ونقلت لجنة تقصى الحقائق التى شكلت شهادة هامة لسيدة من أهالي العباسية تقطن في موقع الحدث، حيث قالت أنها من أهالي حي العباسية وأنها لاحظت منذ ظهر هذا اليوم وجود وجوه رجال ونساء كثيرة غريبة بالحي، وأن البعض منهم كان يصعد إلي أسطح العمارات الكائنة بشارع رمسيس قبل مدخل الميدان والبعض الآخر كان يتخفي في الشوارع الجانبية. ورفضت لجنة تقصى الحقائق، تصريحات اللواء حمدي بدين، رئيس قوات الشرطة العسكرية، عقب وقوع مجزرة العباسية بساعات قليلة بأن أهالي العباسية دافعوا عن الحي وموقفهم الذى وصفه بالشجاع ضد المتظاهرين، علي عكس حقيقة ما ثبت لدي اللجنة من عدم قيام أهالي العباسية بالتعدي علي المسيرة. وأشارت اللجنة إلي أن قنوات التليفزيون المصري الرسمية اتخذت من أحداث مسيرة العباسية وسيلة لتحريض المشاهدين وتوجيههم ضد من قاموا بها، ولم ترصد اللجنة أي متحدث بالتلفزيون يعبر عن الحقيقة أو وجهة نظر الثوار فيما حدث. الجيش استبق مسيرة تطالب بمحاكمة مبارك وإلغاء المحاكمات عسكريا بالتحريض ضدها.. فكانت النتيجة شهيد ومئات الجرحى العباسية الأولى كانت بداية استخدام المواطنين في معارك الجيش مع الثوار .. ونشطاء يسمونه " يوم الغدر "