أحاول قراءة الواقع بهدوء بعد ساعات من صدور قرار عودة مجلس الشعب.. أضع الوقائع بجوار بعضها البعض.. أول أمس يمتنع الرئيس المنتخب عن اتخاذ قرار هو في صميم الصلاحيات المخولة له بالإفراج عن المحاكمين عسكريا أو إحالتهم لقاضيهم الطبيعي ويكتفي بلجنة للنظر في أوضاعهم أغلبها ممن صنعوا مأساتهم.. وقبل أسبوع كان الميدان ممتلئا بالمطالبين بإلغاء الإعلان "غير" الدستوري المكمل.. لكنه فضل أن يحلف اليمين أمام الدستورية العليا بنفس الإعلان ولم يستغل الضغط الشعبي بالميدان .. وبالأمس ووسط ضجة عظيمة من المطالبين بالحقوق تعلو، يصدر الرئيس قرارا بعودة البرلمان لمدة 4 شهور على الأكثر وربما تتراجع لثلاثة شهور - إذا صحت تصريحات الانتهاء من صياغة الدستور نهاية رمضان - نصفها عطلة برلمانية ونصفها الاستعداد للانتخابات .. دون أن يقول لنا أحد إذا كان الهدف إلغاء الإعلان الدستوري المكمل فلماذا لم يتم الضغط لإلغائه وإذا كان الهدف إعادة الشرعية للبرلمان المنتخب مثلما يتكلم البعض فلماذا لا يبقى دائما؟.. وإذا كان الرئيس سيلتزم بحكم القضاء كما يقولون.. فلماذا لم ينتظر الرئيس حسم الأمر في المحكمة الإدارية غدا ؟.. وإذا أراد الرئيس توجيه ضربة لحكم العسكر وإحياء الثورة التي سرقوها فلماذا يبقى معتقلينا في سجونهم؟ .. وإذا.. وإذا ؟ وسط كل ذلك.. ووسط طوفان أسئلة لا إجابات شافية عنها.. ولأن التفاصيل ما زالت خافية.. فقد قررت تجنب الحديث عن دولة القانون التي يدافع عنها طرفي الصراع حول قرار عودة البرلمان " رافضين وموافقين".. وقررت تجنب أسئلة من نوعية هل يدخل هذا في صلاحيات الرئيس ومن أهدر حجية الأحكام والشرعية؟ هل من اغتصب سلطة التشريع وأصدر إعلانا "غير" دستوري مكمل؟.. أم من اصدر قرارا يخالف حكما نهائيا وبات من محكمة؟ وهل البرادعي هو صاحب الرؤية الصحيحة أم بلال فضل.. علاء الأسواني أم حمدين صباحي؟.. فكلهم عندي وطنيون وأصحاب مواقف محترمة حتى لو اختلفت معهم.. لكنني سأكتفي بحقي في مطالبة الرئيس مرسي صاحب القرارات الجريئة أن يصدر قرارا على قدر جرأة قرار الأمس بالإفراج عن المحاكمين عسكريا ومنهم ضحايا ماسبيرو ومحمد محمود والعباسية ومجلس الوزراء والضباط المعتقلين أو إعادة محاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي . كل أملي الآن أن اصدق أن قرار حل البرلمان لم يكن لعبة أو مواءمة سياسية وأنه قرار ثوري يريد استعادة الثورة - حتى ولو لم يفعلها الإخوان سابقا- .. وأن لدينا رئيس قادر على اتخاذ قرارات تنصف المظلومين بحق .. أطالب الرئيس مرسي الذي أعاد سلطة البرلمان وانتزع سلطة التشريع من المجلس العسكري بأن يكون أول قراراته هو الإفراج عن المحاكمين عسكريا واستخدام حقه القانوني والتقدم بقانون لمجلس الشعب بإنشاء محاكم من كبار قضاة محكمة النقض الموثوقين وإعادة محاكمة قتلة الثوار .. أما "برلمان الثورة" فأملي أن يتخلى عن المعارك العبثية والتافهة ويحسم معارك كان أولى به أن يحسمها - وربما جنبتنا ما نحن فيه الآن - مثل قانون استقلال القضاء وهيكلة الداخلية والانتصار للشهداء ليس بدفع المال - وإن كثر- ولكن برد الحقوق والانتصار للثورة. لن أناقش قرارا صدر بالأمس ولا افهم أبعاده ولكن أطالب بحقوق وجب ردها لأهلها.. وكل ما أستطيع أن أقوله أني أخاف بحق على جمهوريتنا الجديدة من عبث يمتد لسلطاتها سواء باتفاق أو بمحاولة اصطناع مجد زائف.. أما إذا كان القرار حقا يهدف لأحياء الثورة.. فلا أقل من أن يتبعه قرارات ثورية جديدة وفورية وسريعة مثل قرار حل البرلمان تعيد حقوق من صنعوا هذه الثورة ومن دفعوا أرواحهم وجزء من أعمارهم من أجل أن يكون لدينا رئيسا قادرا على الاستناد إلى سلطة الشعب والدفاع عن إرادته ورد سلطة الشعب إليه ولو إلى حين. أما موقفي من عودة البرلمان فسأؤجله لحين يثبت سيادة الرئيس المنتخب أنه على حقوق أهل الثورة ومن صنعوها حريص قدر حرصه على البرلمان.. وأن الهدف من القرار هو الثورة ولا شيء سواها.. وحتى أمتلك الحقائق الكاملة حول ما تم هل هو ثورة أم صفقة؟ وهل سيكمل الرئيس المنتخب انحيازه للثورة أم سينحاز لشيء آخر؟! لن أزايد على القرار ولكني سأنتظر دليلا على اتجاه بوصلة الرئيس.. لا أملك حلما الآن إلا رد حقوق من دفعوا ثمن حريتنا.. وسقوط حكم من قتلوهم في معركة الجمل وماسبيرو ومجلس الوزراء ومحمد محمود.. يسقط يسقط حكم العسكر والمجد للشهداء ومن صنعوا حلمنا بغد مختلف.. والحرية لكل المعتقلين. Comment *