نشرت صحيفة "الاندبندنت" مقالا تعلق فيه على الجولة الأولى من انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر وترى فيه أن هذه النتائج إيجابية بشكل كبير، وايضا سلبية بشكل كبير . وتقول الاندبندنت أنها إيجابية بشكل كبير لأنها تظهر أنه إلى حد بعيد أكبر دولة فى الربيع العربى قد أحتضنت بشكل او باخر العملية الديمقراطية بنجاح. حيث انه فى الأشهر ال 16 بعد الاطاحة بحسني مبارك، أنتخبت مصر مجلس النواب، وتحضر نفسها لانتخاب رئيس . وتضيف الصحيفة البريطانية أن من النتائج الايجابية الاخرى لهذه الجولة هى أنه على الرغم من الاضطرابات وعدداً من الاشتباكات المحلية القليلة ، الا أن البلاد لم تنزلق الى العنف ، ولم يتم ادانة مصداقية الانتخابات من قبل انتهاكات واسعة النطاق. صحيح لم يكن كل شيء مثالي ، ولكن العملية كانت أكثر نزاهة وأفضل تنظيما مما كان متوقعا. ورغم الايجابيات هناك ايضا تقييم سلبى بشكل كبير للاختيار الذى أننتجته الجولة الاولى من التصويت . فعندما خرجت حشود المتظاهرين الذين أغلبهم شباب الى الشوارع في يناير 2011 ، كانت هناك روح من التفاؤل والحماس الهائل لأجل بداية جديدة. وأصبح ميدان التحرير رمزا للتغيير واعدا بأكتساح التغيير فى جميع أنحاء العالم العربي. لكن مثل هذه الثورات قد تسببت في حرب أهلية قصيرة في ليبيا ، التى يبدو الآن أنها قد توقفت ، وفى سوريا هناك الكثير من اراقة الدماء, رغم أن هذا لا يقلل من ما تم إنجازه ، بينما الوضع في الغالب يجرى بسلام في مصر . وتعتبر الاندبندنت أن ما يؤسف حقا هو الطريقة التى تلاشى بها الى حد كبير هؤلاء الشباب الذين معظمهم معتدلين وعلمانيين من المشهد . فكما هو الحال في الكثير من الثورات ، أنقسمت القوى التي قامت بالثورة . ونتائج الجولة الأولى فى مصر تترك الناخبين المصريين مع نفس البدائل التقليدية المستقطبة التي ساعدت في تأجيج الانتفاضة في المقام الأول: من جهة جماعة الاخوان المسلمين ، التى كانت محظورة رسميا من السياسة ، ومن جهة أخرى قوى الوطنية والعلمانية المحافظة المتمثلة فى عشيرة الرئيس مبارك. فالاثنين الذين سيكونان موجودين على ورقة الاقتراع في 17 يونيو هما محمد مرسي من حزب الحرية والعدالة - الجناح السياسي لجماعة الاخوان المسلمين - وأحمد شفيق ، اخر رئيس وزراء للرئيس المخلوع مبارك . بينما القوى التى قامت بالثورة كانت مجزأة جدا لدرجة لم تتمكن بها انتاج منافسا للجولة الثانية . وتشير الصحيفة الى انه رغم كل ذلك فأنه لم يتم فقد كل شيء , حيث لا يمكن لأى من المرشحين الاثنين الفوز فقط عن طريق دائرته الخاصة به . فيجب أن كلا منهما يسعى لمناشدة دوائر وفصائل أنتخابية اخرى على نطاق أوسع. فالسيد مرسي يضع عينه على المسلمين الاكثر محافظة وهم السلفيين، كذلك السيد شفيق ينافس الان للحصول على أصوات من بين دوائر أخرى ومن الثوار الشباب. لكنه يواجه عقبات عديدة ، من بينها ارتباطه الوثيق مع مبارك والمؤسسة العسكرية . كما تشير الصحيفة أنه على الرغم من تراكم الطوابير في الكثير من مراكز الاقتراع ، الا أن نسبة المشاركة كانت في الجولة الاول أقل مما كان مأمولا، ويمكن أن تنخفض أكثر في الجولة الثانية. لذلك فالأسئلة فيما بعد قد تكون حول مصداقية الرئيس الجديد ، وإلى أي مدى سيكون قادرا على ادارة ولايته . لكن هذا لا يقلل من أهمية ما حدث في مصر. هذه الانتخابات التنافسية حول الرئيس هى إنجاز كبير في حد ذاته . لكن إذا الديمقراطية المصرية ستنمو بجذور قوية ، فمصر في حاجة إلى زعيم يستطيع أن يحظى بالاحترام من جميع الفصائل السياسية والدينية . وفيما يتعلق بعلاقة هذه النتائج على الثورة قالت صحيفة لوس انجلوس تايمز فى مقالتها الافتتاحية أنه من السابق لاوانه القول ان انتخابات رئاسة الجمهورية في مصر قد وفت بوعد الانتفاضة الشعبية التى أندلعت العام الماضي ضد الرئيس الاستبدادى للبلاد ، حسني مبارك. لأن الحكم النهائي سوف يعتمد على الكيفية التي سيحكم بها الفائز في نهاية المطاف وعلى عما إذا كان الجيش سوف يسمح له بأن يحكم بحرية . لكن الانتخابات ، التي بدأت الاسبوع الماضي والتى من المرجح أن تستمر في جولة الاعادة الشهر المقبل ، كانت تدريبا قويا ومؤثرا في مجال الديمقراطية . فعلى الرغم من تقارير عن حدوث مخالفات في بعض مراكز الاقتراع ، الا أن أكثر من 20 مليون مصرى قد شاركوا في انتخابات تنافسية تضم مرشحين من مختلف ألوان الطيف السياسي ، بما في ذلك الإسلاميين المتشددين وشخصيات من عهد مبارك. ورغم أن بعض المرشحين الشعبيين ، بما في ذلك خيرت الشاطر وهو الخيار الأول لجماعة الإخوان المسلمين ، لسوء الحظ تم منعهم من قبل لجنة الانتخابات ، لكن قائمة المرشحين النهائية كانت لا تزال متنوعة . وتعتبر الصحيفة الامريكية أن المنافسة بين مرسي و شفيق سوف تشكل خيارا صارما بين ممثل النظام القديم الذي شدد على أهمية الاستقرار الاجتماعي والمرشح الذي سينضم مع البرلمان فى إبراز الهوية الاسلامية لمصر ، على الرغم من أن المدى الذي سيعزز به الشريعة الإسلامية لا يزال غير واضح. ففي سباق به مثل هذا الاستقطاب ، كلا المرشحين لديهم صعوبة في اجتذاب الدعم من خارج دوائرهم الانتخابية الأساسية . وتختتم الصحيفة مقالها بان رغم كل الشكوك وعدم اليقين حول المستقبل , الا ان هذا لا ينتقص ابدا من حقيقة أنه في هذه الانتخابات ، كما حدث في الانتخابات البرلمانية ، المصريون حقا يمارسون الديمقراطية التي تم التبشير بها منذ ما يقرب من عام ونصف تقريبا في ميدان التحرير. انه انجاز تاريخي . Comment *