تتميز اليمن بامتلاك عشرات الآلاف من المخطوطات النادرة والنفيسة التي لا تقدر بثمن، بعض هذه الكنوز التراثية تتبع مكتبات عامة للدولة، لكن الجزء الآخر منها يمتلكها مواطنون يفتقدون أدنى الإمكانيات للحفاظ عليها، وهو ما يجعلها عرضة للتهريب والتلف والضياع. فقد حذر مدير مكتبة زبيد العامة، الأديب اليمني، هشام عبد الله ورو، في تحقيق نشرته "وكالة أنباء الشعر"، من تصاعد عمليات تهريب مخطوطات وكتب مدينة التراث العالمي "زبيد"، وأوضح أن مخطوطات المدينة تتعرض لمؤامرة واسعة من قبل ما أسماهم ب" سماسرة المخطوطات" الذين ينتمي بعضهم لجهات رسمية في الدولة وغير رسمية، وبتشجيع من مسؤولين حكوميين، مشيرًا إلى أن مخطوطات المدينة تتعرض للتهريب على مدى ثلاثة عقود، وذلك على مرأى ومسمع من الجهات المختصة. وكشف هشام ورو، عن وجود" سوق سوداء" للمتاجرة بهذا التراث الثقافي، بالتنسيق مع مكتبات عربية ومتاحف عالمية، رفض أن يُسميها حفاظًا على العلاقة معها، على حد قوله، وقال " للأسف الشديد، اكتشفنا مؤخرًا، قيام العديد من المكتبات العربية والمتاحف الأجنبية، بالإعلان عبر صفحاتها على الإنترنت، عن بيع مخطوطات وكتب قيمة ونادرة من إرث مدينة زبيد، لم تذكر أسماء مؤلفيها" منوهًا إلى وجود عشرات المخطوطات القيمة والنادرة في متاحف لندن ومتحف اللوفر في باريس، تم تهريبها بطرق غير مشروعة. وأضاف" هناك الكثير من أصحاب هذه المخطوطات النادرة، يقومون ببيع مخطوطاتهم في السوق السوداء التي ازدهرت مؤخرًا بشكل كبير عبر وسطاء حكوميين، تُباع بثمن بخس، غير مدركين أهمية ما يمثله هذا التراث الثقافي من قيمة كبيرة"، ونوه إلى أن هذه المخطوطات تشمل مختلف مجالات العلوم الدينية والأدبية والشرعية والثقافية وعلم الفلك والرياضيات والجغرافيا، وغيرها. وناشد مدير مكتبة زبيد الحكومة اليمنية ووزارة الثقافة، بسرعة التحقيق في عمليات التهريب التي تعرضت لها مخطوطات المدينة التاريخية، والوقوف في وجه سماسرة وتجار المخطوطات، كونهم يهدفون إلى طمس إرث ثقافي وعلمي تزخر به البلاد، وأكد أن مسؤولية الحفاظ على هذه الكنوز التراثية، تقع على عاتق كل العاملين في قطاع المخطوطات. ودعا هشام ورو، إلى تبني حملة وطنية للحفاظ على مخطوطات المدينة، مؤكدًا أن زبيد تزخر بالمئات من المخطوطات القيمة والنادرة. يأتي ذلك في الوقت الذي أحبطت فيه، السلطات اللبنانية في مطار بيروت، تهريب كميات كبيرة من المخطوطات اليمنية، تُقدر بنحو 76 مخطوطًا مطلع الشهر الجاري، حيث كشفت مصادر في وزارة الثقافة للوكالة، أن تلك المخطوطات المضبوطة، تكتسب أهمية تاريخية وأدبية كبيرة ، حيث يتجاوز عمرها 400 عامًا. وحذرت مكتبة زبيد، في بيان حصل "العرب اليوم" على نسخة منه، من "تهريب عدد كبير من مخطوطات زبيد إلى خارج الوطن في محاولة لطمس هوية المدينة العلمية والثقافية"، وأضاف البيان "وللأسف فإن هذه الحالات مازالت تتكرر حتى يومنا هذا , حيث أن الكثير من أصحاب المخطوطات الذين لا يعون إرث أمتهم يبيعونها بثمن بخس أمام صمت مخزٍ من الجهات القائمة على أمر الكتاب والمخطوطات". وناشدت المكتبة "وزارتي الثقافة والأوقاف وعلى رأسها حكومة الوفاق الوطني للتحقيق في كل ما يتم تهريبه خارج الوطن , حيث أن بعض المكتبات العربية والمتاحف الأجنبية أعلنت في صفحاتها عن مخطوطات هي أصلاً من إرث هذه المدينة لكنهم حاولوا طمس أعظم إرث علمي تفخر به اليمن". ودعت "المجتمع والدولة على حد سواء للوقوف ضد كل تجار مخطوطات زبيد كونهم يحاولون طمس هويتنا وإرث أمتنا الزاخر بالإشرافات من قرون عدة"، مؤكدةً "أن الحفاظ على مدينة زبيد التاريخية لا يأتي بالحفاظ على مبانيها فحسب لكن إرثها العملي هو من جعلها تتصدر التاريخ العلمي بأحرف من نور"، وحملت كل العاملين في قطاع المخطوطات مسؤولية ما لحق بإرث زبيد العلمي والثقافي، من تهريب وضياع، ودعت إلى "تبني حملة وطنية للحفاظ على مخطوطات زبيد حصرًا وتوثيقًا وعناية". Comment *