* سحر سابا: نشأت في وقت كانت فيه كابول مليئة بمحلات تبيع التسجيلات الموسيقية ودور السينما والمسرح * أرادت أن تكون ممثلة.. وقفت على المسرح في الثامنة من عمرها بعكس رغبة أسرتها.. ووافق الأب بعدما شاهد ابنته على المسرح كتب- أحمد سلطان: أول مخرجة أفغانية تخاطر بحياتها في كل يوم تعمل فيه، تصور فيلم في كابول هو عمل شجاع في كل المقاييس. سحر سابا تحدثت لصحيفة “جارديان” البريطانية بحماس عن مساواة المرأة ومخاوفها من أن عودة طالبان يمكن أن تقتل السينما الأفغانية إلى الأبد. ووصفت الصحيفة الأجواء التي تعمل فيها سحر، خلال إعداد التقرير وتكتب: درجة الحرارة أربع درجات تحت الصفر في مجمع للشرطة الأفغانية وسط حراسة مشددة في جنوب غرب العاصمة كابول، من 60 ضابط يقفون على أهبة الاستعداد في انتظار الأوامر التي لم تأتهم هذه المرة من إحدى قياداتهم المهم بل من المخرجة والممثلة وكاتبة السيناريو سحر سابا. وتضيف جارديان: “جاء صوت سحر عاليا أوقفوا التصوير ثم تحدثت إلى الضابط الواقف إلى جوار جهاز الصوت.. القوات بعيدة جدا عن الكاميرا ولا يمكننا رؤيتهم” بعد 14 عاما من حكم حركة طالبان، المتشددة، التي كانت تمنع النساء من ارتياد المدارس، وتجبر سكان المنازل على طلي نوافذها بطلاء غامق بحيث لا يمكن رؤية النساء في داخلها، ظهرت سحر سابا تمشي أمام الكاميرا مرتدية حذاء له كعب لامع وعال، وظللت عيونها بلون أزرق وزينت أنفها بقرط ذهبي، لا يزال البرقع الكامل هو الرداء المفضل للنساء الأفغانيات عند خروجهن للشارع إلا أن سحر ارتدت حجابا لونه فيروزي ونظارة سوداء كبيرة الحجم للشمس، بدت كنجمة من نجمات هوليود ولكن على الطريقة الأفغانية. في بلد تملك 12% فقط من نسائه القدرة على القراءة والقليل منهن يعملن، تخرج سحر عملها السادس “المفتش أمان الله” وهو مسلسل يدور عن قوات الشرطة الأفغانية والتي تلعب فيه سحر أيضا دور البطولة من خلال شخصية ضابط شرطة يرفض الفساد وتحارب الإرهاب في ظل مجتمع يحكمه الرجال. كل أعمال سحر الستة عبارة عن دراما بوليسية دائما ما تلعب فيها دور البطلة ، ضابط الشرطة الذي يناضل من أجل العدالة ويحارب الفساد متمثلا في رججال طالبان واغنياء الحروب وأباطرة المخدرات تقدم شكل من اكال الابطال الخارقين فهي تلعب الكونج فو وتستطيع تقديما حركات مميزة بالرغم من التزامها بأزياء البلاد التقليدية، تحمل الضحايا على اكتافها لانقاذهم وتقود دراجتها البخارية من أن تستخدم يديها في لقطات إطلاق النار. كانت سحر قد دربت نفسها وهي في سن ال 14 قبل 22 عاما لتتمكن من العمل في جهاز الشرطة والذي لا تزال تعمل فيه بدوام جزئي وربما يكون هذا هو ما يساعدها أثناء القائها الأوامر على أفراد الشرطة الشتركين في اعمالها ولم يختلف الامر كثيرا عندما كانت توجه الصحفيين الأجانب وأردفت قائلة أنها تعكف على صناعة فيلم تسجيلي عن السينما الافغانية لبرنامج “أن ريبورتيد وورلد”، الذي يذاع على “شانيل 4′′ (القناة الرابعة في هيئة الإذاعة البريطانية). وتقول سحر إنها تريد أن تثبت أن “المرأة الأفغانية قادرة على فعل أي شيء يفعله الرجال، أريد أن أظهر للمحافظين الذين قفلوا على بناتهم وزوجاتهم في البيت أنه ينبغي عليهم السماح لهن بالخروج للتعليم، والعمل وكسب بعض المال المساعدة في إعادة بناء أقغانستان، كما أعلنت عن رغبتها في أن يكبر ابنيها وبنتيها في مجتمع يحظى فيه الجميع بالمساواة. تقول سحر إنها تلقت تهديدات عديدة بالقتل على هاتفها المحمول وأن المخاطرة موجودة في كل يوم تذهب فيه لعملها فربما لا تعود ولا ترى عائلتها مرة أخرى لكن حتى الحياة لها ثمن، وكانت سحر قد تقدمت في وقت سابق بمذكرة للداخلية لتعقب هذه المكالمات والتي تبين صدورها من قندهار لكنها لم تؤدي لشيء أبعد من ذلك ولازالت التهديدات تتواصل وتستمر، ولا تغادر سحر من دون مسدسها وحارسها الشخصي. وتقول سحر أنها نشأت في وقت كانت فيه كابول مليئة بمحلات تبيع التسجيلات الموسيقية ودور السينما والمسرح وأنها لطالما أرادت أن تكون ممثلة، وكان ظهورها الأول على أحد مسارح العاصمة ولم تكن قد بلغت الثامنة من عمرها بعد، وقد كانت جريئة منذ الصغر حيث قامت بهذا الدور على عكس رغبة أسرتها التي كانت معترضة إلا أن والدها عاد ووافق بعدما رآها على المسرح. كانت سحر تكتب أول سيناريو لها عام 1996 حين استولت حركة طالبان على الحكم وحرمت السينما وحرمت الصور والصور المتحركة بالإضافة للموسيقى التي زعموا انها تسبب الفساد الاخلاقي ، وفي تلك السنة اقتحم رجال الميليشيا مكاتب شركة الأفلام الأفغانية الحكومية، وحرقوا كل ما وجدوا مدمرين غالبية أرشيف البلاد السينمائي هربت بعدها سحر إلى باكستان فيما توفت العديد من صديقاتها نتيجة ضرب الشرطة لهن بعدما تم القبض عليهن أثناء مشاهدة الأفلام . تقدمت سحر بعدها بطلب للجوء للولايات المتحدة وحصلت على موافقة في عام 2001 لكنها رفضت فرصة الحياة الجديدة في الغرب ، وعندما سقط نظام طالبان عادت سحر إلى كابول واسست شركة الإنتاج الخاصة بها . وعملت مع عدد من المخرجين الشباب الذين يحلمون بغعادة صناعة السينما الأفغانية ، وسط ما أسمته دعما وعود الحرية التي تحملها لهم القوات الأجنبية الموجودة هناك. وعندما كانت سحر تحضر للعرض الأول لفيلمها “القانون” في العام 2004 في كابول خاف صاحب دار العرض من احتمال وقوع اعمال شغب وطل الحماية من الشرطة ولكن العرض مر بسلام وشهد الفيلم نجاحا كبيرا في وقتها ربما أكثر من كلاسيكيات بوليوود التي كانت قد انتشرت تجارتها على ” الاسطوانات المدمجة” في كابول وفي عام 2012 بدا الافغانيون كأنهم شعبان يتعايشان سويا بصعوبة بين جيل جديد أكثر ليبرالية ويتطلع من أجل مستقبله وآخر محافظ على استعداد لأن يعاقب أي سلوك يعتبره هو غير اسلامي. وفي بلد تواجه فيه النساء عقوبات بالجلد والسجن والقتل اذا ما ظهرن في الأماكن العامة تعتبر سحر التهديدات التي تصلها مجرد جزء من التحدي الذي تواجهه ويواجه كل المعارضين ومن المشكلات التي تواجه صناع الاأفلام هناك اختيار ممثلات للعمل معهم وبفرض توافر طاقم العمل والمعدات والانتاج يبقى عليهم أن يعملوا في منطقة حرب. سحر تكمل أن صناعة الأفلام هي عشقي ، ,انها تحب بلدها وتريد أن توضح للناس أن بأفغانستان أشياء أخرى غير المخدرات والحروب والإرهاب ، وأنها تود أن تكون مصدر إلهام للنساء في بلدها كي يقاتلن من أجل حقوقهن وانا اذا قتلت فهي على استعداد أن تفقد حياتها في سبيل ذلك وعلى الرغم من أن طالبان تطبق الشريعة بشكل صارم غير معروف في أغلب البلدان الإسلامية الأخرى إلا أنها تسمح بتجارة الإسطوانات المدمجة التي تقتصر على الأفلام الهندية والباكستانية فقط بالغضافة لست صالات عرض سينمائية إلا أنها خالية من الجمهور في أغلب الأوقات لأنهم يفضلون الأمن في بيوتهم بدلا من مغامرة غير آمنة ربما لمشاهدة فيلم في شوارع المدينة وفي بلد يعاني من العنف يكون من المنطقي أن تحظى افلام الحركة بالنصيب الأكبر من المبيعات هناك ، وأيضا تباع الأفلام الهندية هناك بشكل جيد منذ سقوط نظام طالبان حيث أن معظم الأفغان يجيد اللغة الهندية. وخلال السنوات التي اعقبت سقوط نظام طالبان كان هناك إقبالا على الافلام التي تم تصويرها في الداري والياشتو حيث يريد المشاهدون أفلاما تتحدث بلغاتهم الخاصة وتسرد القصص التي تتعلق بثقافاتهم وخبراتهم ويضيف أحد التجار أنه بامكانه أن يبيع 1400 نسخة يوميا في حال صدور فيلم افغاني جديد ورغم أن سعره يصل تقريبا إلى واحد دولار أمريكي وهو ما قد يزيد على أجر يوم كامل بالنسبة لأغلب الناس هناك وتقول سحر المنفصلة عن زوجها وأولادها بحزن “لقد ضحيت بالكثير من الاصدقاء ولا أحظى بزيارات كثيرة من أهلي وأسرتي، أمي وإخوتي يدعمونني لكن بقية العائلة لا تدعمني وضدي تماما” وتقول وجدت في الفريق الذي يعمل معي في صناعة الأفلام عائلتي فنحن نقضي أغلب الوقت سويا حتى في حال عدم وجود أعمال ننجزها لكن حتى هذه العائلة تظل هي الأخرى مهددة في حال عادت طالبان بأي شكل من الأشكال ، ستكون النساء من أمثالي غير أحرار ولن يتمكن من القيام بدورهن في صناعة الأفلام وسأضطر لمغادرة البلاد فورا. وعن مشروع عمرها تقول سحر أحلم بأن أصنع فيلما عن حركة طالبان واتمنى ان أتمكن من صناعته وآمل أن يفوز بجوائز في مهرجانات عالمية مثل كان والأوسكار لكني غير متأكدة هل سأبقى على قيد الحياة بعد صناعة فيلم كهذا ام لا لكني سوف أقوم به