إذا كنت ممن تعد عمرهم الثلاثين عاما فستفهم بسهولة الهدف من وراء هذا المقال، وستفهم أيضا أن المقصود ليس طارق علام بشخصه وإنما الظروف التي صنعت منه لمرحلة ما نجما هو الأشهر في مصر، ليس هو فقط بل كثيرين سقطوا جميعا من ذاكرة الجمهور لكن السياسات التي صنعتهم لا تزال تسيطر على المشهد الإعلامي المصري . ليس وحده طارق علام كما بدأت، هناك أيضا ممدوح موسى على سبيل المثال، وبدرجات متفاوتة أمثلة أخرى ربما يكون من بينهم مني الحسيني وإن كانت تمتلك بعض مكونات الشخصية التي يجب أن تعمل في الحقل الإعلامي مثلها مثل تامر أمين، لكن كلاهما وغيرهم الكثير اختاروا الانحياز للسلطة لا للشعب، معتمدين على قيادات صنعها صفوت الشريف بعناية في وقت كانت احتكار الشاشة يجبر المتفرجين على التعامل مع تلك الوجوه وكأنها منزلة من السماء لا بديل لها وأين يمكن أن يجدوا هذا البديل، وعندما انكسر الاحتكار وبدأت المنافسة رغما عن الجميع أجبر الفرز كل من دخلوا بالواسطة واستمروا بالنفوذ على الابتعاد لكن دون عقاب من صنعوهم ومهدوا لهم الطريق وجعلوا صورة الإعلام المصري تهتز أمام الجميع ماعدا المشاهد الغلبان الذي لم يكن ير إلا هؤلاء ليعرف الهوة التي أسقطوا فيها إسم مصر. طارق علام دخل التلفزيون لأول مرة بصحبة شقيقه ضابط الشرطة كما كتب في مقال قديم له بمجلة الشباب، ثم نجح دون أن يذكر تفاصيل في الحصول على لقب مذيع، وبصراحة لا أتذكر هل قدم برامج قبل “كلام من دهب” أم لا، لكن ما اتذكره جيدا مع أبناء جيلي أن البرنامج كان مجرد مسابقة رمضانية عادية، اسئلة في الشارع ومن يفوز يحصل على الجنيه الذهب، حتى رفضت “ست محترمة وشيك” الجائزة يوما وطلبت التبرع بها لمن يستحق، فبدأ دخول البرنامج في مغارة التبرعات والحالات الانسانية، تزامن ذلك مع صعود نجم المخرج نبيل عبد النعيم واستغلاله للأغنيات الطريفة في التعليق على اجابات الجمهور ما تطلب أسئلة من نوع خاص وطريقة القاء معينة للسؤال تصنع حالة من ال show الذي يهدف فقط لزيادة عدد مواسم البرنامج وهو أمر لا يلام عليه فريق “كلام من دهب” لأن كل البرامج في تلك المرحلة وربما حتى الآن لاتزال تستخدم تلك الأساليب لكن مع تطورها – الكاميرا الخفية نموذجا – وعندما انتهي موضة “كلام من دهب” كان على طارق علام أن يثبت قدرته على الاستمرار، فقدم برامج عدة على التلفزيون المصري وعلى قناة المحور – أول قناة خاصة وحكومية في آن واحد- وقام ببطولة ثلاثة أفلام – من يذكر إسم فيلم واحد منها؟ – وفي النهاية أجبره الجيل الجديد من الإعلاميين على التراجع إلى الصفوف الخلفية ولا يعرف أحد ماذا يفعل الآن . يمكن أن نرسم البورتريه نفسه لممدوح موسى الذي كان المذيع الوحيد القادر على استضافة أكبر نجوم مصر والعالم العربي دون أن يفهم الجمهور يوما ماذا يقول بالضبط أمام الكاميرا، ودون أن يبق شئ من كل ما قدمه. من الذي فتح لهؤلاء الأبواب، من الذي استفاد من وجودهم، هل يمكن أن نحاسب كل رؤساء اتحاد الإذاعة والتلفزيون ومن تحتهم من قيادات، كما نحاسب صفوت الشريف، هل تعلمون كم من ملايين حصل عليها كبار ماسبيرو مقابل فتح النوافذ لهؤلاء وغلق النوافذ أمام الموهوبين الذين هاجروا إلى كل أنحاء العالم بحثا عن فرصة قبل أن تعيد الثورة بعضهم من جديد كيسري فودة وحافظ الميرازي . طيب هل لاحظت أن التلفزيون المصري لم يظهر من خلاله أي إعلامي متميز منذ قيام الثورة ولم ينجح في التعاقد مع نجم قادر على جذب الجمهور له من جديد، هل تعرف لماذا ؟ لأننا لانزال نعيش في زمن طارق علام، حتى لو كان علام نفسه قد اكتشف أن السكوت من ذهب . للتواصل مع الكاتب عبر تويتر https://twitter.com/#!/MhmdAbdelRahman