” مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات العسكرية والعامة الإسرائيلية. لقد تطور العمل فى مصر حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979. فقد أحدثنا اختراقات سياسية وأمنية واقتصادية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً ومنقسمة إلى أكثر من شطر، لتعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، ولكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى هذا البلد” هكذا تحدث رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق، عاموس يادلين، خلال مراسم تسليم مهام منصبه للجنرال، أفيف كوخافى . ومن هنا أتساءل أسئلة تبدو مشروعة تماما هل حولت معاهدة “كامب ديفيد ” حالة الحرب بين مصر وإسرائيل من حالة حرب معلنة وساخنة إلى أخرى باردة تدار من خلف الكوليس وزرع الجواسيس خاصة من قبل إسرائيل في الأراضي المصرية ؟ هذا سؤال يُطرح ،ونحن نطالع ما بين فترة وأخرى أخبار الكشف عن شبكات للتجسس تزرعها الموساد في الأراضي المصرية في محاولات دؤوبة لاختراق القطاعات الأهم في النظام المصري سواء اختراق الوزارات وقطاعات الأمن القومي أو اختراق مجال الشخصيات العامة والتي بيدها قرارات تعني في المقام الأول الأمن القومي المصري . ويتبادر للذهن سؤال آخر يبدو أكثر مشروعية وهو هل ما ينادي به دعاة التطبيع سواء على مستوى الثقافة أو الاقتصاد يكون له معنى بعد كشف كل جهود الموساد المستمرة لاختراق المجال الأمني المصري ؟ حجة هؤلاء المنادين بالتطبيع أننا عقدنا معاهدة سلام ، وأن الحرب قد توقفت بيننا ، فتأتي الموساد لترد عليهم ردا حاسما وقاطعا أن إسرائيل وأجهزتها الاستخباراتية ما تزال تعتبر مصر هي العدو الأول ، وأنها تعمل جاهدة على الاضرار بالأمن القومي المصري مما يؤكد أن مصر مازالت مستهدفة، وتشكل خطراً على اسرائيل رغم توقيع معاهدة السلام في 1979 ، ورغم تعاون الحكومة المصرية الكامل لحماية الحدود مع الجانب الاسرائيلي، والانخراط في تنسيق أمني كامل في هذا الصدد. وكانت ولاتزال المخابرات المصرية وأجهز الأمن في حالة تأهب مستمرة للتصدي لمثل هذه المحاولات، وبحسب التقارير المعلنة هناك ما يقرب من 30 شبكة تجسس تم كشفها في آخر عشرين عام، وكلها تقريبا تعمل لصالح إسرائيل، سواء شبكة ” آل مصراتي “في عام 1992 أو سقوط ” عزام عزام ” في عام 1996 ، والذي نالت قضيته اهتماماً إعلامياً وجماهيراً كبيراً، قضت المحكمة بحبسه 15 عاماً بعد اكتشاف تزعمه لشبكة تجسس لصالح إسرئيل ومحاولته تجنيد شباب مصريين، والصفقة التي عقدتها إسرائيل بالإفراج عنه في مقابل الإفراج عن 6 من الشباب المصريين الذين تسللوا إلى داخل إسرائيل . وجاءت قضية ”شريف الفيلالي” في عام 2000 . ثم جاءت قضية الطالب ” محمد عصام العطار ” في عام 2007 بعد ذلك . ثم وفي نفس العام تم الكشف عن شبكة يقودها ” محمد سيد صابر” المهندس الذي يعمل بهيئة الطاقة الذرية ومواطن أيرلندى يدعى برايم بيتر ومواطن يابانى يدعى شيرو ايزرو للمحاكمة بتهمة التخابر لحساب إسرائيل.. بعد ذلك تأتي قضية ” طارق عبد الرازق حسين “مدرب الكونغوفو بأحد الأندية الذي يدير شبكة أعلنت عنها نيابة أمن الدولة العليا فى مؤتمر صحفى اليوم، الاثنين 20 ديسمبر 2010 ،ووفقا لاعترافاته أن تعليمات الموساد له تتركز على تقديم تقارير معلوماتية عن عدد من كبار الموظفين المصريين العاملين في شركات الهاتف المحمول الكبرى في مصر، في خطوة أولية لانتقاء عدد منهم للعمل في إطار اجهزة التجسس الاسرائيلية. إن محاولة اختراق أجهزة الاتصالات الهاتفية في مصر هدف إسرائيل الاستراتيجي، لأن زرع عملاء في هذه الأجهزة يعني الوصول إلى ثروة كبرى من المعلومات، خاصة إذا تم رصد هواتف ومكالمات كبار المسؤولين في المؤسستين الأمنية والعسكرية. لقد ثبت الشعب المصري على موقفه طوال هذه العقود على رفض التطبيع بشتى تجلياته ، حتى أن مثقفي مصر كل عام في مؤتمرهم السنوي العام يؤكدون في توصياتهم على رفض التطبيع . وطالما انتقدنا هذه التوصيات الشكلية ووصفناها بأنها ورقة التوت التي يغطي بها النظام عورة التطبيع غير المقبول شكليا . ولم يسلم الأمر من وجود بعض المثقفين الذين قبلوا بشكل أو بآخر بالتطبيع الثقافي . السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو من الذي يحدد توقيت الإعلان عن مثل هذه الشبكات؟ لا يشكك أحد في وطنية وقوة جهاز ” المخابرات المصرية ” لكن توقيت الإعلان عن شبكات التجسس هو الذي يجعلنا نتساءل: هل توقيت الإعلان عن مثل هذه الشبكات يهدف النظام من ورائه أن يشغل الرأي العام المصري عن مهزلة تزوير وتسويد الانتخابات أم يشغله عن ارتفاع أسعار السكر ومشاكل أنبوبة غاز البوتجاز وغير ذلك من المشاكل الداخلية ؟ بتأمل الوضع العام الداخلي المصري يتكشف لنا أن الموساد ربما لا يكون بحاجة للعمل من أجل إفساد الوضع الداخلي في مصر . النظام المصري والحكومات المتعاقبة قادرة بامتياز على تخريب الأمة المصرية ولا نحتاج لأيدي الموساد أن تخرب فينا ،فالفساد السياسي والاقتصادي هو السوس الذي ينخر في جسد الأمة. مواضيع ذات صلة 1. هويدا صالح : شغف قديم 2. المركزي للإحصاء: تراجع أسعار الطماطم في نوفمبر وارتفاع السكر والدقيق والزيت 3. توقعات بارتفاع سعر السكر إلى 8 جنيهات للكيلو .. وانخفاضات جديدة في أسعار الطماطم والخضروات 4. التحقيق مع شبكة تجسس إسرائيلية بتهمة التصنت على مسئولين كبار وخطف سياح من سيناء بهدف ضرب السياحة 5. محمد خالد : أيدي إسرائيلية تعبث بالمؤخرة