انطلقت أمس الأحد في بريطانيا حملة شعبية تطالب بإجراء استفتاء جديد بشأن اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مؤكدة حق المواطنين البريطانيين وليس فقط السياسين في الأدلاء برأيهم وتحديد مصيرهم. وتهدف الحملة التي انطلقت من لندن وتحدث خلالها عدد من أعضاء حزب المحافظين الحاكم، وحزب العمل المعارض وحزب الخضر والحزب الليبرالي الديمقراطي، إلى منح المواطنين البريطانيين إمكانية إبداء آرائهم في الخروج النهائي من الاتحاد الأوروبي وإذا كان هذا الخروج سيجعل بريطانيا في وضع أفضل أو في وضع أسوأ. وتقود الحملة حركة "بريطانيا المفتوحة" التي انبثقت من حملة "البقاء" في الاتحاد الأوروبي الرسمية في استفتاء 2016، والتي تشمل سبع مجموعات معارضة للبريكست. وقال المدير التنفيذي لحركة "بريطانيا المفتوحة" جيمس ماكغروري، "سواء كنا نعتقد أن الحكومة ستفاوض على اتفاق جيد أو اتفاق سيء، فإن بريكست أمر مهم". ولا تزال قضية الخروج من البريكست مسألة تتسبب في الانقسام في بريطانيا، ويزداد التوتر والخلاف مع اقتراب موعد خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي بعد أقل من عام، حيث من المقرر أن يدخل القرار حيز التنفيذ في مارس 2019، ثم تمر بريطانيا بمرحلة انتقالية تستمر حتى نهاية 2020، كما أن الاستفتاء الذي جرى في عام 2016 جاء بنتيجة 52% لصالح الخروج. تخوف مؤيدي البريكست من إلغائه وكانت استبعدت رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، إجراء استفتاء آخر، قائلة إن الحكومة تسعى إلى انفصال سلس عن الاتحاد الأوروبي يحمي الاقتصاد ويضمن لبريطانيا إبرام اتفاقات تجارية مع دول أخرى. إلا أن بعض مؤيدي الخروج من الاتحاد يخشون من أن يكون أسلوب تيريزا ماي، قد أدى إلى تخفيف العديد من مطالبهم ومنها القدرة على الحد من المهاجرين واستعادة السيادة بالخروج من دائرة اختصاص محكمة العدل الأوروبية. وفكرة إجراء تصويت ثان على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لإنهاء الجدل، استبعدها المؤيدون للخروج من الاتحاد وحثوا الحكومة على المضي قدمًا في محادثات الانفصال، فيما يري مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي أن الحاجة لاستفتاء آخر أصبحت أكثر إلحاحًا لأن الرأي العام يظهر بعض الدلائل على التحول عن فكرة الخروج من الاتحاد بعد أن اتضحت صعوبة مفاوضات الخروج. وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "كومريس" لصحيفة "ديلي ميرور" مؤخرا، أنه رغم أن الأغلبية (51% مقابل 43%) ترى أنه لا ينبغي إجراء استفتاء آخر، فإنه في حال إجراء استفتاء آخر سيختار 55% من الناخبين البقاء داخل الاتحاد الأوروبي مقابل 45% يصوتون لصالح الخروج منه. البريكست قد يؤثر على وحدة بريطانيا تتشكل المملكة المتحدة "بريطانيا" من 4 دول هي إنجلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، وأثناء التصويت على الخروج من الاتحاد، وعلى عكس إنجلترا وويلز، صوتت الغالبية العظمى في أسكتلندا وإيرلندا الشمالية لصالح البقاء في الاتحاد، إلا أن بريطانيا ككل صوتت بينتجة 52% لصالح الخروج. وتعارض رئيسة الوزراء الأسكتلندية، نيكولا ستيرجين، بشدة سيناريو الخروج من البريكست الذي سيرغم اسكتلندا على الخروج من السوق الأوروبية المشتركة رغم إرادتها، وقالت إنه غير مقبول ديمقراطيًا للبلاد أن تخرج من الاتحاد خلافا لإرادتها. وتقول ستيرجون، إنه من المرجح للغاية إجراء استفتاء ثانٍ لاستقلال اسكتلندا عن بريطانيا، وتشير استطلاعات رأي حديثة إلى أن قرابة 60 % من الاسكتلنديين يؤيدون الانفصال عن بريطانيا من أجل البقاء في الاتحاد الأوروبي. لكن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، كانت تعهدت بتأمين انسحاب بلادها من الاتحاد الأوروبي بكل أجزائها، وأكدت أن الوقت غير مناسب لإجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا. كما صوتت إيرلندا الشمالية لصالح البقاء، وحذر رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، في حديث لجريدة "تايمز" في وقت سابق، من أن الخروج من البريكست قد يؤدي إلى انفصال إيرلندا الشمالية عن بريطانيا، لأن تداعياته ستدفع بعدد أكبر من سكان الإقليم نحو الوحدة مع جمهورية إيرلندا. وكانت حكومة إيرلندا قد نالت موافقة الزعماء الأوروبيين على قبول تلقائي لإيرلندا موحدة في عضوية الاتحاد الأوروبي، مما يشجعها علي إجراء استفتاء لاستقلال عن بريطانيا مبنيا على اتفاق "بلفاست" الذي وقع عام 1998 والذي يقضي بأن تبقى إيرلندا الشمالية جزءا من بريطانيا طالما أراد شعبها ذلك.