وصل ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى مدريد، أمس الأربعاء، في زيارة رسمية لإسبانيا تستغرق يومين، قادمًا من باريس التي زارها في إطار جولته الخارجية، التي يسعى خلالها الأمير الشاب لتعزيز العلاقات الخارجية للمملكة وبناء شراكات استراتيجية جديدة وتنويع مصادر الاقتصاد في ظل "رؤية 2030" التي يقودها في المملكة. وأوضح الديوان الملكي السعودي في بيان له، أن ابن سلمان سيلتقي خلال زيارته إلى مدريد ملك إسبانيا فيليبي السادس، ورئيس الوزراء، ماريانو راخوي بري، ووزيرة الدفاع ماريا دولوريس، ومن المقرر أن يعقد ولي العهد اجتماعات مع أعضاء في البرلمان الإسباني. كما تشهد الزيارة لقاء عدد من المسؤولين لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، أبرزها توقيع عقد بقيمة 2.5 مليار دولار بين شركة "نافانتيا" والجيش السعودي، تبني الشركة بموجبه خمس سفن حربية لسلاح البحرية السعودي، والذي يأتي ضمن اتفاق واسع للتعاون في مجال التكنولوجيا الحربية يشمل تطوير منظومات للمراقبة والقتال، وصيانة المعدات والمنشآت، وتأسيس معهد تدريبي بعد أن يتلقّى 600 بحار سعودي التدريب في إسباني. وتعد إسبانيا المحطة الخامسة في أحدث جولات ولي العهد، التي بدأها بزيارة مصر والتقى مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبريطانيا والتقى مع رئيسة الوزراء تريزا ماي، والولاياتالمتحدةالأمريكية ولقاء الرئيس دونالد ترامب، قبل التوجه إلى فرنسا والالتقاء بالرئيس إيمانويل ماكرون. وتجمع إسبانيا والسعودية علاقات ثنائية تاريخية؛ بدأت من الملك خوان كارلوس والد الملك الحالي الذي حكم البلاد من 1975 إلى 2014، وكان صديقا للراحل الملك فهد، ويبقى اليوم مقربًا من أخيه الملك سلمان، والذي كان له دور أساسي في إبرام أكبر اتفاق اقتصادي بين البلدين الذي بلغ قيمته 8 مليارات دولار، تبني إسبانيا بموجبه قطار الحرمين السريع الذي يربط مكةالمكرمة بالمدينة المنورة. مطالب بعدم بيع الأسلحة للرياض وناشدت منظمات حقوقية أمس الأربعاء، السلطات الإسبانية عدم الموافقة على صفقة أسلحة يتوقع أن تبرمها الرياض مع مدريد خلال الزيارة التي يجريها ولي العهد السعودي. وقال تحالف منظمات "أسلحة تحت السيطرة" الذي يضم "منظمة العفو الدولية"، و"أوكسفام"، و"غرينبيس" في بيان، إنه يطلب من الديوان الملكي والحكومة الإسبانية بعدم الموافقة على توقيع شركة "نافانتيا" الإسبانية عقدا لبناء خمسة سفن حربية للجيش السعودي، ووضع حد لصادرات الأسلحة إلى المملكة. وأضاف البيان إن هذه المبيعات غير قانونية بموجب القانونين الدولي والإسباني، وتندد بخطر التورط في جرائم ضد القانون الدولي في اليمن، حيث تقود السعودية قوات التحالف في عملية عسكرية منذ عام 2015، وطالب التحالف الحقوقي، السلطات الإسبانية بأن تنضم إلى الدول مثل ألمانيا والسويد والنرويج وبلجيكا التي توقفت عن تصدير السلاح إلى قوات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وتحتل إسبانيا المرتبة السابعة عالميًا في قائمة الدول التي تصدر الأسلحة التقليدية، وشهدت صادراتها من الأسلحة زيادة بنسبة 55% في الآونة الاخيرة، بحسب تقرير صادر عن مجموعة الأبحاث والإعلام حول السلام والأمن.
جرائم الحرب في اليمن قال ولي العهد السعودي، خلال مؤتمر صحفي بقصر الإليزيه مع الرئيس إيمانويل ماكرون، في ختام زيارته لفرنسا ردًا على سؤال من الصحفيين حول ارتكاب السعودية جرائم حرب في اليمن "باستطاعة قوات الشرعية اليمنية وقوات التحالف اجتياح صنعاء بريًا غدًا، وتسوية الصراع في أسبوع واحد، ولكن حقنا لدماء المدنيين لم يتم ذلك". وأضاف ابن سلمان "بخصوص اليمن وجرائم الحرب، أي عمليات عسكرية تحدث في العالم في كل تاريخ، من قبل الولاياتالمتحدة أو فرنسا أو السعودية، وغيرها من العمليات، بلا شك تحدث خلالها أخطاء، والسؤال المهم هل هذا الشيء كان متعمدًا أم لا، هل هذا الشيء كان بقصد أم بغير قصد، هنا تكمن جريمة الحرب"، مشيرا إلى أن السعودية تتعاون دائمًا مع أصدقائها مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا، لتطوير آليات التخطيط للحرب، والاشتباك أثناء المعارك لكي تضمن عدم وقوع ضحايا مدنيين أثناء الحرب. ويري مراقبون أن هناك ضغوطا كثيرة على السعودية لإنهاء حربها في اليمن التي أحدثت كارثة إنسانية، وكبدت المملكة خسائر مادية فادحة، ورغم تصريح ابن سلمان أثناء زيارته لمصر الأخيرة، بأن الحرب أوشكت علي الانتهاء بعدما حققت أهدافها، إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى عكس ذلك، فلم تحقق السعودية أي مكاسب من عدوانها على اليمن سوى دمار الدولة الأفقر.