هددت الصين بفرض رسوم جمركية على أكثر من 100 منتج أمريكي، في أول رد لها على المرسوم الموقع من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يسمح بفرض رسوم جمركية إضافية على المنتجات الصينية وفرض قيود على استثمارات بكين، مؤكدة أنها لا تريد بدء الحرب التجارية مع الولاياتالمتحدة، لكن في حال نشوبها فإنها تستطيع حماية مصالحها. وقالت السفارة الصينية في واشنطن، إن بكين تشعر بخيبة أمل قوية إزاء قرار الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية إضافية على بضائعها، لكنها لن تهرب من حرب تجارية مع الولاياتالمتحدة وستدافع عن مصالحها بشتى الطرق، مضيفة: إذا بادرت الولاياتالمتحدة إلى حرب تجارية، فإن الصين ستقاتل إلى النهاية للدفاع عن مصالحها المشروعة باستخدام كل الإجراءات الضرورية. وعلى إثر القرار الأمريكي، أعلنت وزارة التجارة الصينية عن لائحة تضم 128 منتجًا أمريكيًا يمكن أن تفرض عليها رسومًا جمركية إضافية بين 15% إلى25% بقيمة 3 مليارات دولار، ستطبق في حال فشلت المحادثات مع الولاياتالمتحدة. ونوهت الوزارة إلى أن هذه تعد المجموعة الأولى من الرسوم المحتمل فرضها في حال عدم التوصل إلى اتفاق عبر المفاوضات، داعية واشنطن إلى الرد في أقرب فرصة على المخاوف الصينية لتجنب الإضرار بالعلاقة والتعاون بين البلدين. وثيقة الرسوم الجديدة وكان الرئيس الأمريكي، وقع الخميس الماضي، على وثيقة من شأنها فرض رسوم تجارية بقيمة تصل إلى 60 مليار دولار على الواردات الصينية إلى الولاياتالمتحدة، وتنص الوثيقة على اتخاذ إجراءات عقابية بحق الواردات الصينية، يمكن التعديل عليها، ما يتيح للوبي الصناعي والمشرعين فرصة لتقليص القائمة التي تضم أسماء 1300 نوع من البضائع الصينية ستستهدفها الرسوم المقبلة. واتخذت هذه الإجراءات الجديدة، بناء على البند رقم 301 من قانون التجارة الأمريكية، بحجة سرقة الصين التكنولوجيا والملكية الفكرية الأمريكية، حيث توعد البيت الأبيض بتقديم شكوى على المخالفات الصينية إلى منظمة التجارة العالمية. ومن المقرر أن ينشر مكتب الممثل التجاري الأمريكي، روبرت لايتايزر، بعد إعلان ترامب، قائمة البضائع التي تشملها الرسوم الجديدة، ثم ستبدأ فترة مشاورات تستغرق 60 يوما قبل دخول القرار حيز التنفيذ، كما ذكر مدير المجلس الاقتصادي القومي الأمريكي، إيفرت ايزنستات، أن ترامب، فضلا عن الوثيقة التي تفرض رسوما جديدة، سيوجه المالية الأمريكية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من الاستثمارات الصينية في الولاياتالمتحدة. ترامب يبرر قراره من جانبه، قال ترامب إنه يتخذ تلك الإجراءات من أجل الدولة الأمريكية، وكان يجب اتخاذها منذ وقت طويل، مضيفا: هناك الكثير من الدول لا تقيم العدل التجاري مع الولاياتالمتحدة، ولعل ذلك كان من الأسباب الأساسية لانتخابي كرئيس، وأمريكا الآن لديها نقص في الميزانية يقدر بحوالي 800 مليار دولار، وهذه الإجراءات ستعمل على تخفيض النقص. وأضاف ترامب: أريد استخدام مصطلح التبادل، فإذا كانت الدول تفرض تعاريف جمركية، فنحن سوف نفرض نفس التعاريف وهذا ما سيكون أمرًا واقعًا، الممارسات كانت مختلف سابقًا، وأقول إن الذين كانوا لا يتفقون معنا، سيغيرون من آرائهم ويغيرون تلك الممارسات. ونوه الرئيس الأمريكي إلى أنه بالرغم من توقيع الوثيقة، إلا أن المفاوضات ما زالت جارية، تاركا الأمر أمام الإدارة الصينية للرد على قراره، مؤكدًا أنه ينظر للصين كدولة صديقة وأن المفاوضات الإيجابية ما زالت مستمرة بين واشنطنوبكين. تداعيات القرار وعلى ضوء القرار، سجلت البورصة الأمريكية أكبر هبوط يومي، منذ ستة أسابيعٍ متأثرة بقرار الرئيس دونالد ترامب، بشأن فرض رسوم جمركية إضافية وعقوبات اقتصادية ضد الصين، كما تراجعت البورصات في آسيا، وانخفض الدولار إلى 104.85 ين، واعتبر المستثمرون أن التدوال بالعملة اليابانية يعتبر الملاذ الآمن حاليا، لتكون أول رد فعل من رؤوس الأموال في الحرب التجارية التي ستخسر فيها جميع الأطراف. ويتوقع الخبراء حربًا عظمى على المستوى التجاري، قد تتحول للمستوى العسكري لاحقًا، بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الأولى الولاياتالمتحدةالأمريكية والقوة الثانية تتمثل في الصين، التي على ما يبدو أنها جهزت نفسها جيدًا للحرب الاقتصادية، وأن المواجهة بين البلدين لن تكون سهلة، وستكون كارثية على بعض الدول. واعتبر كبير المفاوضين التجاريين الأمريكيين روبرت إيتزر، القرار بمثابة إطلاق النار على أقدام أمريكا وشلها عن الحركة، وحذر من انتقام الصين، ما يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر في قطاعات مثل الزراعة، فثلث إنتاج أمريكا من فول الصويا يذهب للصين، بقيمة 13 مليار دولار، إلى جانب 25% من طائرات البوينج، تقوم في الأساس على ما تشتريه الصين. يذكر أن إجمالي الميزان التجاري بين البلدين يميل إلى الصين، حيث تصدر إلى أمريكا بقيمة حوالي 490 مليار دولار، وخلقت في الأسواق الأمريكية 911 ألف وظيفة للعمالة الصينية المدربة، ورفعت حجم الودائع بالبنوك الأمريكية إلى 1.2 تريليون دولار، في حين تبلغ صادرات أمريكا للصين حوالي 116 مليار دولار، ما يوضح الخلل الكبير في ميزان التبادل التجاري، والذي يضع الولاياتالمتحدة في مأزق كبير.