تسعى الدولة في الآونة الأخيرة للتوسع في الزراعات المحمية "الصوب" بتخصيص 100 ألف فدان كنواة للمشروع القومي لإنشاء 100 ألف صوبة زراعية حديثة، باعتبارها وسيلة جيدة لاستخدام التقنيات والأنماط الحديثة في الزراعة، من أجل تحقيق مردود اقتصادي عال من خلال زيادة الإنتاج، وتقليل كميات المياه المستخدمة، فضلا عن إنتاج حاصلات عالية الجودة بكميات ونوعيات جيدة في غير موسمها الطبيعي. ورغم أهمية المشروع وجدواه فإنه يواجه عدة مشاكل وتحديات تواجه المنتجين وتحد من قدراتهم، بل وتسبب لهم الفشل والتوقف التام في كثير من الأحيان، كعدم ملاءمة أشكال الصوب لظروف مصر البيئية، وعدم توافر التقاوي المحلية، والإفراط في استخدام المبيدات مما يعيق تصدير الحاصلات المنتجة. ووفقا لتقرير رسمي من وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي فإن معدل الإنتاج لوحدة المساحة في الصوبات الزراعية يماثل 200 إلى 300% مقارنة بنظيره بالزراعات المكشوفة، ويصل معدل الإنتاج للمتر المربع من الصوبة لمحصول الطماطم 15 كجم/م2، والفلفل ألوان 13كجم/م2، والخيار 13,5كجم/م2، والكنتالوب 8-12كجم/م2، والفاصوليا 3كجم/م2، والباميا 1-2كجم/م2، كما أن الزراعة في الصوب تؤدي إلى رفع كفاءة استخدام المياه بدرجة كبيرة، إذ توفر ما بين 60 إلى 70% من المياه المستخدمة بالطرق التقليدية في الزراعات المكشوفة مع خفض كبير في معدلات البخر. الدكتور أسامة البحيري، أستاذ الخضراوات في كلية الزراعة بجامعة عين شمس، أكد أن أشكال الصوب الزراعية أو الزراعة المحمية المتعارف عليها الموجودة في مصر، والتي تأخذ شكل نصف دائرة لا تتناسب مع الظروف المناخية والعوامل الطبيعية السائدة في مصر، وتتم الزراعة بها فترة معينة وبالتحديد من شهر أغسطس إلى شهر مايو، غير أنه من الصعب التحكم في درجة الحرارة داخل هذه الصوب، من حيث التدفئة أو التبريد أو درجات الرطوبة، وأيضاً إهدار ما يقرب من 20 إلى 25% من المساحة الإجمالية للصوبة، وذلك بسبب أن الجوانب مائلة مما يصعب معه زراعة محاصيل طويلة القامة من الخضراوات، مثل بعض أصناف الباذنجان والفلفل، والحل لهذه المشكلة هو الزراعة في الصوب قائمة الجوانب حيث يسهل معها التحكم في ارتفاع المحاصيل بها، وأيضا التقليل من المساحات المهدرة داخل الصوبة، وسهولة التحكم في درجة الحرارة داخل الصوبة، خاصة أن الجو في مصر لم يعد معتدلا، وبذلك يمكن حل مشكلة التفاف الأوراق وتجعدها وخفض حجم الإصابات الفطرية للنباتات، وأيضاً التحكم في حجم الثمار عن طريق درجة الحرارة داخل الصوبة، فمثلا لو ارتفعت نسبة الرطوبه تكثر معها الفطريات والأمراض، ولو قلت درجة الحرارة يقل حجم المحصول وتقل معه نسبة الإنتاجية، وأيضاً التحكم الجيد في الدخول والخروج من الصوبة. وأوضح البحيري، أن من أهم المشكلات التي تواجه زراعة الصوب وزراعة الخضراوات بها، عدم إمكانية إنتاج البذور والاعتماد على البذور المستوردة من الخارج، وذلك لأنه توجد مسميات كثيرة للنوع الواحد من بذور الخضراوات، وكل صنف يختلف فى المواصفات الفنية والإنتاجية، كما تختلف الأسعار أيضاً، فتقوم مافيا البذور باستيراد أصناف بذور أقل في الجودة والمواصفات الفنية والإنتاجية، وتطرحها بالأسواق على أنها ذات جودة عالية، وذلك لعدم دراية المستهلك المصري بهذه الأنواع، لافتا إلى ضرورة مراعاة بعض الأمور الهامة عند زراعة الخضراوات في الصوب، مثل نوع المحصول وموعد زراعته وطريقة تسويقه وإمكانية تصديره، إذ إن التسويق مشكلة كبيرة، ويجب التنسيق الجيد لتفادي هذه المشكلة. وأضاف أن شركة الوادي وهي شركة حكومية تمت تصفيتها، كانت رائدة في مجال التسويق والتصدير منذ فترة، وكان يتم جمع المحصول من المستثمرين أو المزارعين وفرزه وتصديره للأسواق الخارجية جملة واحدة باسم مصر، وبالتالي لابد من العمل على وجود كيان تسويقي لمنتجات الصوب الزراعية، لأنها ذات تكلفة عالية ولابد من التأكد من سلامة جميع الشحنات من أماكنها المختلفة، لضمان جودة المنتج المصري في الخارج، وعدم رفضه مثلما حدث في بعض المحاصيل. فيما حذر الدكتور سميح عبد القادر منصور، أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومى للبحوث، من الخطأ الذي يقع فيه الكثير من مزارعي الصوب؛ وهو الإسراف في استخدام المبيدات لمقاومة الآفات والحشرات والفطريات، التي تنتشر بشدة في زراعات الصوب التي توفر لها البيئة المناسبة، ويشدد على ضرورة تطبيق نظام الGAP، أي الممارسات الزراعية الجيدة، بدءا من نظافة التربة، وعدم الإسراف في استخدام المبيدات والأسمدة، ورش المبيدات في مواعيد محددة، لإنتاج ثمار نظيفة، والالتزام بفترات الأمان، وهي الفترة الواجب انقضاؤها بعد آخر رشة للمبيد وحتى جمع الثمار وبيعها، وتلك الفترة محددة، وفقاً للجرعة ونوع المبيد، مع ضرورة وقف الرش بالمبيدات عند بداية التزهير، ولتلافي أي مشكلات في الصوب، ينبغي الاستعانة بالخبراء والمتخصصين، لتزويد المزارعين بتفاصيل حول أنواع المبيدات الموصى باستخدامها من قبل لجنة مبيدات الآفات الزراعية، والتي يزول تأثيرها بعد يوميْن أو 3 من رشها، والجرعات الآمنة، ودرجات الخطورة لبعض أنواع المبيدات، مشيراً إلى أن بعض البيانات تتحدث عن رش بعض الزراعات 30 مرة بمعدل يوم ويوم، وهو أمر خطير، لأن الإسراف فى استخدام المبيدات ينتج ثماراً أكثر تلوثاً، في حين يمكن تلافي ذلك من خلال استخدام مبيدات آمنة، بجرعات وتوقيتات محددة، للوقاية وللعلاج، وكذلك رش المبيد عند اللزوم، وعند مستوى إصابة يستدعي الرش والتنظيف الدائم.