رغم تحريم مادة «الإسبستوس»، دوليًا، وامتناع دول العالم عن إنتاجها، وتوقف الشركة المنتجة لها في مصر «سيجوار»، إلا أنها ضمن العناصر الداخلة في صناعة مواسير شبكة مياه الشرب القديمة التي تغطي معظم القرى، ولطالما تعهدت شركات المياه بإحلال وتغيير الشبكة عن طريق مد مواسير بلاستيكية آمنة، لكن الإجراء لا يزال قيد التنفيذ. شبكة مياه الشرب والصرف الصحي في معظم قرى مصر قديمة ومتهالكة، تعمل منذ ستينيات القرن الماضي، وهو ما أقره رئيس شركة مياه الشرب بالمنيا، الدكتور إبراهيم خالد، على خلفية ما تعانيه قرى المحافظة من مشكلات جراء عدم تغطية معظمها بشبكات الصرف الجديدة، موضحًا أن 16 قرية فقط تغطيها الشبكة الجديدة، من إجمالي 350 قرية بالمحافظة. تصريحات الدكتور إبراهيم خالد حول شبكات مياه المنيا، توضح أن المحافظة نموذجًا لغيرها من المحافظات الأخرى، إذ جاءت تصريحاته لتؤكد أن 334 قرية تمثل نسبة 95% من إجمالي قرى المحافظة التي تعتمد على المواسير القديمة والتي يدخل «الإسبستوس» في صناعتها. وأضاف خالد ل«البديل»، أنه عند إدخال الشبكة الجديدة بالقرى، يتم استبدال المواسير المعدنية القديمة بأخرى بلاستيكية، نافيًا أن تكون مواسير المياه والصرف سببًا للإصابة بأي أمراض، سوى الغبار وناتج البودرة المتطاير وقت تصنيع أو إصلاح المواسير، ويؤثر فقط على العامل لا المواطن. وقال مسؤول بالشركة، فضل عدم ذكر اسمه، إنه عندما يحدث كسر بأي ماسورة مياه تتطاير البودرة التي تحمل مادة الإسبستوس، وبالتالي تستمر عملية ضخ المياه من خلال الماسورة الماسورة لفترة معينة لتصل في النهاية إلى منازل الأهالي، فكما تتطاير البودرة عند الصيانة، تتطاير عند حدوث الكسر، موضحًا أن تصريحات رئيس الشركة ناقصة، يحاول من خلالها تقزيم حجم الكارثة. وفي واقعة كسر ماسورة مياه بإحدى قرى المنيا، لاحظ الأهالي والعمال أن المواسير معدنية، وقال العمال وقتها، إن المواسير تعمل منذ 60 عامًا ويعلمون مدى خطورتها لاحتوائها على مادة مسرطنة، وبالتالي يتلاشون إصلاحها إلى حد كبير، الأمر الذي دفع الأهالي لتقديم شكاوي لعدة جهات. وكشف تقرير لمديرية صحة المنيا، عدم مطابقة مئات من عينات مياه الشرب، لمواصفات السلامة؛ نتيجة زيادة نسب الحديد والمنجنيز، ووجود رواسب صفراء وعكارة زائدة عن المعدلات الطبيعية، كما كشف تقرير آخر لمديريتي الصحة والبيئة بالمحافظة نفسها، اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الناجم عن مصرف المحيط، والذي يصب في «نيل» المنيا وأبو قرقاص وملوي وديرمواس. والأدهى أنه وبفحص عينات مياه الشرب بعمليات منشأة الدهب القبلية بمركز المنيا ومياه الجوف بوسط مدينة ومركز أبو قرقاص، تلاحظ عدم مطابقتها للفحص البكتريويوجي؛ نتيجة ارتفاع بكتيري عند 37م، وعكارة ورواسب صفراء بصورة غير طبيعية. وحول خطورة مواسير المياه، قال رئيس مركز البحوث بجامعة المنصورة، الدكتور مجدي ريان، إن مادة الإسبستوس تمثل خطرًا على الصحة العامة، لكونها مسبب رئيس لأمراض السرطان على المدى البعيد، وأن جميع المسؤولين لا يمكنهم الادعاء بغير ذلك، وقالت رئيس الجمعية المصرية لأورام الجهاز التنفسي، الدكتورة رباب جعفر، أن التعرض للإسبستوس يصيب بسرطان الغشاء البلوري، أخطر الأورام السرطانية ويظهر هذا المرض بعد مدة طويلة من التعرض للمادة المسرطنة. وإضافة إلى الأمراض السرطانية، يسبب التعرض ل«الإسبستوس» الفشل الكلوي، والالتهاب الكبدي الوبائي، والالتهاب والتليف الرئوي، سواء عن طريق مواسير المياه، أو استنشاق المادة الضارة، الموجودة في مواد البناء، وفي البورسلين والسيراميك، وبطانيات إطفاء الحرائق، ومواد الحشو البلاستيكية، والعبوات الطبية، وبطانات مكابح السيارات، بحسب دراسات وأبحاث مصرية وعالمية. وكشفت دراسات أجراها المركز القومي للبحوث، أن تلوث المياه يصيب 50 ألف حالة بالتسمم سنويًا، ومائة ألف بالفشل الكلوي، وهناك 150 شخصا بين كل 100 ألف نسمة معرضون للإصابة بالسرطان. مجلس الوزراء رغم استصداره قرارًا بمنع تداول واستيراد وتصدير «الإسبستوس» ومنتجاته، إلا أنه لم يتخذ قرارًا بإحلال وتجديد شبكات المياه، التي تتطلب ملياري جنيه، لكونها تمتد إلى 146 ألف كيلو مترًا، بحسب الرئيس السابق للقابضة للمياه، محي الصيرفي، وبحسب خطة الشركة، فإن هناك خطة الإحلال تنته في عام 2037.