تطوي تونس اليوم صفحة قبول الترشيحات للانتخابات البلدية، قبل أقل من ثلاثة أشهر على الاقتراع، الذي تأجل تاريخه أكثر من مرة، حيث اعتبرت لجنة الانتخابات أنها تجاوزت أصعب اختبار لها. تأجل موعد الانتخابات البلدية في تونس أكثر من مرة، حيث كانت من المقرر أن تجري في 17 ديسمبر من العام الماضي، ثم أرجئت إلى 25 مارس 2018، لتستقر في النهاية في 6 مايو 2018. ومن أهم أسباب التأجيل أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية مرت في فترة ما بشغور في عضوية تركيبة الهيئة، ولكن مجلس نواب الشعب تمكن في نهاية المطاف من انتخاب 3 أعضاء بدلاً ممن استقالوا، وتم انتخاب رئيس جديد للهيئة العليا، وبالتالي استكملت تركيبة الهيئة. وأول أمس أُغلقت، في جميع ولايات تونس، أبواب الترشح في الانتخابات البلدية، بعد أن انطلقت عملية قبولها يوم 15 فبراير الجاري، واستمرت على مدار 8 أيام. وحددت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يوم 29 مارس المقبل آخر موعد لسحب الترشحات، على أن يتم الإعلان النهائي عن القوائم النهائية للمرشحين في 6 إبريل المقبل، لتنطلق بعد ذلك في 14 إبريل الحملة الانتخابية، التي ستتواصل حتى 4 مايو. ومن المقرر أن يبدأ التصويت في الانتخابات البلدية في 29 إبريل 2018، وذلك بالنسبة للأمنيين والعسكريين، على أن يتوجه المدنيون إلى صناديق الاقتراع في 6 مايو المقبل، والذي يسبقه يوم الصمت الانتخابي المقرر في 5 مايو، وسيتم الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات بين يومي الاثنين 7 مايو و9 مايو، كحد أقصى. وكان عدد طلبات الترشح قد بلغ حتى ظهر الخميس 1741 طلبًا، و948 قائمة حزبية، و104 قوائم ائتلافية، و689 قائمة مستقلة، بحسب البيانات التي أعلنتها هيئة الانتخابات. ويرى مراقبون أن هناك خطورة من عدد القوائم الانتخابية الكثيرة في تونس، الأمر الذي قد يعزز من مخاوف عزوف الناخب التونسي عن الانتخابات، بسبب التشتت بين القوائم الانتخابية الكثيرة، الأمر الذي سيصب في صالح الأحزاب الكبيرة. وأشار آخر استطلاع للرأي حول الانتخابات التونسية إلى أن نسبة 33.2% لن تشارك في هذه الانتخابات، و37.4% لا تعرف إن كانت ستصوت أم لا، و10% امتنعت أصلًا عن المشاركة في هذا الاستطلاع. ويعيب بعض المراقبين التونسيين على نتائج الاستطلاع هذه أنها كانت قبل تحديد موعد دقيق للانتخابات، الأمر الذي قد يدفعهم للتهاون تجاه مثل هذه الاستطلاعات. وبالنسبة لأهم الأحزاب التونسية، فإن حزبي نداء تونس والنهضة يتصدران قائمة المرشحين في عموم تونس، وذلك وفقًا اللجنة العليا للانتخابات. وأعلنت حركة "نداء تونس" أنها أنهت إيداع قوائمها الانتخابية في كل الدوائر الانتخابية المعروضة للمنافسة في الانتخابات البلدية على كامل تراب الجمهورية. وفيما يخص حركة "النهضة"، فقد رشّحت ضمن قوائمها للانتخابات البلدية بمدينة المنستير ممثلًا يهوديًّا. وصرح مرشح الحركة اليهودي، سيمون سلامة (55 عامًا)، لوسائل إعلامية محلية أنّه مقتنع بمدنية الحركة، وفصلها للنشاط السياسي عن النشاط الدعوي، فيما قال متحدث باسم الحركة في تونس، الثلاثاء الماضي، إنّ "تقديم الحزب لمرشح يهودي في انتخابات البلدية هو تأكيد على سياسة الانفتاح"! وأثار هذا الموضوع جدلاً كبيرًا في الشارع التونسي، بعد أن اتهم البعض الحزب ب"الانتهازية" السياسية، وأنّه يخالف عقائده من أجل مكاسب سياسية، خاصة أن عدد اليهود في تونس لا يزيد على ألف شخص، بحسب إحصائيات رسمية، يقطن معظمهم في جزيرة جربة، جنوبي تونس. وحول هذة النقطة قال الناطق باسم حركة النهضة، عماد الخميري "لا نرى أي إشكال، حركة النهضة حزب تونسي وطني، وهو منفتح على المستقلين". الجديد في الانتخابات البلدية في تونس هذه المرة، أنها تعد الأولى بعد الإطاحة بالرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، فالانتخابات السابقة كانت في عهد بن علي عام 2009، كما أن الانتخابات المقبلة ستشكل منعطفًا هامًّا، إذ يعكف البرلمان على مشروع قانون يوسع صلاحيات البلديات، ويمنحها مزيدًا من الاستقلالية في آلية اتخاذ القرار، كما ستشهد الانتخابات البلدية في تونس لأول مرة مشاركة رجال الأمن والجيش في الاقتراع. الجديد أيضًا هو ضرورة تشكيل القوائم الانتخابية المتنافسة على مبدأ التناصف بين الجنسين بموجب تشريع برلماني. ويرى بعض السياسيين أهمية هذه الانتخابات، في أنها قد تعطي مؤشرًا على توجه الناخب التونسي في الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة بعد عام.