رغم نجاح الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزير الثقافة، في أول اختباراتها بعد تولي حقيبة الوزارة، بوضع حل نهائى لعقبات إعادة افتتاح المسرح القومي، الذي توقف عمله لثلاثة أشهر متواصلة، إلا أنه لا يزال على مائدة الوزيرة الكثير من الأزمات التي تحتاج إلى حل سريع، أبرزها إعادة النظر في بعض قطاعات وزارة الثقافة وآلية عملها. وتعتبر الهيئة العامة لقصور الثقافة أهم المشروعات التي تضع عليها الدولة آمالها، في نشر الثقافة بين المصريين، إلا أنها منذ فترة طويلة، تعاني خللاً كبيرًا في تأدية مهمتها؛ لعدة أسباب، أبرزها الإهمال وتحول المواقع الثقافية إلى "عشش وخرابات"، أما المواقع الثقافية المؤهلة لإقامة الأنشطة الثقافية والفنية، فتدار بعقلية موظفين. محافظة الإسكندرية العاصمة المصرية الثانية تعاني فيها المسارح التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة من تلف وإهمال المسارح، فقصر ثقافة سيدي جابر "قصر التذوق" مغلق للصيانة، أما قصر مصطفى كامل فمعطل، ومسرح برج العرب مغلق للصيانة، وبذلك تجد أن أذرع الوزارة في أحد أهم المحافظات المصرية معطلة بشكل ينم عن إهمال كبير. ومحافظة مثل البحيرة التي يزيد عدد سكانها على 5 ملايين نسمة، ويصل عدد مراكزها إلى 16 مركزًا إداريًّا، تمتلك خمسة قصور ثقافية فقط، بالرغم من امتلاكها مركز للإبداع ودارًا للأوبرا وإحدى أهم المكتبات العامة بدمنهور، إلا أن باقي مراكز المحافظة تعاني فقرًا شديدًا في الإمكانيات والأبنية، مما يعني غياب أنشطة حقيقية، ويكتفي مسؤولو بيوت الثقافة بالعمل الوظيفي بعدما هجرها المبدعون والشباب المهتم إلى ساحات أخرى. وفي صعيد مصر، تعاني قصور ثقافة محافظة سوهاج من حالة مزرية جدًّا، فقصر ثقافة البلينا بجنوب المحافظة يعاني من تدني مستوى النظافة حوله، حيث تحاصره حمير وبغال الباعة الجائلين بصورة تشوه المكان، الأمر الذي نتج عنه عزوف الشباب والفتيات عن دخوله بسبب الروائح الكريهة الناتجة عن مخلفات الحيوانات، وهذا مثال واحد فقط في محافظة من محافظات الصعيد. المثقفون أرجعوا سبب تدني حالة القصور الثقافية إلى الفساد المستشري في جنبات هذه القصور، مشيرين إلى أن ميزانيات هذه القصور تصرف على لا شيء، مطالبين مسؤولي الوزارة بضرورة القيام بجولات ميدانية على أرض الواقع؛ لرصد الحالة التي آلت إليها هذه القصور، فيما أرجع البعض الآخر سبب فشل هذه القصور إلى العامل الإداري بشكل كبير، وما نتج عنه من تراجع دور هذه القصور، إضافة إلى نظام "الشللية" المسيطر على هذه القصور، فمن يمتلك شلة بداخلها تفتح أمامه جميع الأبواب المغلقة. واقترح بعضهم على الدولة أن تقوم باختيار عدة قصور ثقافة في محافظات مختلفة، وتنفذ لها عملية تطوير شاملة، وبعدها يتم إخضاعها للرقابة؛ لمتابعة ما يتم تنفيذه من أنشطة بها، فإذا نجحت التجربة، تطبق على 5 قصور أخرى، وهكذا حتى يتم تطويرها جميعًا مع مراقبة مستمرة من الحكومة.