محافظ جنوب سيناء يضع إكليلًا على النصب التذكاري في عيد نصر أكتوبر ال 51    مطار الملك سلمان الدولي يشارك في معرض ومؤتمر روتس وورلد 2024 في مملكة البحرين    إيران أعدّت ردّها في حال تعرّضت لهجوم من إسرائيل    الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا بشكل كلي في غزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام    كين أساسيا في تشكيل بايرن ميونخ لمواجهة فرانكفورت بالدوري الألماني    جروح سطحية بالرقبة والصدر.. تفاصيل تعدي طالب على آخر أمام مدرسة في الطالبية    طارق إمام: القارئ العنصر الأرقى في صناعة الكتاب وترويجه    انخفاض ملحوظ في أسعار الخضراوات والفاكهة.. والشعبة تكشف الأسباب    تفاصيل إطلاق دليل الحلول والممارسات الناجحة للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة    هبوط مفاجيء في سعر الذهب في تعاملات اليوم .. هل تأثر بحركة الدولار ؟    أكاديمية البحث العلمي تعلن إنتاج أصناف جديدة من بعض الخضراوات    خبير استراتيجي: الحق لا يرجع بالتفاوض فقط.. يجب وجود القوة    أحد أبطال حرب أكتوبر: القوات المسلحة انتهجت أسلوبا علميا في الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة    حزب الله يشن هجومًا بالمسيرات على قاعدة إسرائيلية جنوب حيفا    برايتون ضد توتنهام.. السبيرز بالقوة الضاربة فى الدورى الإنجليزى    إيران: نعمل على الاستعداد لجميع السيناريوهات بشأن الهجوم الإسرائيلي    سوريا:غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات تحمل مواد طبية وإغاثية    محمد الرميحي: انتصار أكتوبر تحقق نتيجة التخطيط الحكيم من القيادة السياسية والعسكرية    ذكرى نصر أكتوبر| نجوم الرياضة.. أبطال على الجبهة    جلسة تصوير للتونسى محمد علي بن حمودة أحدث صفقات غزل المحلة.. صور    لخدمة أهالي دسوق.. إنشاء مصنع المخلفات الصلبة بتكلفة 15 مليون جنيه    إصابة سيدة وابنتها في انهيار حائط منزل ببني سويف    بسبب ركنة.. راقصة تستعين ببلطجية لتحطيم سيارات بالمقطم    مطعم صبحي كابر .. لغز غلقه يحير المواطنين وتساؤلات عن مالكه الجديد    مياه أسيوط تنفي الشائعات المتداولة عن قطع المياه بالمحافظة    برفقة زوجها.. ريم سامي في أحدث ظهور والجمهور يغازلها    محمد ثروت: حرب أكتوبر نقطة فاصلة وتحول فى حياتنا كلنا كمصريين وأمة عربية    وائل جسار: "بنسمع الضرب بشكل مخيف في لبنان وعايشين برعب"    تذكار الميلاد الخامس والثمانين للأنبا رويس الأسقف العام    يا حظ من يتزوجهم.. تعرف على أكثر 5 أبراج رومانسية    وسط حضور جماهيري كبير.. المركز القومي لثقافة الطفل يحتفل بذكرى انتصارات أكتوبر    ضمن مبادرة «بداية».. مناقشات أدبية وورش للموهوبين في الرسم بطنطا    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك في حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    عمار حمدي: كنت أتمنى العودة ل الأهلي.. وأحب جماهير الزمالك    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الاثنين 7 أكتوبر 2024    ورش عمل في «الشعب الجمهوري» لتدريب وتأهيل 1000 كادر للمحليات    الحوار الوطني يُحيي ذكرى أبطال حرب أكتوبر المجيدة     أمل رفعت تكتب: النوستالجيا والمكان في رواية شيء من بعيد ناداني للروائي أحمد طايل    القاهرة الإخبارية: الطواقم الإغاثية تمكنت من انتشال أكثر من 30 شهيدا من غزة    استشاري تغذية: الأسس الغذائية للاعبي كرة القدم مفتاح الأداء الرياضي    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    وزير الرياضة: إجراءات انتخابات الاتحادات الرياضية بدأت.. وهذا موقف قانون الرياضة    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    اتحاد الكرة يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ويهنئ الرئيس السيسي    قائمة أفضل بداية لمدربي برشلونة في القرن ال 21.. فليك رابعًا    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    "مزمار الشيطان في بيت رسول الله".. رمضان عبد المعز يوضح: ماذا رد النبي يوم النصر؟    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    جيسوس مدرب الهلال يشيد بجماهير الأهلي بعد كلاسيكو الدوري السعودي    متصلة: خطيبي بيغير من الشحات في الشارع؟.. وأمين الفتوى يرد    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الاقتصادي في السعودية.. أمراء ريتز كارلتون نموذجاً
نشر في البديل يوم 05 - 02 - 2018

يعود فندق "ريتز كارلتون" الرياض إلى العمل بشكل اعتيادي بداية الأسبوع القادم، وذلك بعد 3 أشهر من تحويله لسجن مؤقت لعشرات الأمراء ومسئولين ورجال أعمال سعوديين مطلع نوفمبر الماضي، أبرزهم الوليد بن طلال ومتعب بن عبدالله ووليد الإبراهيم وسعود الدويش وإبراهيم العساف، والذي جرى إطلاق سراحهم على مدار الأيام الماضية بعد تسوية مالية أولية قدرتها جهات قضائية سعودية بما يتجاوز 100 مليار دولار أميركي.
وفي وقت سابق مطلع الأسبوع الماضي، صرحت هذه الجهات الرسمية السعودية أن هناك أكثر من 350 من "الشخصيات المرموقة" سيتم استدعائهم للتحقيق وكشهود فيما يخص الاتهامات الرسمية الموجهة لأكثر من 180 أمير ومسئول سعودي تورطوا في قضايا فساد مالي على مدار العقود الماضية في المملكة. وبحسب نفس المصادر أن هناك 96 شخص مازالوا قيد الاعتقال، فيما تم الافراج عن 90 منهم بعد موافقتهم على تسوية مماثلة لتسوية محتجزي ريتز كارلتون.
وفيما تتعامل الرياض بمختلف مؤسساتها أن هذه الحملة التي شملت مئات من المسئولين والأمراء البارزين تأتي ضمن توجيهات الملك سلمان لمحاربة الفساد، فإن المقابل لهذه الرواية هو أن هذه الحملة تأتي ضمن مسلسل الصراع داخل المملكة وخاصة داخل العائلة المالكة، وفي إطار حسم العرش لصالح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي فيما بدا خلال الشهور القليلة الماضية يسعى، حسب مراقبين، إلى تقليص فرص ونفوذ العائلة المالكة السعودية إلى الحدود الدنيا، وحصر القوة والسلطة في الدائرة الأضيق من العائلة التي يبلغ تعداد المنتسبين إليها أكثر من 10 ألاف فرد، وتفادياً لأي قلاقل مستقبلية خاصة بمآلات انتقال الحكم إلى الجيل الثاني من آل سعود، وتحديداً في نسل سلمان بن عبد العزيز ونجله، أي حصر الحكم في فرع وحيد وبشكل حصري مستقبلاً كبديل لعرف انتقال الحكم من الأخ إلى أخيه –بين أبناء عبد العزيز- إلى انتقاله من الأب إلى أبنه بشكل وراثي يؤدي إلى تقليص نفوذ وثروة ما تبقى من أفرع العائلة وأمرائها البارزين أياً ما كان موقعهم من الصراع على العرش، الذي حسمه بن سلمان العام الماضي، حينما تم إعفاء ولي العهد السابق والمنافس الأبرز لبن سلمان، الأمير محمد بن نايف.
وبخلاف الادعاءات الرسمية أن توقيف الأمراء والمسئولين ورجال الأعمال تصدياً لفساد مالي، فإن البعض يعتقد أن ما جرى تم في إطار خطوة استباقية من جانب بن سلمان لإجهاض أي تحرك مستقبلي ضده وضد سياساته الداخلية والخارجية، وخاصة بعد انتقال الحكم له، أي إجهاض أي تكتل لمعارضيه داخل الأسرة الحاكمة وخارجها، وهو ما يستمر حتى الأن بعد انتهاء أزمة الريتز كارلتون، التي فقط انتهت بشكل إعلامي، ولكن بقى الباب مفتوحاً بالملاحقات القانونية لعشرات من الأمراء والمسئولين لازالوا قيد الاعتقال والتحقيق، بالإضافة إلى ملاحقة تأديبية من نوع خاص ضد أمراء آخرين احتجوا على احتجاز أمراء الريتز كارلتون، وأخرهم 11 أمير تم ايداعهم سجن الحائل سيء الصيت في السعودية.
هذه الحادثة التي قد لا تتساوى من حيث الأسماء والمواقع التي شغلها أمراء "الريتز كارلتون"، تشي بأن التوترات داخل آل سعود تجاوزت مسألة حسم العرش لصالح بن سلمان، وانتقلت إلى محاولة ضمان بقاء الحكم في سلالة ولي العهد دون عن باقي العائلة، أي تقليص دائرة "العائلة المالكة وقصرها على نسل أخر ابن من بين أبناء الملك المؤسس، عبد العزيز بن سعود، وإقصاء باقي الأمراء من جيل الأحفاد بعيداً ليس فقط عن السياسة والحكم، ولكن من الحصانة القانونية والاجتماعية، وكذلك الامتيازات المادية التي تصاحب لقب "آل سعود" المتذيل لأسم أي من منتسبيها، وهو الأمر الذي يجعل الصراع داخل العائلة ليس مجرد صراع على الحكم بين الأمراء البارزين من جيل الأحفاد مثلما كان في السنوات الأخيرة، ولكن ينقله إلى مستوى أخطر مفاده إعادة هيكلة العائلة المالكة السعودية إلى سليمانية!
في هذا السياق، تشير صحيفة "لوموند" الفرنسية في عددها الصادر أول أمس، أن ما حدث في السعودية لم ينتهي بالإفراج عن أبرز الأمراء مثل الوليد بن طلال، ولكن الأمر يبدو أنه مستمر كآداة ترهيب تجمع بين الملاحقات بداعي الفساد، والتي تلقى تأييد من أطياف واسعة من السعوديين، وبين ما أسمته الصحيفة ب"إجراءات انقلابية" بررتها بأن ما يحدث في المملكة في الشهور الأخيرة أبعد ما يكون عن التحقيق في قضايا فساد، سواء في طريقة الاحتجاز وآلياتها، أو في مآلات التسويات المالية التي لم تخضع لأي إطار قانوني واضح، مما يجعلها في رأي الصحيفة الفرنسية مجرد حلقة من حلقات الانقلاب "السليماني" على باقي العائلة السعودية.
ومن ناحية أخرى فإن استخدام بن سلمان للترغيب والترهيب تجاه أبناء عمومته ليصل إلى ولاية العهد بانقلابات متتالية بدأت منذ وفاة الملك عبدالله وحتى حادثة الريتز كارلتون لم تضمن له انسجام على مستوى الأسرة للقبول بالأمر الواقع، خاصة مع تشويه صورة الأمراء المحتجزين على أنهم فاسدين وضد التحديث وضد مصلحة المواطن السعودي، وإمعاناً في إذلال بعضهم مثل إيداع ال11 أمير سجن الحائر سيء الصيت، مما يعني رسالة ضمنية من بن سلمان إلى باقي أمراء الأسرة السعودية بأن أي اعتراض على ما يقوم به لن يتوقف عند المنع من السفر أو الاعتقال المنزلي أو حتى الاعتقال في الريتزكارلتون، ولكن قد يصل بهم الحال إلى سجن الحائر وربما ما هو أكثر.
من جهته، يرى الباحث المتخصص في الشأن السعودي ومدير برنامج سياسات الخليج بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، سايمون هندرسون، في مقال له بصحيفة "ذي هيل" الأميركية أن السعودية لم تتوقف عن إدهاش العالم بعشوائية ولامنطقية الاجراءات الأخيرة سواء في ادعاءات احتجاز الأمراء –مثل الوليد بن طلال- وكذلك الإفراج عنهم، بلا أي إطار قانوني به الحد الأدنى من المعقولية والموضوعية والشفافية، وسواد حالة من العرفية في تسوية هكذا موقف، يراه البعض أبعد من صراع سياسي على الحكم، وأقرب إلى استحواذ بحكم "الحق الملكي" على ثروات وأملاك هؤلاء الأمراء، ويضيف هندرسون أن هناك ما يشي بأن حالة الوليد بن طلال على وجه الخصوص تكتنفها حيثيات اقتصادية أكثر من كونها سياسية، حيث عدم طموح الأمير الملياردير إلى الحكم بأي شكل، نظراً لعدم توفر بديهية نقاء نسبه إلى العائلة –والدته لبنانية الجنسية- مثل ولي العهد السابق مقرن بن عبد العزيز، والذي أطيح به من منصبه بعد شهور قليلة من تعيينه الذي كان بمثابة مرحلة انتقالية بين جيل الابناء والأحفاد فيما يخص منصب ولاية العهد. ولهذا يرى الباحث أن حالة الوليد بن طلال تمثل نموذج للتحول الاقتصادي الذي تمر به المملكة، والذي بشكل مجرد على الرغم من أرقامه الفلكية لا يخرج عن تكثيف ثروة آل سعود وباقي الأسر البارزة في مجال الأعمال ومنتسبيها في يد شخص الملك القادم، محمد بن سلمان.
وبشكل عام، فإن حسم بن سلمان المطلق لكافة العوائق الراهنة والمستقبلية لا ينم عن قوة مؤسسية في الحقبة الجديدة لحكمه شبه المحسوم، ولكن تعني ضعف البنية المؤسساتية في المملكة كحامل لما يفترض أنه "إصلاح اقتصادي" يشكل شعار بن سلمان الأبرز، والذي يتعامل مع مئات المليارات من الدولارات على نمط القرون الوسطي، وكأنه مُلك خاص به، بعيداً حتى عن الإطار التقليدي الجامع بين العائلة المالكة وبين طبقة رجال الأعمال والأسر والقبائل البارزة في السعودية. والذي بشكل متسارع كُشف عن مدى هشاشة هذا الإطار بمؤسساته المختلفة، والتي كشفت في النهاية أنها هياكل تنظيمية بدائية لتوزيع عائدات ريعية حسب ولاءات شخصية وقبلية، وليست دولة مؤسسات حديثة كما يجري الترويج والدعاية لها مؤخراً.
وبمعزل عن هزلية مناقشة الإصلاح السياسي في المملكة والاكتفاء بإلقاء نظرة قريبة على ما أسموه هناك ب"الإصلاح الاقتصادي"، فإن أحداث الشهور الأخيرة في السعودية تكشف أنها تمر بمرحلة شديدة الفردية على نمط ممالك العصور الوسطى، الملك فيها يملك كل شيء وأي شيء في كافة المجالات والقطاعات كصوت واحد متفرد بكافة القرارات المصيرية لحاضر ومستقبل مملكة آل سعود، التي بات من اللائق تغيير أسمها إلى المملكة السليمانية التي يؤسسها محمد بن سلمان في السنوات الثلاث الماضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.