بعد غياب أكثر من عام، عاد استيراد السلع غير الأساسية مرة أخرى بعد قرار البنك المركزي المصري، بإلغاء الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي، للأشخاص الاعتبارية والشركات العاملة في استيراد السلع غير الأساسية، الذي تم إصداره قبل 5 سنوات. وفي الكتاب الدوري المؤرخ في 3 نوفمبر 2016 الماضي، صدر قرار باستمرار قيود السحب والإيداع للشركات العاملة في استيراد السلع والمنتجات غير الأساسية بواقع 10 آلاف دولار في اليوم، وبحد أقصى 50 ألف دولار خلال الشهر، و30 ألف دولار للسحب. الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي على الشركات في استيراد السلع غير الأساسية، فرضها البنك المركزي منذ 5 سنوات من أجل توفير الدولار، واستمرار القيود على السحب والإيداع للشركات عقب تحرير سعر الصرف العام الماضي، كان للقضاء على السوق السوداء التي انتشرت بشكل كبير في الفترة السابقة للقرار؛ حيث وصل الدولار في هذه الفترة إلى 18 جنيها، في حين يتداول في البنوك بسعر 8.8 جنيه. عودة استيراد السلع غير الأساسية يطرح العديد من الأسئلة، أبرزها ماذا سيحدث في سعر الدولار الفترة المقبلة؟ خاصة بعد ترحيب الاتحاد العام للغرف التجارية بقرار البنك المركزي المتعلق بإلغاء حدود السحب والإيداع بالعملة الأجنبية على استيراد السلع غير الأساسية، التي طالبت به منذ فترة طويلة خاصة بعد الاستقرار في الاحتياطي النقدي ووجود فائض من العملة الأجنبية بالبنوك وصل إلى 57 مليار دولار منذ التعويم وحتى الشهر الجاري. الاتحاد العام للغرف التجارية، أوضح أن وقف استيراد السلع غير الأساسية عمل على انتقال المستهلك القادر إلى سلع بديلة أرخص، ما أدى لرفع أسعار تلك السلع التي يستعملها جميع المواطنين، واتفق مع الاتحاد أيضا، الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، التي أشادت بالقرار خاصة مع استخدام البنك المركزي سياسة تتسم بالمرونة، ولذلك جاء وقت تنشيط حركة البيع والشراء بالسوق الذي يعاني من الركود. وأرجعت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية قرار البنك المركزي بإلغاء القيود إلى تحسن السيولة الدولارية في البنوك المصرية بعد عام من تحرير سعر الصرف، خاصة مع ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وتدفق استثمارات الأجانب بقيمة 18 مليار دولار في أدوات الدين المحلية. الهدف من فرض الحدود القصوى للإيداع كان للحد من التعاملات داخل السوق الموازية ومنع المستوردين من الحصول على الدولار من خلالها، وهو ما نجح فيه البنك المركزي بالقضاء على السوق السوداء للدولار. على الجانب الآخر، قال الدكتور زهدي الشامي، الخبير الاقتصادي، إن قرار البنك المركزي بإلغاء الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي في استيراد السلع غير الأساسية، يعكس حقيقة نفوذ الشركات الكبرى العاملة في مجال الاستيراد، ويوضح تناقض السياسات النقدية للحكومة، واستنادا إلى افتراضات غير سليمة. وأضاف الشامي ل«البديل»، أن إلغاء القيود السابقة، التي فرضت بشكل اضطراري بزعم أن هناك ثقة في الاقتصاد وتوفر للعملات الأجنبية، وتغض الطرف عن كون الاحتياطات الأجنبية المتوفرة تكونت في جانب كبير منها عن طريق الاقتراض الخارجي المتزايد الذي يضاعف رصيد الديون الخارجية، أمر غير مقبول، ولابد من مناقشة القرار من جميع الجوانب. وأوضح الخبير الاقتصادي: "من ناحية أخرى، يأتي القرار الجديد في توقيت بدأ فيه سعر صرف الدولار يتجه إلى الارتفاع، ومع تسهيل استيراد السلع غير الأساسية والتوسع فيها، سيرتفع مرة أخرى عجز الميزان التجاري الذي انخفض بشكل كبير نتيجة قلة الواردات، كما يتجه سعر صرف الدولار لمزيد من الارتفاع، حيث تشير تقديرات حديثة لوكالات ائتمانية لوصوله هذا العام إلى 19.5 جنيه، مع مزيد من الارتفاع مستقبلا، ما سيعزز الضغوط على الموازنة، ويحمل المواطنين المزيد من الأعباء".