إنها واحدة فقط من مفارقات الاتحاد الإفريقي، أو ربما اثنتان من أهم الصكوك الأخيرة، والتي نظريًّا تزيد من القوى القضائية والتشريعية للقارة، ويشار إليها بالعامية باسم "بروتوكول مالابو"، وذلك لأن كليهما تم توقيعه في عاصمة غينيا الاستوائية، خلال قمة الاتحاد الإفريقي هناك في يونيو 2014. الأسم الصحيح لبروتوكول مالابو هو "بروتوكول القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي على برلمان عموم إفريقيا"، وهناك بروتوكول آخر يتعلق بالنظام الأساسي لمحكمة العدل الإفريقية وحقوق الإنسان، وهو يعطي المحكمة صلاحيات هامة للفصل في الجرائم الخطيرة جدًّا مثل الإبادة الجماعية. ومن المفارقات أن كل هذه الصكوك القانونية والديمقراطية الهامة يشار إليها عادة باسم عاصمة البلد الذي وقعت فيه، والذي لا توجد فيه بالفعل سلطة قضائية ولا تشريعية حقيقية. عدد قليل جدًّا من الزعماء الأفارقة مستعدون للتنازل عن أي سلطة حقيقية للبرلمانات الوطنية الخاصة بهم، وقد صدقت فقط خمس دول أعضاء هي غامبيا ومالي والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وسيراليون وتوغو، على بروتوكول البرلمان الإفريقي الجديد، وهو عدد أقل بكثير من ال 28 تصديقًا اللازمة لدخوله حيز التنفيذ. أنشئالبرلمان الإفريقي وفقًا للاتحاد الإفريقي في مارس 2004، ويبلغ عدد أعضائه نحو 230 نائبًا، وذلك باختيار برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي البالغة في الأساس 46 دولة، وكان مقره السابق في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ولكن نقلت إلى جوهانسبرغ عاصمة جنوب إفريقيا. كان الهدف من هذا البرلمان هو منح الصوت إلى الشعب الإفريقي في المناقشة واتخاذ القرارات بشأن المشاكل والتحديات التي تواجه القارة، وينتخب أعضاؤه بصورة غير مباشرة، ويفترض أنه يعكس تنوع الآراء السياسية. ظل البرلمان الإفريقي يناقش العديد من القضايا الإفريقية الخطيرة، ولكن دون فعالية حقيقية، وعلى النقيض من ذلك، يتمتع البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، بسلطات كبيرة، وهذا يشمل سيطرته على قدم المساواة مع المجلس الأوروبي وعلى ميزانية الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية. يجتمع البرلمان الإفريقي مرتين على الأقل في السنة لدورة تستمر لنحو أسبوعين تقريبًا، والبرلمان الحالي هو الرابع، ويعقد دورته الخامسة، وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على اعتماد بروتوكول مالابو، هناك شعور بالإحباط إزاء العجز السياسي المستمر، وقد أصبح هذا الأمر ملموسًا. لم يتمكن البرلمان الإفريقي من إنفاق الأموال المخصصة له بشكل صحيح، وفي الأسبوع الماضي، انتقدت لجنة مراجعة الحسابات العامة برنامج البرلمان وتنفيذه للضوابط الملائمة وعدد التجاوزات في الميزانية والتفاوتات. لم يتمكن البرلمان الإفريقي من تحقيق دوره التشريعي، وحتى داخل الحدود الضيقة يشكو أعضاء البرلمان من الإحباط. يعمل البرلمان الإفريقي على خطط ومشاريع ضعيفة، حتى إن اقتراحات البرلمانيين بها نوع من اليأس وعدم العقلانية، وقد اقترح بعض المشرعين الأوغنديين في هذه الدورة مراجعة بروتوكول مالابو، وحذف الأجزاء غير المستساغة للدول القومية. المقال من المصدر: اضغط هنا