سلطت ” لوس أنجلوس تايمز ” الضوء أكثر على واقعة محاكمة الناشطين الستة عشر الموظفين في منظمات حقوق الإنسان، معتبرة أنه لأول مرة منذ ثلاثين عاما توضع المساعدات الأمريكية 1.3 بليون سنويا إلى القاهرة تحت المناقشات الجادة على عكس ما يحدث في مصر فلا مناقشات حول هذا الموضوع، ووفقا لأحدث استطلاعات مؤسسة جالوب أن مصر لم تعد راغبة في المعونات الأمريكية . يرى الكاتب أنه ” في مرحلة ما بعد مبارك أثارت مصر الأزمة بشكل متعمد بين البلدين” ويضيف “أن الهجوم القانوني على المنظمات غير الحكومية والعاملين بها هو مجرد عارض من أعراض المشكلة التي هي أكبر وأكثر خطورة وهي ما يفعله المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمون والحكومة من احتضان الشعبية المعادية لأمريكا” ويضيف الكاتب” أن هذه الأجواء الجديدة تترك إدارة أوباما والكونجرس أمام بعض الخيارات الصعبة، يمكن لواشنطن أن توظف الخيار النووي أو تقطع المساعدات وتختبر معاهدة السلام الموقعة بين مصر وأمريكا 1979 أو تستمر في دعم دولة غير مستقرة وتزيد في عداوتها آملة في أن تترسخ الديمقراطية” ولكن الكاتب يرجع ويؤكد أنه “في هذه البيئة فإن احتمالات الديمقراطية في مصر تتضاءل ، والأسوأ أن مصر على حافة أزمة اقتصادية والوضع الأمني فيها متدهور . وبدلا من أن تركز الحكومة على القضايا الاقتصادية والأمنية تفعل غير ذلك، فالحكومة المدنية التي عينها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ركزت على إلقاء التهم للموظفين الأمريكيين في المنظمات غير الحكومية التي تمولها الولاياتالمتحدة وبرزت فايزة أبو النجا محمد كرمز للسياسة الشعبية الجدية في مرحلة ما بعد الثورة” . وتشير” لوس أنجلوس تايمز ” إلى فايزة أبو النجا بأنها كانت المسؤولة عن ملف المنظمات غير الحكومية منذ عقود، وكشفت وثائق ويكليكس عن مدى قدرتها على ” صد ” جهود الولاياتالمتحدة لتعزيز ” الإصلاحات حتى الطفيفة منها ” في مصر ، هذا الموقف من واشنطن يبدو أنه ساعدها في وضعها الجديد ، فهي الوحيدة من بين كبار رفاقها التي استمرت في الحكومة ولم ينزعوها منها” . وطدت أبو النجا موقفها من خلال تعزيز نظريات المؤامرة الفجة ، وأشارت إلى دور الولاياتالمتحدة في حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها مصر ، وأنها متورطة في أنشطة تخريبية . وترى ” لوس أنجلوس تايمز ” أنه بعد 30 عاما و66 مليار دولار في تمويل الولاياتالمتحدة، هذه الاتهامات بالتخريب للولايات المتحدة هي إهانة لها ، بينما تقول أبوالنجا أنها ترتدي هذه القضية ” وساما على صدرها ” وتفسر الصحيفة ذلك على أنها ترى شعبية لها في ضرب أمريكا وإلقاء اللوم على الأيدي الأجنبية وتضيف الصحيفة ” وهذا ما يفعله الإسلاميون ” وتشير ” لوس أنجلوس تايمز ” إلى مواقف الإخوان المسلمين مما حدث ، فمسئول كبير في جماعة الإخوان نشر خطابا مفتوحا يحتج فيه على المؤامرة ” الأمريكية الصهيونية ” وحذر من أموال الولاياتالمتحدةالأمريكية تتوجه إلى ” مؤسسات مشبوهة ” ، واتهم حزب النور السلفي ” ابن عم جماعة الإخوان ” كما تصفه الصحيفة ، اتهم المنظمات غير الحكومية الأمريكية بأنها تسعى إلى ” إثارة الفتنة بين الإخوان والسلفيين ” ولاحظ أحد المسؤولين في حزب النور استنادا لمستندات المحكمة أن موظفي المنظمات غير الحكومية يمكن اعتبارهم جواسيس . وتعرض الصحيفة لموقف خيرت الشاطر الذي يرى ضرورة استمرار تدفق الدولارات إلى مصر، وأشار في واشنطن بوست أن دعم الولاياتالمتحدة لمصر بمثابة ” تعويض عن دعم أمريكا لديكتاتورية وحشية لسنوات عديدة ” وحذر الشاطر من أن قطع أمريكا للمساعدات قد يؤدي إلى تغيير مصر لشروط معاهدة السلام مع إسرائيل . ويرى شينقر أن الشاطر يتسم بالبراجماتية فبسبب سوء الوضع الاقتصادي مصر لا تستطيع مصر أن تتحمل خسارة التمويل الأجنبي ، ومع ذلك الإخوان لا يريدون أن يبتعدوا خطوة من جمهورهم، فالشاطر يسعى إلى معاداة واشنطن والحفاظ على المعونة في نفس الوقت . ويرى الكاتب أنه سيان إذا ما كانت حالة كراهية الأجانب تستند على أيديولوجيا أو يتم اللجوء إليها من أجل الشعبية وتحويل الأنظار عن الأوضاع المتردية في الوطن ، فأمريكا ليس لديها ما تقوم به في هذه القضية لتغيير ” الديناميكية الثنائية ” . وتخلص ” لوس أنجلوس تايمز ” إلى أن المسيطرين على مصر اليوم ائتلافات من السلطة العسكرية والثيوقراطيين الطموحين الذين ينظرون إلى أمريكا بعين الشك ويفضلون أن يواجهوا التحديات الضخمة في الداخل باللجوء إلى الشعبية في عدائهم لأمريكا. وبالرغم من أنه يمكن التوصل إلى حل لهذا الخلاف بشكل خاص إلا أن هذه الديناميكية الثنائية تؤكد أن الأزمة القادمة ليست ببعيدة .