* الصحيفة: الدستور المقبل سيكون الوثيقة الأولى المتفق عليها نسبيا بعد تحكم السلطة والنخبة الضيقة المحيطة بها ترجمة – عبدالله صقر: في مقاله الأخير بالجارديان، يوضح الكاتب ناثان ج.براون أنه مع اقتراب البرلمان من اختيار لجنة وضع الدستور، ينصب اهتمام الشعب المصري لأول مرة على عملية وضع الدستور، إذ أن معظم التعديلات السابقة على الدساتير في مصر كانت تتم في الخفاء ولخدمة الحكام. فبعد سنة من إسقاط نظام مبارك، يبدأ المصريون اكتشاف الاختلاف الذي آل إليه الوضع. فالإيمان، الأيديولوجية، درجة التدين، والمساواة بين الجنسين، أمور جعلت المصريين يرون المجتمع بشكل مختلف للغاية، وتطوير الرؤية حول المسار الأفضل للتحول الديمقراطي. ويواصل معظم المصريون مطالباتهم برحيل المجلس العسكري وابتعاده التام عن السياسة، ويري البعض أن الثورة فرصة لزرع الممارسات الإسلامية بشكل أكثر عمقا في الحياة اليومية، ويخشى البعض من خطر التحول إلى مجتمع علماني، فيما يستاء البعض الآخر من الاضطرابات الكثيرة التي جلبتها الثورة للمجتمع المصري. ويؤكد الكاتب على أهمية عمل جميع هذه التوجهات معا لبناء الهيكل الأساسي للحياة السياسية خلال صياغة الدستور. حيث ستكون هذه هي الوثيقة الأولى المتفق عليها نسبيا بعد الحال القديم من تحكم السلطة والنخبة الضيقة المحيطة بها. ويتساءل الكاتب عن ما سيحتاجه المجتمع للوصول إلى مجتمع متنوع ومسيس، يتابع ويشارك في وضع القواعد الأساسية للسياسة، وعن كيفية تحقيق هذا بطريقة ديمقراطية. وقال: ستتجه الأنظار العالمية، والمحلية أيضا، مباشرة إلى البنود الخاصة بالدين. فمنذ عام 1980 والدستور الحاكم يتضمن بند “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”. وقد بدأ الجدل بالفعل عن ما إذا كان التعديل سيخفف أم يشدد الرقابة من تلك العبارة. ولكن ما يغيب عن الكثير من المهتمين بهذا الأمر هو أن الصيغة الدستورية عامة للغاية في معظم الأحيان. أيا كان ما ستكون عليه العبارة فلن تشكل الكلمات فارقا، بل الفارق هو من سيكون مخولا لتفسير أو تنفيذ ما تحمله الكلمات. هذه هي النقطة إلى يجب التركيز عليها، الدستور الفعال ليس بمجرد صياغته الشاملة، بل يجب أن يحدد أيضا لكيفية اتخاذ القرارات. ويوضح الكاتب أنه على المصريين التعامل مع مشكلتين. الأولى، في ظل نظام ديمقراطي، يتم وضع السياسات من قبل الأغلبية، ولكن من الذي يتحدث عن الأغلبية؟!.. من المرجح أن المصريين سيبنون نظاما فيه برلمان منتخب ديمقراطيا، وأيضا رئيس منتخب. ولكن كيف ستعمل السلطتان معا؟ وكيف تراقب بعضها البعض؟.. وقد يؤدي خوف المصريون من عدم الاستقرار الذي يمكن أن يجلبه النظام البرلماني، خاصة مع عدم وجود أي حزب مهيمن يتطلع إلى الرئاسة، إلى الرغبة في تقليص دور أي سلطة خاصة بعد فترة طويلة من استبداد الرئاسة. المشكلة الثانية، أن العاملين بجميع أنواع الهياكل الحكومية، كالسلطة القضائية والمساجد والصحف المملوكة للدولة، سعوا للاستفادة من الثورة للتملص من سيطرة السلطة عليهم. ودعمت معظم الجهات السياسية الفاعلة قضايا استقلال القضاء وحرية الفكر والتعبير. لذلك، يجب على المصريين أثناء وضع الدستور مراعاة موقع هذه المؤسسات الحيوية من العملية السياسية. وقد تبدو هذه الصراعات تقنية، ولكن يلوح في الأفق أنها ستكون محل النقاشات في الأشهر المقبلة. ويؤكد الكاتب في نهاية المقال على أنه بالرغم من أن الكثير يركزون على التوتر القائم بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين، وبين الإسلاميين وغير الإسلاميين، وبين الهياكل السياسية المدنية ومؤسسات الدولة الأمنية، وبين الطرق الاستبدادية القديمة والطرق الجديدة المراد استخدامها. ولكن يجب ألا يغفل الجميع عن القضايا الحالية الأهم، بين القوي السياسية والسيادة الشعبية، والديمقراطية والبيروقراطية من جهة، والخبرة والكفاءة المهنية من الجهة الأخرى.